أكد رئيس "المؤتمر الشعبي اللبناني" كمال شاتيلا أن التطرف يستهدف المسلمين قبل المسيحيين، مشيراً إلى أن طريق الإنقاذ يمر عبر التمسك بالمواطنة الشاملة والعروبة الحضارية، داعياً الفاتيكان والمراجع المسيحية لممارسة الضغوط على الحلف الأطلسي لوقف دعم المتطرفين والتخلي عن مشروع الأوسط الكبير.
وفي بيان له، أوضح شاتيلا أن أي دعوات لحماية أجنبية للمسيحيين أو طرح أفكار كانتونية تقسيمية تسهم في تدمير الوجود المسيحي ولا تحقق له الحماية والإنقاذ، معتبراً أن قوى التطرف المسلح تتحرك بخلفية تكفير المجتمع الذي يتكوّن من أغلبية إسلامية في كل البلاد العربية، وهذا التكفير يستند منذ الخمسينيات إلى الأخواني سيد قطب ومرجعه الباكستاني أبو الأعلى المودودي، ويعتبر كل المسلمين إما مردتين أو جهلة أو كفار، مؤكداً "أننا لا نستغرب قتل المتطرفون علماء مسلمين وتدمير مساجد وأضرحة وإضطهاد المسلمين أولاً في كل منطقة أو مدينة يسيطرون عليها سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا.
ولفت الى أن عمليات استباحة المسيحيين في سوريا والعراق ومصر هي جزء من الحالة التكفيرية العامة للمجتمع، خاصة وإن هذا التطرف يتولى بالنيابة عن الأميركيين تقسيم البلاد العربية الى كانتونات واستدعاء التدخل الأجنبي بأفعالهم الارهابية وهم يرفعون شعار مواجهة الاستعمار، مشيراً الى أن قتل وتهجير الأشوريين المسيحيين في سوريا مؤخراً، بعد استباحتهم في العراق، يضيف مأساة أخرى للأمة، موضحاً أنه إذا كان المتطرفون يُعبّئون الشباب المسلم على أنهم حالة دفاع عن الاسلام في مواجهة الغرب، فان مواجهة مشاريع الغرب لا تكون بالامتناع عن مواجهة العدو الاسرائيلي والقيام بتسهيلات تقسيمية للأوطان كما يسعى مشروع الاوسط الكبير الاميركي.
وأكد شاتيلا أن "مواجهة العدو الصهيوني تستدعي تعاون عربي اسلامي لنصرة قضية فلسطين وتعزيز الوحدات الوطنية وإحداث تكامل دفاعي عربي يحمي الأمن القومي من التدخل الأجنبي"، معتبراً أنه اتضح بالتجربة أن مشروع الاوسط الكبير التقسيمي يعمل على تغييرات ديمغرافية، ومنها ضرب الوجود المسيحي في الشرق والذي كان بدايته تهجير المسيحيين من فلسطين على أيدي الإسرائيليين في الاربعينيات، مشيراً الى أن قوى الأطلسي متورطة في دماء المسيحيين والمسلمين معاً نتيجة لمشروعهم الجهنمي.
وأكد انه خلال قرون من قيام دول اسلامية في المنطقة منذ نحو ألف وأربعمئة عام، لم يتم اضطهاد المسيحيين بل تمت المحافظة على حرية معتقدهم ووجودهم، مشيراً الى أن العرب في العصر الأموي هم من حافظ على الوجود المسيحي وحقوقهم عندما هرب الموارنة إلى شمال لبنان خوفاً من الإضطهاد البيزنطي لانهم رفضوا المفهوم اللاهوتي البيزنطي للدين المسيحي.
واعتبر شاتيلا أن ما يقوم به التطرف المسلح هو ترجمة متكررة لهجمة المغول ضد سوريا والعراق، ولا سند ديني له، ولا قياس تاريخي لتصرفات الدول الاسلامية مع المسيحيين، لافتاً الى أن الفاتيكان يتحمل مسؤولية أساسية في امتناعه عن ممارسة الضغوط الفعالة على دول الاطلسي، فليس المطلوب إيواء المسيحيين المهجرين الى الغرب ولا فقط تقديم مساعدات لهم، إنما المطلوب على صعيد كل الاطارات المسيحية العالمية أن تمارس ضغوطها على الولايات المتحدة لايقاف تطبيق مشروع الاوسط الكبير ووقف تقديم المساعدات لقوى التطرف من جانبها ومن جانب قوى اقليمية مرتبطة بالاطلسي، ووقف دعمها الأعمى لاسرائيل.
وأشار الى أن "انخراط المسيحيين العرب في مواجهة العدوان الصهيوني والاندماج في مجتمعاتهم ورفض كل أنواع التدخل الاجنبي في الشؤون العربية والتزام تعزيز الوحدات الوطنية، يساهم في الحفاظ على الوجود المسيحي بل والدور المسيحي الذي تُسجل له مآثر كبرى في خدمة القضايا العربية"، لافتاً الى أن كل دعوة تطلق لحماية أجنبية للمسيحيين أو طرح أفكار كانتونية تقسيمية في لبنان او سوريا او العراق او غيرها، هي بمثابة إضافة للزيت الحارة على النار، وهي تسهم في تدمير الوجود المسيحي ولا تحقق حماية ولا إنقاذاً، كما دلت جميع التجارب التاريخية، مشدداً على أن التمسك بالوطنية الشاملة وبالعروبة الحضارية الجامعة هو الطريق الوحيد لانقاذ كل الامة وليس المسيحيين فقط.