رسَمَت نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت حكومة يمينية متطرفة في تل أبيب علامات استفهامٍ جديدة حول تداعياتها في الداخل الفلسطيني، في ظلّ مخاوف من أن تستغلّ الحكومة الجديدة المرتقب تشكيلها حالة الانقسام الفلسطيني، بل إمكانية أن تُمعِن في سياسة الاستيطان والتهويد، فضلاً عن "ليّ ذراع" الشعب الفلسطيني خصوصاً في ملف الإعمار.
ومع استمرار انسداد الأفق السياسي وعملية التسوية بالنسبة للسلطة الفلسطينية، ترى حركة "حماس" التي توقعت الأسوأ من الحكومة الجديدة، أنّ السلطة الفلسطينية مطالبة بتغيير نهجها واستراتيجيتها مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما يرى آخرون أن القيادة الفلسطينية في حالة اشتباك مع الاحتلال.
لتغيير الاستراتيجية
في هذا السياق، اعتبر القيادي في حركة "حماس" يحيى موسى أنّ اختيار الإسرائيليين لبنيامين نتانياهو يؤكد أن المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو مزيد من التطرف والعنصرية والإجرام، لافتاً إلى أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كانت بمثابة بازار للمزايدة على قتل الفلسطينيين وإبادتهم وطردهم من أرضهم.
وفي حديث إلى "النشرة"، أوضح موسى أن حركة "حماس" تتوقع دائماً من أي حكومة إسرائيلية جديدة سواء كانت يمينية أو يسارية الأسوأ في كل مرحلة، لافتاً إلى وجود "ثوابت واضحة" في السياسة الإسرائيلية عنوانها تهجير الفلسطينيين من أرضهم وعدم منحهم أيّ من حقوقهم وثوابتم الوطنية.
وإذ أكد موسى أنّ أيّ عملية سياسية إسرائيلية جديدة لا تعني الفلسطينيين لأنّ كلّ مخرجاتهم ستكون ضدّهم ومشروعهم التحرري، اعتبر أنّ السلطة الفلسطينية وقيادتها مطالبة بتغيير استراتيجيتها مع إسرائيل، بدلاً مما وصفه "هذا الضياع وغياب أي استراتيجية حقيقية، ما يؤدّي إلى تآكل المشروع الوطني الفلسطيني"، لافتاً إلى أنّ الجميع مطالب بإعادة بناء المشروع التحرري والقيادة الواحدة الناظمة لشعبنا الفلسطيني وفق الشراكة الحقيقية من أجل تحرير فلسطين".
تصعيد المعركة السياسية
وبينما طالب القيادي الحمساوي القيادة الفلسطينية بتغيير استراتيجيتها في التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي، شدّد الناطق باسم حركة "فتح" في الضفة الغربية المحتلة أحمد عساف على أنّ كل مواقف القيادة الفلسطينية تجاه الاحتلال هي جدية، وهي في حالة اشتباك معه.
وفي حديث لـ"النشرة"، أشار عساف إلى أن القيادة الفلسطينية هدفها دحر الاحتلال عن الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة، موضحاً أن القيادة لديها استراتيجية واضحة بدأت منذ أن قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تغيير قواعد اللعبة السابقة وتدويل القضية الفلسطينية.
وأضاف عساف: "من أجل ذلك ذهبنا إلى الامم المتحدة وأصبحنا أعضاء مراقبين وانضممنا إلى مؤسسات الأمم المتحدة وكان آخرها محكمة الجنايات الدولية"، وأشار إلى أن إسرائيل إزاء ذلك تحاول احباط كل الخطوات الفلسطينية، من خلال إجراءاتها العقابية التي تفرضها على الفلسطينيين.
وحول توقعات المراقبين بأن تكون الحكومة الإسرائيلية الجديدة أكثر تطرفاً وقتلاً تجاه الفلسطينيين، قال عساف: "نحن لدينا استراتيجية تصعيد المعركة السياسية التي نخوضها مع الاحتلال من خلال الاستمرار بالتوجه نحو المجتمع الدولي وتعزيز صمود شعبنا على أرضه، وتفعيل المقاومة الشعبية ومقاطعة كل ما هو إسرائيلي".
ماذا سيكون الرد؟
من جهته، توقع عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة أن تستغلّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة المتوقع تشكيلها، حالة الانقسام الفلسطيني، وأن تمعن في سياسة الاستيطان والتهويد واستمرار الحصار على غزة، ولي ذراع الشعب الفلسطيني في ملف إعادة الاعمار من خلال سحب سلاح المقاومة أو التلميح بوقف كافة أشكال المقاومة تجاه إسرائيل.
وفي حديث لـ"النشرة"، لفت أبو ظريفة إلى أنّ الرد الطبيعي على الحكومة الإسرائيلية الجديدة وسياستها المتوقعة تجاه الفلسطينيين، هو بناء استراتيجية وطنية يشارك في صياغتها وإعدادها الكل الفلسطيني، ويكون من ركائزها الأساسية استعادة الوحدة الوطنية، واتمام المصالحة على قاعدة كل الاتفاقيات الموقعة، والاشتباك مع الاحتلال على الأرض، ومن خلال المؤسسات الدولية باكتساب عضوية دولة فلسطين، وإعادة النظر في بروتوكول باريس الاقتصادي والتمسك بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وأضاف: "المطلوب وضع كل قرارات المجلس المركزي الفلسطيني موضع التنفيذ كي نستطيع محاصرة أي حكومة قادمة، وتغليب كل المصالح الوطنية على المصالح الفئوية لأن المشروع الوطني خاسر إذا استمرت الحالة الفلسطينية الحالية على حالها".
أخيراً، يبقى المطلوب فلسطيناً إنهاء الانقسام الفلسطيني وبناء استراتيجية وطنية جامعة للكل الفلسطيني بكل أطيافه وفصائله الوطنية، من أجل مجابهة ومواجهة أفعال وممارسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ومن دون ذلك تبقى الحالة الفلسطينية على حالها دون إحراز أي تقدم أو نجاح في أيِ من القضايا الفلسطينية المصيرية.