اوضحت سفيرة الاتحاد الاوروبي انجلينا ايخهورست ان "اطلاق ايام "التعاون اللبناني - الاوروبي" في 8 و9 أيار، يعني الشركاء الذين تبدلت حياتهم بفضل دعمنا. انها مناسبة نناقش فيها امورا حساسة جدا ولكن بطريقة غير سياسية"، مشيرةً الى ان "المتحدثين هم اصدقاؤنا اللبنانيون الذين يطرحون على الحضور ليس فقط المشاريع التي ينفذونها ولكن ايضا توصياتهم لاوروبا من اجل شراكة افضل، لذا نود ان نرى هذه الامور ضمن عملية السياسة الاوروبية للجوار التي تخضع للمراجعة الآن بعد اطلاقها في برشلونة، وقد يجوز القول اننا نسينا بعض الابعاد في عملنا المشترك، او بالاحرى لم نسلط عليها الضوء في شكل كامل".
وأضافت في حديث للـ"النهار": "ينسى البعض ان تقدما كبيرا أحرز خلال 20 عاما. لا يمكن ان اتحدث عن المستقبل من دون ان اعود الى الماضي. نحاول منذ 1995 المساعدة في مسائل باتت على الطاولة اليوم. عقدت اخيرا اجتماعا مع 10 رؤساء بلديات كبيرة. ومن الطبيعي ان يتحدثوا عن التحديات التي يمثلها وجود لاجئين سوريين، ولكنهم يشيرون ايضا الى مسائل تتعلق بأشخاص غير قادرين على دفع بدلات الطبابة، والى عدم الاهتمام بالعجزة وغيرها. صحيح ان ثمة مشكلة في البنى التحتية والكهرباء والمياه والنفايات راهنا، الا ان عدم التمكن من دفع بدلات الطبابة وسد الحاجة من المازوت كان واقعا على المستوى اللبناني، وقبل الحرب في سوريا، حتى تبين اليوم ان المسائل اختلفت. ابلغني رئيس بلدية، مثلا، ان 56 في المئة من الناس كانوا يعيشون تحت خط الفقر سابقا وقد ارتفعت النسبة الى 86 في المئة"، مؤكدةً "هذه المسائل كانت دائما على "اجندة" الاتحاد الاوروبي. كنا نناقش بالتفاصيل تقارير التنمية البشرية في العالم العربي في بروكسيل. بدت المنطقة جامدة بلا استثمارات بين 2002 و2003 وفيها بطالة مرتفعة وتشنج اجتماعي. وانطلاقا من ذلك خرجنا بخطط عمل مفصلة، فدرسنا الاتفاقات والتشريعات وكيف يمكن ملاءمتها في دولة تعمل. رغبنا في ابراز فكرة انه يمكن ان يكون بلد قريب من الاتحاد الاوروبي من دون ان يكون عضوا فيه. بعدها، ذهب لبنان في اتجاه ازمة اكبر، وعقب اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، حصلت حرب اخرى عام 2006 وخرجتم منها. وجب انتظار عام 2008 ليبدأ لبنان العمل على برنامج اصلاح. وفي الواقع، كان ممكنا تحقيق البرنامج بين 2008 و2011، الا انه لم يكن هناك حكومة خلال نصف هذه الفترة. لنكن صريحين، ان طموحاتنا عالية جدا لكن قدرة البلاد ووسائلها للشروع في كل الخطوات كانت محدودة جدا نتيجة الظروف"، موضحةً "هذا لا يعني ان الرؤية والاتفاقات التي على اساسها اجرينا الاصلاحات كانت خاطئة. على العكس، عندما نقرأ مجددا المستندات التي صدرت عام 2002 و2003 وغيرها نلاحظ انها ما زالت صالحة اليوم. لكن لم تتوافر الوسائل المناسبة وربما في بعض الاحيان الارادة السياسية للقيام بذلك. هناك حاجة في لبنان الى ارادة سياسية على الصعيد الداخلي لتقاسم السلطة في شكل متوازن، غير اننا لا نفقد الامل".
واذ لفتت ايخهورست الى ان "الركائز الثلاث المتمثلة باصلاح القضاء، والاجهزة الامنية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية ما زالت هي هي، وهذه احدى محاسن الاتحاد الاوروبي لاننا نصوب وسائلنا ونطورها في شكل دائم، هو انه وبسبب الحرب في سوريا زاد الفقر اكثر مما كنا نتوقع، كما ظهرت نقاط ضعف النظام الى العيان نتيجة الازمة، واليوم الكل يعلم كيف هي الاوضاع على الارض وفي القرى، علما اننا نعمل مع 585 بلدية فقط، ونحن في صدد التصويب وفقا للاولويات وفي شكل مستمر، المشكلة هي ان للجميع في لبنان حاجات ودور الدولة تلبيتها، كما يجب ان ندعم الحكومة في ذلك.".
ورأت ايخهورسات ان "ما يجعل لبنان في وضع خاص هو الحرية التي يتمتع بها والتعددية وتعايش الجماعات وانتظام الانتخابات. هذه عناصر اساسية لـ"ديمقراطية صلبة"، لافتةً الى انه "في اوروبا عناصر مهمة جدا، ولا نجدها في لبنان، على غرار القضاء المستقل بالكامل والادارة المدنية للجيش والتي تحددها معايير كوبنهاغن للدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. هذا مسار طويل الامد. لا اقول انه يجب الشروع في ذلك اليوم في لبنان، لكن ما اعنيه هو التطلع نحو ديموقراطية صلبة".
وتساءلت: "هل نجح لبنان؟"، موضحةً "انطلاقا مما اسمعه والمعلومات التي اجمعها اقول لا، ليس بعد. انها عملية طويلة الامد، وليست امتحانا نرسب فيه او ننجح. الناس خائفون جدا اليوم من خسارتهم الحرية، التعددية، والتعايش بين الطوائف. كما ان الانتخابات لم تحصل منذ 6 اعوام. هناك خطأ في مكان ما. هذا ما نسعى الى قوله الى القيادة السياسية"، لافتةً الى انه "في الاعوام الماضية ورغم الصعوبات تمكنتم من الحفاظ على خصوصياتكم. لكنها في صدد التآكل وهذا مسيء جدا، لان الناس يعيشون في مناخ من الخوف. نعلم إلامَ تؤدي اليه دولة قائمة على الخوف. هذا لا يوحي بالثقة او يساهم في اتخاذ القرارات. يوحي لبنان بدرجة عالية من الثقة حين يتم التوافق على رئيس للجمهورية ويقول للعالم الخارجي تمكنا من ذلك رغم التحديات. ومن شأن ذلك ان يعطي مؤشرا جيدا على المستوى الداخلي والى الخارج والمنطقة".
وشددت ايخهورست على اننا "تمكنا في اطار مكافحة الارهاب من بناء تفاهم مشترك افضل. الامر يبدو كشعار، الا ان ورش العمل التي اجريناها عن الامن في شباط الماضي، في حضور المنسق الاوروبي لمكافحة الارهاب جيل دو كيركوف نالت تقديرا عميقا. نظريا، نحتاج الى تفاهم مشترك وعندها يمكن رسم سياسات جيدة وبعدها يجب التأكد من تطبيقها"، مشيرةً الى انه "لدينا تفاهم نظري مشترك عن المشكلات وما يجب فعله. هناك ايضا قناعة لدى الدول الاعضاء في الاتحاد لجهة الحاجة الى دعم لبنان في مكافحة العنف المتشدد وزيادة الدعم الى الجيش اللبناني والامن الداخلي والامن العام وحتى الجمارك. ما نقوم به في لبنان اليوم يمثل سابقة. يبلغ مجموع الاموال المرصودة من المفوضية الاوروبية الى الاجهزة الامنية 17 مليون اورو بين 2007 و2014 وهذا يشمل ضبط الحدود".
وعن تخصيص المفوضية الاوروبية 486,2 مليون اورو لاغراض الاستجابة الى ازمة اللجوء السوري"، اكدت ايخهورست ان "رسالتنا في هذا الصدد هي ان ما قام به لبنان استثنائي ويجب ان نواصل شرح ذلك للخارج، تحمل لبنان مسؤولية اضافية"، معتبرةً ان "الخوف هو من بقاء اللاجئين وعدم عودتهم الى بلادهم، وكذلك من ان تتحول الفرص المتاحة امام اللبنانيين فرصا للاجئين. هناك حاجات كبيرة جدا وستتواصل، لذلك يجب ان نواصل دعمنا"، مشددةً على ان "الحل الامثل يقضي بانهاء الحرب في سوريا، وما زلت اعتقد انه عندما تنتهي هذه الحرب ستكون الفرصة متاحة امام اللاجئين للعودة. يجب ابعاد هذا النقاش عن السياسة".