طرحت التطورات الميدانية السورية، في ظل المواجهات بين قوات "حماية الشعب الكردي" وتنظيم "داعش" في مناطق مختلفة، الكثير من علامات الإستفهام حول إحتمال إندلاع مواجهة كبرى في معقل التنظيم الإرهابي في مدينة الرقة، لا سيما بعد الهزائم الكبيرة التي تعرض لها في الفترة الأخيرة، إلا أن قيادته إختارت على ما يبدو الدفاع عبر الهجوم من خلال فتح معارك في جبهات متعددة، مستغلة الإمتعاض التركي من تحرك الأكراد على حدودها، وحملات التحريض التي تشن ضدهم من خلال الإتهامات بالقيام بعمليات تطهير عرقي ضد السكان العرب.
في هذا السياق، تكشف مصادر كردية مطلعة، عبر "النشرة"، أن قوات "حماية الشعب" تمكنت منذ بدء المعارك، بمشاركة من قوات "الصناديد" من شباب عشيرة الشمر، من تحرير 1000 قرية عربية عدا تلك الكردية والأشورية، وشاركت في حملة تحرير تل حميس وتل براك والقرى فيهما. وتوضح أنها في المرحلة الثانية، شاركت في معركة تحرير أكثر المعاقل الإستراتيجية لـ"داعش"، جبل كزوان "عبد العزيز"، والتي كانت الإشارة الكبرى في التوجه إلى نواحي مبروكة وقرى الراواية والدهماء، وصولاً الى بلدة سلوك وانتهاء بالنصر الكبير في بلدة تل أبيض.
وتلفت المصادر إلى أنّ الوحدات الكردية، التي كانت قد حررت مساحة 6500 كلم، قبل تحرير مدينة عين عيسى، باتت تشرف على مساحة حدودية مع تركيا تتجاوز 400 كلم، بحيث أصبحت القوات الكردية على بعد ما يقارب 50 كلم من مدينة الرقة، وبعدها بدأت التقارير الإعلامية تتحدث عن إحتمال إنتقال المعركة إليها، في ظل معلومات عن استقدام داعش لتعزيزات عسكرية من مناطق مختلفة إلى الرقة.
على هذا الصعيد، تؤكد مصادر قيادية في قوات "حماية الشعب"، عبر "النشرة"، أن الخطوات العسكرية المستقبلية غير معلنة، وتشير إلى أن البحث فيها يتم وفق المعطيات والمستجدات التي لا تزال معالمها غير واضحة حتى الساعة.
وفي حين تلفت هذه المصادر إلى أن الهجوم على الرقة يجب أن يكون بقيادة قوات عربية، في مؤشر إلى عدم الرغبة في خوض مواجهات خارج نطاق المناطق الكردية، تؤكد استعداد الأكراد لمساندتها متى تقرر فتح المعركة، إلا أنها تستبعد أن يكون هناك مواجهات في معقل "داعش" في وقت قريب، نظراً إلى أنها تتطلب القيام بالكثير من التحضيرات، لا سيما لناحية إعداد القوات البشرية، والتنسيق مع قوات التحالف الدولي التي تؤمن التغطية الجوية لهذه المعارك.
في المقابل، تعترف مصادر سورية متابعة، عبر "النشرة"، أن تنظيم "داعش" يعاني من تراجع كبير منذ معركة تحرير كوباني بسبب الهزائم التي تعرض لها، وتعتبر أن الطرق باتجاه الرقة باتت الآن معبدة أمام قوات "حماية الشعب"، في حال قررت القيام بالهجوم عليها، إلا أنها تشير إلى أن الإنطلاقة تتطلب المزيد من الوقت.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذه المعركة ستكون الأكبر بين "داعش" والقوات الكردية، نظراً إلى أهميتها الإستراتيجية والمعنوية لدى التنظيم الإرهابي، وتلفت إلى أنها ستكون مختلفة كلياً عمّا حصل في عين عيسى، وتؤكد أن قرار عدم الدخول فيها من جانب الأكراد سيكون مؤشراً خطيراً إلى أنهم لا يرغبون في خوض المزيد من المعارك خارج مناطقهم، ما يعزز الإتهامات لهم برغبة الإنفصال والتقسيم.
في ظل هذه المعطيات، أقدم تنظيم "داعش" على شن هجومين على مناطق ذات أغلبية كردية، الأول على مدينة الحسكة والثاني على مدينة كوباني، في رسالة واضحة بأنه لا يزال يمتلك القوة التي تخوّله فتح معارك في أكثر من مكان، وتكشف المصادر القيادية في قوات "حماية الشعب" أنّ عناصر التنظيم تمكنوا من الدخول إلى كوباني عبر 5 سيارات تحمل أعلام "الجيش السوري الحر"، قدّرت بعض المعلومات أن يكونوا قد دخلوا من الجانب التركي، في حين تأكّد رسمياً أنّ 3 عناصر منهم فروا خلال الاشتباكات إلى الأراضي التركية.
وتشدد هذه المصادر على أن الهجومين على الحسكة وكوباني غير منفصلين عن معركة الرقة، حيث تقرأ فيهما رسالة من التنظيم الإرهابي إلى من يوالونه تهدف إلى رفع المعنويات والتأكيد بأنه لا يزال قوياً، بالإضافة إلى خلق حالة من التشتت في صفوف قوات "حماية الشعب"، وتضيف: "عملياً هو يدافع عن الرقة من خلال فتح معارك في مناطق أخرى".
في المحصلة، ستكشف الأيام المقبلة المزيد من المعطيات المهمة، سواء كان بالنسبة إلى إحتمال خوض الأكراد المزيد من معارك خارج مناطقهم، أو بالنسبة إلى مدى الإنهيار الحقيقي في قوة "داعش"، لكن من المؤكد أن الأميركي سيكون حاضراً بقوة في أروقة صنع القرار من المواجهة أو عدمها.