حتى حينه، لم تظهر مؤشرات بان ازمة الترقيات ذات الصلة بترفيع العميد شامل روكز الى رتبة لواء. امام مخرج لها، فقط تنحصر الازمة برغبة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بضرورة ابقاء روكز داخل المؤسسة العسكرية حاملا فرصة تعيينه يوما قائدا للجيش اللبناني، خلفا للعماد جان قهوجي، كما تنحصر ايضا الازمة برغبات لدى قوى سياسية بضرورة انهاء هذه الازمة وترقية روكز من خلال ايجاد اي صيغة، لكي يقابل ذلك عودة الحياة والحيوية الى مجلس النواب والحكومة، اذا ما اعطي عون اشارة انطلاق العمل فيهما وعودتهما الى دورهما في ظل الفراغ الرئاسي. وفي المجال العملي يواجه مطلب ترقية روكز الى لواء، اشكالية داخل المؤسسة العسكرية، لاعتبار الدوائر القانونية في الجيش اللبناني ان قانون الدفاع الذي يجيز هذه المناصب قد علق العمل به، ولم يعد نافذا، في حين ان ابتكار آلية لترقية عدد من العمداء وبينهم روكز الى لواء لا يمكن ايجادها في سهولة، اذ تشرف لجنة ثلاثية داخل المؤسسة عادة على جدول الترقيات وتعمد قبيل بداية كل عام الى رفع اسماء الضباط المطلوب ترقيتهم على كافة مستوى الرتب العسكرية، بحيث تدرج اسماء ضباط للترقية مع بداية العام استنادا الى سجلهم وتدرج اسماء اخرى للترقية بعد ستة اشهر اي في الاول من حزيران، لكن لم يحصل مرة ان تمكن قائد الجيش اللبناني خارج اطار ترفيعه الجنود ما دون رتبة ملازم عملا بالقانون العسكري، ان تمت ترقية ضباط بقرار ام «بشخطة» قلم، اذ ان الالية لهكذا قرار غير متوفرة وبذلك لا يمكن حاليا للعماد قهوجي ترقية روكز انطلاقا من مبادرة ذاتية الى رتبة لواء، لغياب المراسيم التطبيقية والقانون حيال هكذا اجراء نظرا لغياب هذه الرتبة «الفائضة» من سلم الهرمية ولعدم توفر منصب عسكري محدد لان يتولاه ضابط من رتبة لواء في حال رقي اي ضابط من رتبة عميد الى هذه الدرجة.
وفي ظل هذا الواقع الذي يستعرضه وزير الدفاع سمير مقبل امام زواره ويدفعه للتأكيد بان لا مخرج للامر، عدا عن موقفه السياسي المعادي للعماد عون، وبذلك فان القيادة العسكرية براء من اي تهمة او مسؤولية سلبية، والعماد قهوجي الذي ابقى العميد روكز قائدا لفوج المغاوير ست سنوات، وفق خطوة ايجابية من قبله تجاه العماد عون والعميد روكز، يتابع مقبل، لا يمكن وضع الطابة في ملعبها، بل ان القانون العسكري هو الذي يقطع الطريق على روكز، وهو ايضاً مستعد لذلك من خلال عدم توقيعه على اي قرار بعدم تسريح روكز ليل 14 تشرين الاول الحالي، اذ لا معيار يدفع به لتمييز روكز عن غير ضباط والتمسك به وخلق بلبلة لدى الضباط الذي يتقدمون روكز في الاقدمية والاولوية لتولي قيادة الجيش اللبناني، لا سيما ان ارتباطه العائلي بالعماد عون، عامل يشكل قلقاً من تأثره به عند محطات حساسة لا تتحمل اي خطأ...
ولكن صلة العميد روكز العائلية بالعماد عون، لا تشكل عاملاً مضادا له، وهي لا تسجل عليه، على ما تقول اوساط في تيار المستقبل واللقاء الديموقراطي، اذ ان للضابط روكز مناقبية عالية، لا بل هو ابلغ سياسيين من صلب قوى 14 اذار، اسوة بالنواب مروان حماده، انطوان سعد، الوزير الاسبق شارل رزق ومستشار رئيس تيار المستقبل الدكتور غطاس خوري واخرين، في لقاءات معهم ومع قيادات رفيعة محيطة بكل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط بأنه لا يلتزم الا قرارات الحكومة وهم يذهبون بعيداً في الربط بينه وبين العماد عون ومدى تأثره بتوجيهاته.
لكن رغم رغبة تيار المستقبل بمقايضة احياء المؤسسات لكن بترقية روكز من خلال آلية تمكنه من ان يبقى داخل المؤسسة العسكرية لمدة سنة اضافية، لكن ليس على حساب اي جانب يمس بقائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي تمكن ان يكون ضامنا للاستقرار الامني، ويحافظ على المؤسسة في ظل التجاذبات اذ رغم ذلك، وفي ضوء موقف حزب الكتائب اللبنانية المنطلق من خلفية الحرص على المؤسسة العسكرية في موازاة تقدير رئيسه النائب سامي الجميل لقدرات روكز، لكون ترقية الضباط «شخص» المؤسسة العسكرية.
اذ رغم ذلك فان جهات سياسية على طاولة الحوار، تتمسك بضرورة عدم ترقية روكز وتفضّل مغادرته المؤسسة العسكرية، لكون ترقيته الى لواء معناه بابقائه مشروعاً دائماً لتولي قيادة الجيش اللبناني، وبذلك فان النزاع هذا لن يتوقف، بل سيعمد عون الى احداث ربط نزاع بين العمل الحكومي والمجلسي وبين تعيين روكز... عدا انه سيعود الى مطالبه.
ولذلك تفضل هذه الجهات الفاعلة، ان يخرج روكز من المؤسسة، بعدما تم تصويره وكأنه اكبر من المؤسسة العسكرية، عدا ان البلاد قد تكون يوماً امام تسوية رئاسية، واذا ما اراد عون التجاوب مع هذا المسار الدولي - الاقليمي مقابل جملة طلبات، سيعود ليفرض روكز قائدا للجيش اللبناني على رئيس الجمهورية المقبل، في وقت من حق رئيس البلاد اختيار قائد الجيش لعهده، وكذلك سيضاف مطلب «الزعيم المسيحي» الى مجموعة شروط لها صلة بالقانون الانتخابي الذي يحرر المسيحيين من هيمنة القوى المذهبية الكبرى في البلاد، عدا عن شرطه الدائم بالحقيبة السيادية التي سيتولاها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
اذ في اسقاط روكز من المعادلة تسهيلاً في المستقبل لمسار التسوية بحيث «يقاتل» عون حالياً و«يصرخ» بعد تقاعد روكز عدة اسابيع، ثم ينتهي الأمر، لا سيما ان لا باب قانونياً عسكرياً، ولا حكومياً يجيز لترقية روكز.
ويذهب سياسي في هذه الجهات الى حد القول، «طيب فليأتي العماد عون بالعميد روكز وزيرا للدفاع في المستقبل وليس من الضروري ان يتم توزير باسيل...». عندها ينتقل المشكل الى دائرة عون الضيقة.