أصبحت جلسات انتخاب رئيس للجمهورية التي يدعو اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرّة كلّ شهر، منبرًا لبعض النواب، كي يتراشقوا إعلاميًا، كما أنّه المكان الذي يعترف فيه معظم ممثلي الأمّة بأنّ حلول الأزمات التي يمرّ بها لبنان، ابتداءً من الانتخابات الرئاسية، مرورًا بالتشريع، وصولاً إلى تفعيل العمل الحكومي، أمرٌ صعب، إن لم يكُن مستحيلاً.
في ظلّ هذه الأجواء، ينتظر اللبنانيون جلسة الحوار التي ستُعقَد في عين التينة، لمعرفة ما إذا كان بري سينجح في الحدّ من الخسائر التي يتكبّدها لبنان من جراء تعطيل مؤسساته، وما إذا كانت الأطراف المشاركة في الحكومة مستعدة للتجاوب مع أيّ صيغة تسمح لرئيس الحكومة تمام سلام بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء لبتّ ملفات تخصّ مصالح المواطنين، بعيدًا عن الملفات الخلافية.
من المسلّمات في سياق تفعيل العمل الحكومي، أنّ مكوّنين اثنين هما "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، يرفضان حضور اي جلسة للحكومة، ان لم يكن بند التعيينات الأمنية هو الأول في جدول اعمال المجلس، كما يصران على ابقاء الالية التي اتبعتها حكومة المصلحة الوطنية منذ انطلاقتها، اي ترحيل اي ملف لا يوافق عليه مكونان أساسيان من مكونات الحكومة.
واثبتت الايام والأسابيع القليلة الماضية، ان الاتفاق بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" حول مفهوم عمل حكومة سلام، لا يزال قائمًا، وان تم اختراقه في ملف النفايات، الذي على ما يبدو، لم يتم تخطّيه، ولا يزال وبحسب نواب حضروا لقاء الاربعاء في عين التينة بحاجة الى مزيد من الجهد للانتهاء منه.
اما "التيار الوطني الحر"، فلا يزال، وبحسب مصادره النيابية، في مرحلة التشاور حول إمكانية التجاوب مع اي مسعى جدي لتفعيل العمل الحكومي.
واشارت هذه المصادر الى ان التيار ينتظر مداولات جلسة الحوار يوم الاثنين المقبل، لمعرفة توجه الكتل، وما يمكن ان يعرض على فريقه السياسي، كي يوافق على انطلاقة العمل الحكومي.
واكدت هذه المصادر ان رئيس تكتّل "التغيير والصلاح" العماد ميشال عون لايزال يصر على اتمام التعيينات الأمنية، بما فيها تعيين قائد جديد للجيش، مشيرة الى ان تسهيل العمل الحكومي لا يساعد في تحريك ملف الانتخابات الرئاسية لمصلحته، بعدما أجهِضت مبادرة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لانتخاب رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، وبعدما نجحت خطة الجنرال ميشال عون في جعل قوى "14 آذار" تسلم بمرشح من "8 آذار"، وله حيثية شعبية مسيحية.
لكن مصادر سياسية متابعة رأت ان إقناع العماد عون بتفعيل العمل الحكومي اسهل اليوم بعد ان تقاعد العميد شامل روكز، اضافة الى ان النائب سليمان فرنجية، هو المنافس الرئاسي اليوم، ولم يعد العماد جان قهوجي.
وترى المصادر نفسها ان مفتاح تفعيل العمل الحكومي، لا بد وان يكون من خلال الاتفاق على آلية يرضى عنها عون، لان "حزب الله" هو أصلا من أنصار قيام الحكومة بواجباتها، وتعتقد ان آلية عمل مجلس الوزراء، ستكون الحل، لان التعيينات الأمنية لم تعد تشكل حجر عثرة، وان كان "التيار" لا يزال يطالب بإجرائها للمضي في عقد جلسات منتجة للحكومة.
لا شك وبحسب مصادر نيابية متابعة ان الجلسة المقبلة للحوار لن تكون جلسة الفصل في ما يسعى اليه برّي اي تفعيل العمل الحكومي، بعد أن وُضع الملف الرئاسي في الثلاجة، وان الامر ربما يحتاج الى جلسة اخرى، كي تتم الصفقة بين رئيس المجلس النيابي والمكوّنات الحكومية، التي ستعيد الأوكسيجين الى رئة الحكومة، ليستعيد السراي الحكومي شيئا من نشاطه.