تتواصل التحليلات السياسية في لبنان حول التطورات الاخيرة في ملف الانتخابات الرئاسية، بعد مبادرة رئيس تيّار "المستقبل" النائب سعد الحريري، التي لم يعلنها رسميا بعد بترشيح تياره لرئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وإعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تبنيه ترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون.
وذهب البعض الى وضع البوانتاج واحتساب تعداد الأصوات التي يمكن ان ينالها كل من المرشحين، عندما يحين موعد الاقتراع في المجلس النيابي النيابي.
ان معظم ما كتب وما قيل في هذا السياق بقي في إطار التحليل، ولم يستند الى معلومة واحدة، او معلومات مؤكدة، حول موقف عواصم القرار المؤثرة في الحياة السياسية اللبنانية، كالمملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران، والعاصمة الأميركية واشنطن.
كانت قطر عبر وزير خارجيتها خالد العطية الدولة الخليجية والعربية الوحيدة التي رأت ان ترشيح جعجع للعماد عون يَصب في مصلحة لبنان، دون معرفة خلفيات هذا الموقف، وعما اذا كان بالتنسيق مع دول مجلس التعاون، او انه قرار قطري نابع من نظرة هذه الدولة الى التطورات الاخيرة في لبنان، وهي التي استضافت مؤتمر الدوحة الذي أتى بميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
في هذا السياق، اعتبرت مصادر سياسية رفيعة المستوى ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس "تيار المردة" سعد الحريري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط يؤيدون ترشيح فرنجية، مشيرة الى ان هذا الموقف لن يسهّل اجراء العملية الانتخابية في الجلسة المخصصة للانتخابات الرئاسية في الثامن من شباط المقبل.
ورأت هذه المصادر ان ما حصل في معراب الإثنين الماضي لن يغير شيئا في واقع الحال، لانه لا يوجد بعد تفاهم إقليمي حول اعلان جعجع دعمه للجنرال عون.
وانطلاقا من هذا الواقع، لفتت المصادر نفسها الى انه لا يوجد توافق داخلي حول الاستحقاق الرئاسي، وهذا يعني ان سليمان فرنجية لن يسحب ترشحيه، طالما انه يحظى بتأييد هذه القوى الثلاث.
ورأت ان هناك لغطا حول الأسباب التي دعت الحريري الى ابلاغ فرنجية في اللقاء الذي جمعهما في باريس منذ حوالي شهرين تأييده له، حيث تردد ان رئيس "تيار المستقبل" عرض على فرنجية 8 شروط لتأييده، فوافق عليها كلها في اقل من ساعة. في المقابل، قال رئيس "تيار المردة" انه لم يوافق على اي شيء لأنه في الأصل لم يكن هناك اي شروط.
اما في ملف اعلان جعجع تبنّي "القوات اللبنانية" ترشيح العماد عون، فهناك ورقة من عدة بنود اعتبرها كل من جعجع وعون برنامجًا انتخابيًا كافيًا لحصول توافق وإجماع كل القوى تمهيدًا للنزول الى البرلمان والاقتراع للجنرال.
وترى مصادر نيابية ان كل ما جرى سواء على صعيد مبادرة الحريري او ترشيح جعجع لعون، ليس كافيًا في غياب الاتفاق على سلة متكاملة بين الأطراف الاساسيين اي "حزب الله" و"المستقبل" والقوى المسيحية حول قانون الانتخاب ورئاسة الحكومة والتعيينات في مراكز الدولة الحساسة.
وتعتقد المصادر نفسها ان الصورة لم تتضح بعد حول كل هذه الامور وان كانت بعض المواقف الداخلية حركت الاستحقاق الرئاسي الذي سيبقى على ما هو عليه من تجاذبات بين الفريق المؤيد لفرنجية والآخر المتعاطف مع الجنرال، بانتظار ما اذا كانت الدول الإقليمية ستتمكن من ترتيب صيغة توافقية تبعد عن واحد من الاثنين كأس خسارة السباق نحو المركز الأول في الدولة اللبنانية.