منذ نشرها في الأسواق بداية شهر تموز الحالي، نالت لعبة "بوكيمون غو" شعبية كبيرة في مختلف أنحاء العالم، ولاقت انتشاراً واسعاً على الهواتف المحمولة، وبدأت التكهنات حول "أهدافها الشيطانية". وتصدّر تطبيق لعبة "Pokemon GO" أرقام التنزيل على متجري "آبل ستور" و"غوغل بلاي" بعد وقت قصير على إصداره.
يسير اللاعبون في اللعبة حول أماكن في الواقع لملاحقة واصطياد شخصيات كرتونية افتراضية على شاشات هواتفهم المحمولة. وتنتمي "بوكيمون غو" إلى ألعاب الواقع الإفتراضي وتعتمد على خدمات "غوغل" في التعقب عبر الخرائط، وتستخدم تقنية "جي بي إس".
"انها مؤامرة"، هكذا يمكن اختصار آراء عدد من الشعب اللبناني وتعليقاتهم على هذه اللعبة. وبدأت التكهنات عن الهجوم الاستخباراتي والأمني الأميركي وانطلقت الدعوات لمقاطعتها ونظريات الأمن الالكتروني. لكن هل نحن في مأمن من هذه الاختراقات الأمنية حتى نخاف منها؟
يستبعد مهندس البرمجيات عباس سلامة، في حديث مع "النشرة"، أن يكون الهدف من اختراعها استخباراتياً، مؤكداً أنه "يمكن لمخترعيها استخدام البيانات التي يحصلون عليها بطريقة أمنية واستخباراتية وكل مكان يسمح لهم باختراقنا سيقومون بذلك، الا ان الأكيد أن هدفها الأساسي ليس استخباراتيًا".
ويرى سلامة أن "مرحلة اختراقنا الأمني قد باتت من الماضي، فكلّ بياناتنا ومعلوماتنا متاحة لهم من خلال الهواتف الذكية ومن خلال التطبيقات الأخرى وأبرزها فايسبوك"، مضيفاً: "قمنا من باب الحشرية بالاطلاع على الـcoding الخاص بهذا التطبيق وطريقة برمجتها محترفة جداً ولا يمكن لأحد القول انها صُمّمت للاختراق الأمني، فأسرار هذه اللعبة تكون في شيء يسمى "backdoor" في التصميم ولا يمكن لأحد الدخول عليها الا مصمم اللعبة".
وإذ يشدد سلامة على أن الـ"facebook" هو التطبيق الأخطر على الأمن الشخصي، يسأل: "انت في ذروة الاختراق الأمني، فكيف يمكننا القول أن هذا التطبيق هدفه الاختراق؟" ويضيف: "الجميع خائف من امكانية التصوير والحصول على صور اماكن محددة، الا ان هذه الصور يمكن التقاطها من دون علمك عبر الهاتف الذكي الذي تحمله، إذاً الهاتف الذكي هو أول خطوة للاختراق الأمني إذ يمكنهم التحكم والوصول إلى كل المعلومات بداخله من دون اذنك، خصوصاً مع خاصية الـfinger print".
وفي هذا السياق، يوضح المبرمج جهاد كنعان، في حديث مع "النشرة"، أن "finger print" تضع كل البيانات الشخصية مع خصائص الهاتف وكل المعلومات في code واحد، حيث كل شخص لديه رمز واحد لو غيّر التطبيقات أو غير هاتفه المحمول، ويتساءل "أليس هذا اختراقاً أمنياً أكبر؟"
وإذ يعتبر كنعان ان "هذه الخاصيّة هي من اهم وسائل الاختراق"، يتساءل "أي عملية أمنية تكون سريّة دون أن يشعر بها أحد، فكيف يمكن لعملية أمنية أميركية، حسب تعبير البعض، أن تكون بهذا الوضوح وتخلق علامات استفهام كبيرة؟ ولمن يقول أن هدفها الاختراق الأمني، هل نحن محميون أساساً؟" ويردف: "على كل شخص يريد التكلم عن الأمن الالكتروني ألاّ يحمل هاتفاً أصلا".
ويجمع كنعان وسلامة على أن "الهدف من هذا التطبيق أكبر من استخباراتي، فالهدف الاعلاني وجمع الداتا الاعلانيّة أهم من الداتا الامنية لأنها اصلا باتت كلها لديهم، فنجد كيف أن بعض المحال التجارية اعتمدت في تسويقها على نشر صورة لأحد "البوكيمونات" في محلها ودعت الناس للحضور والتقاطه. كما أن لهذا التطبيق بعداً اجتماعياً عبر خلق بعض الاشكالات بين الناس على خلفية التقاط البوكيمون كما شاهدنا في العديد من الدول الغربيّة".
ويؤكد سلامة أنه "لو كان من هذا التطبيق أي خطر أمني على المواطن لكان مكتب الجرائم الإلكترونية وحماية الملكية الفكرية في قوى الأمن الداخلي قد حذّر اللبنانيين منه ولو وجدوا خطراً فيه لحجبوه عن لبنان"، خاتماً "ان الهدف الاجتماعي والاقتصادي له هو أكبر وأهم من الهدف الاستخباراتي بالنسبة لأميركا والغرب".
يحاصرنا الاختراق الامني من كل مكان إذا، وباتت أغلب بيانات كل متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي وحاملي الهواتف الذكية عند مخترعيها عند الاستخبارات العالمية. وبالتالي، لن تضيف المعلومات الجديدة لتطبيق الـ"بوكيمون غو" أي جديد لـ"بنك المعلومات الأميركي". إلا أن الخطر الاجتماعي والثقافي كما يبدو هو أكبر من الخطر الأمني، فكيف يمكن مجابهته؟