مهّدت حتى حينه قوى سياسية عدّة ، الطريق أمام التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، حتى أنّ رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ،رغم ترشيحه لرئيس تكتل التغيير والاصلاح الجنرال ميشال عون لا يجعله يتهاون في هذا الملف الامني ،ولم يتوان في إعلان نواياه بتأييده التمديد لقهوجي كمنافس رئاسي للعماد ميشال عون لاستحالة تعيين خلف له. متعاطياً مع هذا الملف كمنطق استراتيجي خلافاً لما شهدته الانتخابات البلدية من محطات تراجع فيها أمام التيار الوطني الحرّ وحملت خسارة للقوات اللبنانيّة.
إذ في هذا الملف العسكري -الأمني، يتساوى كلّ من تيار المستقبل ، حزب الله حركة أمل ، القوات والكتائب وعدة قوى في هذا الخيار، نظراً للدور المناط بالجيش اللبناني ولعدم ترك القيادة في مهبّ الفراغ على غرار الرئاسة ، يملأهُ بالأقدمية كلّ مدّة أحد الضباط، وفي موازاة ذلك جاء اعلان وزير الدفاع سمير مقبل، عن احتمال التمديد لقهوجي ، ليشكل تمديداً استباقياً لقهوجي بتقديمه هذا الخيار لكون تعيين خلف له ، من المستحيلات، نظراً للتجاذب الذي سيفرض بذاته حول أي إسم يُطرح لهذا المنصب.
إذ في منطق مقبل، وفق زواره، يشكّل إخضاع إسم قائد الجيش للتجاذبات السياسية، إضعافاً لهذا المنصب وإجهاضاً لانطلاقة رئيس هذه المؤسسة العسكرية، ولذلك من الأفضل ترك خيار تعيين قائد جديد لرئيس الجمهورية المقبل الذي من حقّه اختيار قائد الجيش العتيد. يتابع مقبل أنّ الوقت غير مناسب لوضع قيادة الجيش على محكّ الفراغ واستمرار قائد الجيش في موقعه إثر التمديد له وهذا لا يعني تحدياً للعماد ميشال عون، الذي يتوجّس من التمديد لقهوجي لاعتباره منافساً رئاسياً له، لأنّه متى كان لا بدّ من انتخاب رئيس المؤسسة العسكرية لتولّي رئاسة البلاد معناه أنّ ثمّة تقاطعاً دولياً - إقليمياً - محلّياً لإنجاح هذا الخيار، ولا يمكن لأي قوى محلية تعطيله حينها.، بحيث يمكن القول أن ما يعيق عون من دخول قصر بعبدا ليس قهوجي إنّما اعتبارات عديدة تتوزّع بين الداخل والخارج.
ويعتبر وزير الدفاع، وفق ما ينقل عنه، بأنّ ثمة فريقاً عسكرياً وأمنياً ناجحاً على عاتقه حالياً ضبط الساحة الداخلية ومواجهة الإرهاب، وعداده حالياً حلقة تضم كل من وزارة الداخلية، قيادة الجيش ، مديرية المخابرات، مديرية قوى الامن الداخلي، مديرية جهاز امن الدولة،مديرية الامن العام، وشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، إذ ان قياداتها يشكلون فريق عمل لا يمكن خرق توازناته وحركته التنسيقية لعدم قدرة البلاد على تحمل ثغرات وإرباكات ولذلك فإنّ التمديد لقهوجي كأحد الخيارات النهائية تأتي بمثابة الحفاظ على إيقاع العمل العسكري - الأمني لمواجهة الإرهاب. ويدلّ ما شهدته بلدة القاع الشهر الفائت على أنّ الجيش اللبناني ومديرية المخابرات حدّا وقيّدا عمل الشبكات والخلايا الإرهابية في الداخل اللبناني، مما حتّم على هؤلاء المجموعات باستيراد عناصر من الخارج فحاول إرهابيو القاع الدخول إلى لبنان من الجانب السوري وهذا يعكس، وفق مقبل، الدينامية الجديدة التي تميّزت بها مديرية المخابرات مع العميد ضاهر، الذي عمد منذ توّليه منصبه لعمليات استباقية باتجاه الإرهابيين لمنعهم من تكوين خلايا تهدّد لبنان بالتنسيق مع سائر الأجهزة الأمنية.
ويستبعد مقبل، وفق ما ينقل عنه زواره، استقالة وزراء التيار الوطني الحر من الحكومة بحيث لن يكون موقف رئيسه الوزير جبران باسيل أكثر من اعتكاف لاعتبارات عدّة بينها عدم وجود مرشّح لقيادة الجيش من قبل هذا الفريق بما يمكّنه من الذهاب في المواجهة حتى النهاية.
ولا يبدي مقبل قلقه من مسألة تعيين رئيس للأركان، لأنّ التيار الوطني الحرّ سيتفهّم ولن يستحدث جبهة مع النائب وليد جنبلاط الذي لا يرفض انتخاب عون رئيساً للجمهورية، اذ منصب رئيس الأركان متلازم مع ثقة قائد الجيش وهو ما يعني أنّه بالإمكان التفاهم داخل الحكومة على ملأ هذا المنصب، في مقابل وجود قوى سياسية عدة تتمسّك بحقّ الرئيس الجديد اختيار القائد الجديد.
وفي سياق الاستحقاقات العسكرية والأمنية، بات واضحا بأنّ رئيس الحكومة تمام سلام ماضٍ بالوكالة والأصالة بقرار شلّ جهاز أمن الدولة لعدم توقيعه على المعاملات التي رفعت إليه بعد أن تقاعد نائب رئيس الجهاز العميد محمد الطفيلي. وباتت الطابة حالياً في ملعبه، وفق أوساط متابعة لهذا الملفّ، في مقابل تلكؤ الأحزاب المسيحية الضائعة بين حساباتها الرئاسية ورغبتها بعدم إزعاج كلّ من الرئيس نبيه بري وسلام، إذ إنّ الفورة التي مارستها القوى المسيحية لم تدم طويلاً، ودلّت على افتقادها للمثابرة، بما جعل من جهاز أمني يترأسه ضابط مسيحي معطّلاً أمام أعين هؤلاء من دون مبادرة أو تحرّك، وعليه سيمرّ شلّ جهاز أمن الدولة بقرار رسمي وغطاء مسيحي في مرحلة تتطلّب استنفار وجهوزية كلّ الأجهزة فلا يعين نائبا للمدير ولا يفرج سلام عن انطلاقته الامنية بعد ان كان تعهد بانهاء الامر بعد شهر رمضان لا سيما ان هذا الجهاز سجلت له انجازات امنية واضحة في ظل التضييق عليه ...