تسارعت التطورات الفلسطينية على الساحة اللبنانية، بشكل مفاجىء وشكلت "صدمة" مع قرار حركة "فتح" تعليق مشاركتها من "اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا" في لبنان، التي تعتبر المرجعية الامنية للمخيمات الفلسطينية بعد "القيادة السياسية الموحدة" وذلك على خلفية جملة من التراكمات بالخلافات بين حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية و"تحالف القوى الفلسطيني" على جملة من الترتيبات والصلاحيات، ما يهدد الامن والاستقرار في المخيّمات حيث كان التوافق يشكل مظلة حماية سياسية لعمل "القوة الامنية المشتركة" التي قرر قائدها في لبنان، اللواء منير المقدح تقديم استقالته ايضا ووضع نفسه تحت تصرف قيادة الحركة في لبنان.
وعلمت النشرة" ان قرار المقاطعة جاء على خلفية تغيّب بعض فصائل "قوى التحالف الفلسطيني" عن اجتماع كان مقررا في سفارة دولة فلسطين في بيروت قبل ايام، ثم مقاطعة ممثليه في "اللجنة الامنية" و"القوى الاسلامية" الزيارة التي قام بها وفد من اللجنة برئاسة قائد الامن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب الى مخيم البداوي شمالا الاحد وفقا لما كان متفقا عليه سابقا، والذي شهد مؤخرا بعض الاشكالات الأمنية المسلحة، بهدف بحث امكانية تنشيط القوة الأمنية المشتركة التي تم تشكيلها في المخيم في وقت سابق بهدف منع التوتير.
واكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اجتماعا مصغرا عقد في مقر سفارة فلسطين في بيروت وشارك فيه عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، وامين سر الساحة في لبنان فتحي ابو العردات، قائد الامن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب ومسؤول الامن وحماية التنظيم رئيس المالية اللواء منذر حمزة، واتخذ فيه قرار تعليق المشاركة لحث كل الاطراف الفلسطينية على تحمل مسؤولياتها كاملة وعدم القاء الثقل على الحركة مع ما تدفعه من نفقات مالية.
واشارت المصادر، ان باقي فصائل "المنظمة" المشاركة منها في "اللجنة الامنية" و"القوة الامنية" علقت المشاركة فيهما انسجاما مع قرار حركة "فتح" حيث تلاحقت الاجتماعات المصغرة والاتصالات لاعادة رأب الصدع ولملمة الموقف خشية من دخول طابور خامس على خط استغلال الخلافات لتوتير المخيمات، وخاصة عين الحلوة الذي يعاني اصلا من "الأمن الهش"، وكي لا تشكل هذه الخلافات مقبرة لـ"المنظومة الامنية" التي رفعتها اللجنة ذاتها بتكليف من "القيادة السياسية الموحدة" الى قيادة الجيش اللبناني" كبديل عن استمرار بناء الجدار الاسمنتي قبل ان تبصر النور.
وابلغت مصادر اسلامية فلسطينية "النشرة"، ان "القوى الاسلامية" الفلسطينية وتحديدا أمير الحركة الاسلامية المجاهدة والناطق الرسمي باسم "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ ابو شريف عقل، دخلت على خط الوساطة بين "المنظمة" و"التحالف"، واجريا عدة اتصالات للتهدئة، على أمل ترتيب لقاء قريب لاعادة معالجة الموضوع ورأب الصدع.
ابو عرب والتراكمات
وأوضح اللواء ابو عرب "النشرة" ان حركة "فتح" علقت مشاركتها من "اللجنة لعدة اسباب وتراكمات وليس فقط بسبب مقاطعة ممثلي "تحالف القوى الفلسطينية" و"القوى الاسلامية" الزيارة التي قام بها وفد من اللجنة الى مخيم البداوي شمالا حسب الاتفاق المسبق، داعيا جميع الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية إلى الارتقاء وجعل المصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني متقدمة على كل المصالح الفئوية والفصائلية، وعدم الإصطياد في الماء العكر هنا وهناك للتهرب من المسؤوليات التي يطالبنا بها شعبنا"، معلنا أن قيادة الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح و"المنظمة" في لبنان، ستعيد ترشيد الإمكانيات المادية التي تقدمها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" لحفظ أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، بما يخدم تحقيق هذا الهدف والمهمة، وبناء عليه سيتم النظر في مختلف الإحتياجات التي يتطلبها حفظ أمن واستقرار مخيم البداوي والمخيمات الفلسطينية الأخرى.
وشدد ابو عرب بأن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية متمسكتان بالعمل الوطني المشترك، على قاعدة الإحترام المتبادل، واحترام القرارات التي تتخذ في مواجهة أي قضية او حدث أمني يحصل داخل المخيمات، والإبتعاد عن إزدواجية المواقف وازدواجية المعايير في في معالجات القضايا الأمنية"، مؤكدا على أهمية الحفاظ على المخيمات الفلسطينية، باعتبارها عنوان لحق العودة، والحفاظ عليها يبدأ أولاً بالتصدي للعابثين بأمنها، أو الإضرار بالعلاقة الطيبة التي تربطها مع الجوار اللبناني الشقيق، خاصة في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية وفي القلب منها قضية اللاجئين الفلسطينين، وحق العودة،من قبل العدو الصهيوني وحلفائه".
مواقف فلسطينية
وعلقت "جبهة التحرير الفلسطينية" مشاركتها من "اللجنة" ومن "القوة الامنية الفلسطينية المشتركة" في مخيم عين الحلوة، واعتبر عضو مكتبها السياسي صلاح اليوسف ان ذلك يضاعف من مسؤولية الجميع في الحفاظ على امن المخيمات واستقرارها من اي اختراق.
كما فعل "حزب الشعب الفلسطيني"، وقال مسؤوله في لبنان غسان ايوب ان اي "لجنة امنية" لا تشارك فيه حركة "فتح" وبزخم لا جدوى منها، داعيا فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" الى اعادة النظر في تشكيل "القوة الامنية الفلسطينية المشتركة" في مخيم عين الحلوة والامكانيات المالية التي تقدم لها بما يحفظ أمن المخيم واستقراره كما باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان.
بينما دعت "الجبهة الديمقراطية"، القيادة السياسية الى عقد اجتماع عاجل لتقييم تجربة اللجنة واعادة تشكيلها على اسس سليمة تضمن تفعيل دورها وتعزيز قدراتها لحماية أمن واستقرار المخيمات والحفاظ على الموقف الموحد الذي يصون المصلحه الفلسطينية ووضع مصلحة الشعب الفلسطيني وأمن المخيمات في قائمة الاولويات للوصول الى حلول سليمة تضع حدا لكل العابثين بأمن واستقرار مخيماتنا".
ووصف عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني جمال خليل قرار تعليق المشاركة في اللجنة والقوة الامنية المشتركة بـ"الموقف المتسرع" وعدم التشاور يتيح للعابثين المزيد من العربدة والتخريب.
وعلم انه في إطار المتابعة للجهود التي تُبذل مَن أجل الحفاظ على المخيّمات الفلسطينية في لبنان، إستقبل القيادي في حركة "انصار الله" الـحـاج مــاهــر عويـّد وفداً مَن تحالف القوى الفلسطينية، حيث أكد الطرفان على إعادة تعزيز دور القوة الامنية واللجنة الامنية العليا وضرورة التحلي بروح المسوؤلية في ظل الاوضاع الراهنة من اجل الحفاظ على امن المخيمات الفلسطينية.