عندما يغرد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط عبر تويتر مطالباً بـ"وقف التسهيلات الرسمية والتغطية الدينية في لبنان لجماعة الشيخ يوسف جربوع" ومعتبراً أن "هذا أمر يهدد الأمن الوطني" يُخيّل لقارئ التغريدة للوهلة الأولى بأن الشيخ جربوع الذي ينتقده الزعيم الدرزي، هو شيخ من مشايخ طائفة الموحدين الدروز في الشوف أو عاليه، الذين لا يتفقون سياسياً مع جنبلاط لذلك يعمد الى التضييق عليه سياسياً ودينياً. ولكن بقليل من الجهد والبحث عبر الإنترنت، يتبين للقارئ أن الشيخ يوسف جربوع هو شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، ويعيش في السويداء.
إذاً ما هو سبب تغريدة جنبلاط؟ لماذا إختار جربوع تحديداً من بين المشايخ الخارجين عن جوّه السياسي في لبنان وسوريا كي يصوّب عليه بهذا الهجوم المشفّر؟ وما السرّ الذي يقف وراء توقيت هذه التغريد؟
أسئلة طرحتها صحيفة "النشرة" الالكترونيّة على أكثر من نائب أو وزير في كتلة "اللقاء الديمقراطي"، وعلى أكثر من قيادي في الحزب "التقدمي الإشتراكي"، كل ذلك من دون أن تجرؤ الغالبية الساحقة منهم على تفسير تغريدة البيك وأهدافها وخلفياتها. فقط، من أقدم على خطوة الشرح هذه، هو قيادي إشتراكي من الرعيل القديم في الحزب، رافق آل جنبلاط سياسياً وقاتل ضمن صفوف الحزب الإشتراكي، له حيثيته التاريخية بين صفوف المحازبين، ويتمتع بتمثيل شعبي واسع في دائرته الإنتخابية. القيادي الإشتراكي المذكور قالها وبالفم الملآن، إن "المقصود من التغريدة الجنبلاطية ضد جربوع، ليس الشيخ نفسه، بل حليفه في لبنان الوزير السابق وئام وهاب، الذي يتولى مهمة الدفاع المستميت عن الرئيس السوري بشار الأسد، ويزور جربوع ودروز السويداء بوتيرة شبه أسبوعية، محاضراً ومهاجماً جنبلاط وكل من يقف وراء مشروع إسقاط النظام السوري".
وعن الأسباب التي دفعت جنبلاط الى التصويب على وهّاب من زاوية ما أسماه بـ"التسهيلات الرسمية"، تكشف المصادر المتابعة عن معلومات تلقاها جنبلاط في الآونة الأخيرة، مفادها أن وهاب الذي أنشأ منذ فترة قصيرة "سرايا حزب التوحيد العربي" وأطلقها عبر عرض شعبي وإعلامي من بلدته الجاهليّة، إستحصل من وزارة الدفاع على مجموعة من رخص الأسلحة الحربيّة التي تعطى عادة لمواكب الشخصيّات الرسميّة والسياسيّة". أما بالنسبة الى ربط جنبلاط وبطريقة غير مباشرة بين حصول وهاب على رخص الأسلحة والشيخ جربوع، فتشرح المصادر المتابعة، أن رئيس الحزب "التقدّمي الاشتراكي" على علم ويقين بأنّ جربوع ساهم بشكل كبير بتأمين الحشد الشعبي الذي شارك في إحتفال الجاهلية الذي أقامه وهاب لإطلاق "سرايا حزب التوحيد العربي"، وذلك بحكم التقارب السياسي بين وهاب وجربوع وإنتمائهما الى الفريق السياسي الذي يدعم الرئيس الأسد، لذلك رأى جنبلاط أن أي تسهيلات أمنيّة أو غير أمنيّة يحصل عليها وهاب في لبنان، ستصبّ بالتأكيد في خانة دعم النظام، فكان تصويبه على جربوع لإصابة وهاب.
إذاً الهجوم الجنبلاطي على جربوع هو هجوم على وئام وهّاب، ولكن لم تتم تسمية الوزير السابق من قبل زعيم المختارة كي لا يعطيه الأهمية، التي يرفض إعطاؤه إيّاها من باب عدم الإعتراف بوجوده على الساحة الدرزيّة.