معركة «خبيثة» تدار خلف الوجوه الباسمة وتحت راية «اوعا خيك» تستعمل فيها الأسلحة الذكية في حرب ضروس تصل باهداف المقاتلين الى حدود الإلغاء. هذه الصورة ترسم ما آلت إليه ورقة التفاهم التي وقعت في ليل ماطر توجت بعرس معراب. هذا الكلام المباح هو من اهل الإختصاص والمعرفة في باطن ما يدور في عقول القياديين في التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، هؤلاء يقولون بان الوجوه الضاحكة تخفي وراءها معركة «صراع البقاء»او حرب الاستيلاء على مناطق نفوذ جديدة على الساحة المسيحية. ومهما اطلق البعض في الفريقين عبارات الاطمئنان بان الخلاف هو شأن تفصيلي، لكنه لن يفقد للود قضية (يؤكد أهل الإختصاص ان أحدا لا يفهم معنى هذه العبارة ). فإن الاشتباكات المتفرقة والمتنقلة من على متن البواخر التركية الى اروقة وزارة الصحة ومن تلفزيون لبنان الى الوكالة الوطنية للأنباء وصولا إلى الخلاف حول توزيع المغانم في التعيينات تؤكد بأن هذه المناوشات لن تبقي ودا ولا قضية.
ويعتبر اهل الاختصاص ان سرد الوقائع الخلافية بين التيار والقوات هو لارسال الإشارات بان شيئا ما يسير بالاتفاق وبالنوايا صوب الهاوية. لذا فان إستعراض النقاط الخلافية ليس للتشفي بل استدراكا للنتائج الوخيمة المتوقعة عشية الانتخابات النيابية وحث المعنيين على إعادة النظر بالاحوال المتردية التي وصلوا اليها، وبالتالي اعادة تفعيل محركات كنعان-الرياشي للتواصل الناجح، ويعزو اهل الإختصاص الاسباب الحقيقية لهذا الخلاف الى المعركة الكبرى المنتظرة في العام 2022 حيث بدأت الاستعدادات الجدية لمعركة رئاسة الجمهورية. خصوصا ان الطموح الرئاسي بات متوفرا للاقوياء بعد وصول العماد ميشال عون الى السدة الرئاسية.
فالدكتور سمير جعجع نجح مع الاخرين في قيادة القطار الذي حمل الرئيس عون الى محطته، بحسب مصادر مقربة منه، بعبدا، لذلك فهو يدرك جيدا ان هذا الأمر لم يعد مستحيلا على الأقوياء داخل الطائفة المارونية وبالتالي لم يعد امام جعجع سوى تقديم البرهان للمشككين بانه القوي داخل طائفته وبان الثمانية نواب في تكتله هو حجم متواضع، وبالتالي فإن الحسابات في معراب تفيد وتؤكد بان النتائج المنتظرة ستكون حرزانة خصوصا ان القانون الانتخابي الجديد هو قانون «التشليح» بمعنى آخر «الشاطر بشطارتو» فاذا اصيب التيار الوطني بنكسة فيما لو طرأ انخفاض ولو طفيف على تكتله النيابي العريض.
فالهدف كما تسعى اليه هو تعرية جبران باسيل من القوة التي كانت شرطا للتيار في معركة الجنرال الرئاسية ،اذا عرقلة الوزير جبران باسيل في مسيرته الرئاسية تبدأ بعديد النواب في كتلة التغيير والإصلاح. كما أن «تغطيس» وزراء التكتل في الملفات التي سئم منها اللبنانيون وتحديدا ملفات الفساد هو هدف بحد ذاته. فوزراء القوات «يهاجمون» بقلب قوي التعيينات الادارية على طاولة مجلس الوزراء وامام رئيس الجمهورية بالذات، يرفضون مناقصة الكهرباء ويعطلون آلية التعيينات التي طرحها التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. فيظهر وزراء القوات بانهم أقرب إلى وزراء حزب الله ووزير المردة أكثر منهم الى وزراء التيار الوطني الحر الذي شبكوا تحالفاتهم مع تيار المستقبل بواسطة الخط الساخن بين جبران باسيل ونادر الحريري.
لكن يضيف اهل الاختصاص بان الوطني الحر لا يقف متفرجا امام التمادي الظالم الذي تمارسه القوات وغيرها من القوى السياسية. وهم يعتبرون أن الهجوم المتواصل في هذا التوقيت يهدف إلى عرقلة المسيرة للعهد في سنته الاولى، ولنضع الامور في نصابها الحقيقي امام حلفائنا الذين لا ينفكون «بتربيح الجميلي» بان من دونهم لا يطلع النهار، ولولا تأييدهم لما وصل العماد عون الى السدة الرئاسية.حسنا لقد اوفينا الدين بالكامل اثناء تأليف الحكومة الأولى للعهد، قاتلنا لحصولهم على الحصة الوازنة، ومثلها فعلنا في التعيينات .لكن ان يتم استـغلال «ابوتهم للعهد» بهذا التقاسم المريع لن نقبل به ،فالقوات مصرة ان تكون شريكا مضاربا بالكامل. تعمل للانتخابات بالقطعة فتبادر الى الانفصال في البترون وزحله وبيروت وتسعى الى مشاركتنا في المتنـين الشمالي والجنوبي. ترشح زياد حواط في جبيل على غفلة من تفاهمنا على قاعدة «اللي الي الي واللي الك الي والك». طبعا هذا الذكاء والتشاطر نعتبرهما من لوازم المعركة قبل النقاش الجدي حول التفاهم الحاسم، لذا نشدد دائما على عبارة لا يفسد بالود قضية. لكن ان يصل «هتك»ورقة التفاهم الى دير القمر، فهذا أمر خطير يعيدنا إلى مكوكية كنعان- الرياشي لشرح التصرف الغريب والمستهجن ضد الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية الى الشوف. هنا يكمن الخطر على القضية وعلى الود معا اذا لم يسارع «المعتدون» ال