عاشت مدينة صيدا ومنطقتها، حالة من الهلع، إثر تنفيذ طيران العدو الإسرائيلي تحليقاً على علو منخفض، خارقاً جدار الصوت على دفعتين عند 11.30 من قبل ظهر أمس (الأحد)، وهي المرّة الأولى التي ينفّذ العدو غارة وهمية على ارتفاع منخفض جداً في أجواء "عاصمة الجنوب" منذ العدوان الإسرائيلي في تموز 2006.
خرق الطائرتين الحربيتين لجدار الصوت معاً، أدّى إلى إصابة امرأة في سوق صيدا التجاري بانهيار عصبي جرى على إثره نقلها إلى المستشفى عبر "الصليب الأحمر اللبناني"، فيما سقط جزء من سقف محل داخل البلدة القديمة، اقتصرت أضراره على الماديات، فضلاً عن تكسر زجاج بعض المباني.
أطفال لم يسبق لهم أنْ عايشوا مثل تلك اللحظات من قبل، أُصيبوا بحالة هلع وبكاء شديدين جرّاء الخرق الإسرائيلي، الذي يأتي تزامناً مع المناورات التي تنفّذها قوّات العدو الإسرائيلي منذ الثلاثاء الماضي وتستمر 11 يوماً، مستخدمة فيها أسلحة الطيران والبحر والجو والبر، والتي تُعتبر الأضخم منذ 19 عاماً.
ويشارك في المناورة 20 فرقة عسكرية من كافة الألوية والأسلحة العسكرية في جيش الاحتلال وجنود الاحتياط، وتحاكي:
- عمليات إجلاء مدن.
- صد عمليات تسلّل عند الحدود من قِبل "حزب الله"، واحتمال احتلال مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة، حيث تمّ تشييد قرى للتدريب تحاكي مُدُناً وبلدات في لبنان وقطاع غزّة، وكيفية إخلاء المستوطنين خلال ساعات الحرب.
- شن هجوم على لبنان وإبطال عمل خلايا التجسّس.
وتعتبر المناورات مهمة عسكرية متواصلة للإحتلال مع الحديث:
- عن تنامي قدرات "المقاومة" في لبنان وغزّة، والتي تجاوزت حدود الخوف بعدما فشل الإحتلال في حروبه السابقة.
- الخشية من الأسلحة التي يُعتقد بأنّ "حزب الله" بات يمتلكها، وهي مضادة للطيران والدروع، بما يمكن أنْ يُحدِث مفاجآت في الميدان تخل بموازين القوى.
- "سيناريو" تغيير خارطة سوريا جغرافياً وسياسياً، وتقسيم وإعادة هيكلة، بحيث يكون الإحتلال جاهزاً للانقضاض على حصته، وحماية جبهته في الوقت ذاته.
ويأتي ذلك تزامناً مع الأزمة التي يعيشها رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تحقيقات معه في تهمة فساد، حيث تُطرح 4 "سيناريوهات" لمحاولة الخروج من هذا المأزق، وهي:
- إجراء انتخابات مبكرة للكنيست.
- البقاء في رئاسة حكومة مدعومة من الأحزاب الإسرائيلية المتطرّفة التي تعمل على ابتزازه.
- الاستقالة لدى تقديم لائحة اتهام ضدّه.
- شن عدوان ضد لبنان أو قطاع غزّة.
وخلال مناورات الإحتلال، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة على منشآت لإنتاج الصواريخ والأسلحة قرب مدينة مصياف بمحافظة حماه السورية، ما أدّى إلى مقتل عنصرين من الجيش السوري، ووقوع خسائر مادية، من ضمن ما زعمت قوّات الإحتلال أنّه يستهدف مصانع أسلحة تابعة لـ"حزب الله".
وكانت آخر مناورة واسعة النطاق قد أجراها الإحتلال في العام 1998، وشملت "سيناريو" خاص بالحرب على سوريا، قبل 13 عاماً من بداية الأحداث في سوريا.
هذا، وأعلنت قيادة الجيش اللبناني – مديرية التوجيه في عدد من بياناتها عن خرق الطيران الحربي التابع للعدو الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، حيث حلّق على علو منخفض فوق منطقة الجنوب عموماً خارقاً جدار الصوت، في وقت كان طيران الاستطلاع المعادي ينفذ طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب، وصولاً إلى رياق وضهر البيدر.
إلى ذلك، أصدر وزير الخارجية جبران باسيل توجيهاته لبعثة لبنان الدائمة في "الأمم المتحدة"، برفع شكوى عاجلة إلى "مجلس الأمن" بشأن "الخرق الجوي الإسرائيلي الأخير للسيادة اللبنانية".
وقال بيان للخارجية اللبنانية: "إنّ توجيهات الوزير أتت بعد اعتراف السلطات الإسرائيلية نفسها، بقيامها بهجوم صاروخي ضد أهداف على الأراضي السورية، نفذته طائرات قاذفة انطلاقا من الأجواء اللبنانية".
وفي سياق ذي صلة، أعلنت قيادة الجيش في بيان آخر عن أنّ "دورية من مديرية المخابرات ضبطت في خراج بلدة كفرشوبا شمال موقع رويسات العلم، جهاز تجسّس عائد للعدو الإسرائيلي وهو كناية عن كاميرا حرارية داخل علبة مصنوعة من الفيبر غلاس، وموصولة بلغمين أرضيين ضد الأشخاص، وقد عمل فريق متخصص من فوج الهندسة على تفكيكه وإجراء اللازم بشأنه".