توقفت الأوساط السياسية كثيرا عند اللقاء الثلاثي الذي عقد مساء يوم الأحد في منزل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي ضمه ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، وإن تعددت التحليلات حول هدف هذا اللقاء .
ورأت مصادر سياسية ان المصالحة بين الحريري وجنبلاط قد حصلت منذ بعض الوقت، وان الزيارات المتبادلة بين الاثنين والتي تمت خلال الأسابيع الماضية توجت بالعشاء الثلاثي، وان الغيمة السوداء الذي سادت علاقات زعيم المختارة برئيس التيار الأزرق قد انقشعت، وان كلاما عن "المفلسون الجدد" قد طوي.
ولفتت المصادر الى ان حضور نبيه بري هذا اللقاء لم يكن في اطار مساهمته في المصالحة الجنبلاطية-الحريرية، بل كان لأسباب اكثر خطورة وحساسية .
واضافت المصادر، تكونت في الآونة الاخيرة لدى الزعماء الثلاثة معطيات عن تدهور العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسيد قصر بعبدا العماد ميشال عون، بالرغم من ان رئيس الجمهورية قصد ان تكون زيارته الاولى خارج لبنان الى الرياض ولقاء كبار المسؤولين فيها، حيث قدم لهم شرحا مفصلا عن رؤيته للاوضاع الإقليمية، ونظرته الشخصية الى الاوضاع في لبنان، وخاصة في ما يتعلق بعلاقة حزب الله بالدولة اللبنانية .
وكان واضحا بحسب المصادر نفسها ان الرئيس عون أسهب حول الاحتلال الاسرائيلي لأراض لبنانية، وخطر التكفيريين، وان سلاح حزب الله هو للتصدي لهذه الاخطار، وليس موجها للداخل اللبناني، وانه ليس سلاحا هجوميا، وان لا مصلحة للبنان واللبنانيين في الوقت الحاضر انهاء هذا الملف قبل انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية، مما يمكن بيروت من وضع استراتيجية دفاعية لهذا الغرض.
واكدت المصادر ان هذا الموقف تبلغه العاهل السعودي الملك سلمان، ووزير خارجيته عادل الجبير، في غياب ولي العهد الحالي والرجل القوي في المملكة الامير محمد بن سلمان الذي قيل انه كان خارج البلاد، مع اجواء اشارت الى انه كان في المملكة .
ولاحظت المصادر، ان موقف رئيس الجمهورية من الملفات التي طرحت لم يرق للمسؤولين السعوديين، فأعلن عدد من الموفدين الشخصيين للملك الى بيروت عن قرب تعيين سفير جديد للملكة في لبنان، ولكن هذا الامر تأخر الى ان سمّت مرشحها أخيرا. وسبق للبنان ان سمى مرشحه للسفارة في الرياض، لكن لم تتلق الخارجية اللبنانية بعد ردا من السعوديّة على هذا التعيين، كما ان لبنان لم يُجب على اقتراح المملكة تسمية السفير الجديد.
وخلال هذه الفترة حصل امر غير لائق وهو ان وزيرا سعوديا زار لبنان والتقى عددا من الشخصيات السياسية اللبنانية، ولم يطلب لقاء رئيس البلاد، بل غرد بعبارات تمس بحزب لبناني شريك في السلطة وممثلا في المجلس النيابي .
وتتابع المصادر بأنه خلال الأسابيع الماضية، صدرت عدة تصريحات صحفية لرئيس الجمهورية ردد فيها نفس الموقف الذي ابلغه للسعوديين، كما فعل ذلك في الامم المتحدة وامام الامين العام للأمم المتحدة .
واعتبرت المصادر نفسها ان كل هذه التطورات عكست موقفا سعوديا مناهضا لقصر بعبدا ولرئاسة الجمهورية، مشيرة الى المحاولات التي تقوم بها المملكة من خلال استدعاء شخصيات سياسية مسيحية، تردد ان هدفها العمل بأي طريقة ممكنة لوضع العصي في دواليب العهد، وليس التصويب على رئيس الحكومة او اي فريق آخر .
ولفتت المصادر الى ان الموضوع الأساسي الذي تم بحثه في لقاء كليمنصو هو كيفية معالجة العلاقة بين بعبدا والرياض قبل ان تتدهور الى مستوى تدفع بالمملكة العربية السعودية للطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري تقديم استقالة حكومته، وتعكير العلاقات بين بيت الوسط وبعبدا وخلق ازمة سياسية في لبنان، وسط سعي من كل القوى الفاعلة لتجنب هذه الانتكاسة نظرا للاخطار الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بلبنان .
واكدت المصادر، انه من رابع المستحيلات ان يكون رئيس الجمهوريّة في وارد تبديل قناعاته السياسية والوطنية، لارضاء اي فريق او اي دولة مهما كبر شأنها، لكنه في المقابل حريص على ان تكون علاقات لبنان بالدول العربية الشقيقة والصديقة، على قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للآخرين، وعدم السماح لان يتدخل احد بشؤوننا الداخلية .
وقالت المصادر اذا كان البعض سواء في الداخل او في الخارج يعمل على المواجهة مع حزب الله من خلال الضغط على الرئيس عون، ويراهن ان هذا الأسلوب سيفي بالغرض، يكون اما يريد زعزعة الاستقرار في لبنان، او انه لا يعرف كما قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير، بأن الجنرال لن يقبل بأي ارتهان لاي دولة او فئة سواء في الداخل او الخارج .
وخلصت المصادر الى الاستنتاج، انه بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات واللقاءات بين القيادات السياسية اللبنانية لمعالجة هذا الوضع، فأن استقالة الحريري ليست مستحيلة والامر لا يتطلب سوى اتصال من الامير محمد بن سلمان، وان مثل هذه الخطوة يمكن ان تكون مفاعيلها استبعاد الحريري عن الحكم، دون ان تكون الرياض قادرة على تعويضه مثل هذه الخسارة، وان الحسابات السياسيّة كفيلة باختيار بديل عنه في اي لحظة يعلن فيها استقالته .