ما يحتاجه لبنان في هذا الظرف، هو تثبيت الاستقرار وتحصين الوحدة الداخلية وحماية السلم الأهلي، وهذه العناوين الثلاثة، يجب أن تكون في رأس سلّم الأولويات الوطنية، وعلى جميع القوى السياسية أن تتحمّل مسؤولياتها في هذا الخصوص.
ومصلحة لبنان، بأن تنصبّ الجهود كلّها لتحصين الإنجازات التي تحققت في الآونة الأخيرة، وأبرزها دحر المجموعات الإرهابية عن سلسلة الجرود الشرقية للبنان، ونجاح الأجهزة العسكرية والأمنية في تنفيذ عشرات العمليات الأمنية الاستباقية ضدّ الإرهاب، ما أشاع ارتياحاً عارماً لدى اللبنانيين وثقة كبيرة بقدرة أجهزة الدولة الأمنية على تثبيت الأمن والاستقرار. عدا عن المناخ السياسي الذي ساد واتسم بتفاهمات وتوافقات على أكثر من اتجاه.
ما حققه لبنان على الصعد الآنفة الذكر، لم يرق للعدو «الإسرائيلي»، ولا لبعض القوى الخارجية. فذهبت «إسرائيل» إلى مناورات عسكرية ضخمة تحاكي حرباً ضدّ لبنان، وإلى تكثيف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية، والمواقف اليومية التي تحمل تهديداً مباشراً للبنان. في حين لم يفت الإدارة الأميركية استحضار هزيمة قواتها ـ «المارينز» ـ في لبنان عام 1983، منطلقاً لتهديد لبنان ومقاومته، وذلك بعد سلسلة من العقوبات استهدفت لبنان تحت عنوان حصار المقاومة. ومواكبة لذلك تولى الوزير السعودي ثامر السبهان وهو اللصيق بالقابضين على الحكم في السعودية، رفع منسوب التصريحات اليومية التي تهدّد لبنان ومقاومته بعظائم الأمور.
إنّ تصاعد حملات التهديد التي تستهدف المقاومة ولبنان، ترتبط أيضاً بالإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه، خصوصاً في دير الزور، وهي إنجازات جعلت واشنطن والرياض تشعران بفشل أهدافهما، والأمر ذاته بالنسبة للعدو «الإسرائيلي» الذي دفع بالمجموعات الإرهابية وآزرها في الهجوم على حضَر السورية ولاحتلال عدد من البلدات، تعويضاً عن هزيمة الإرهاب في دير الزور.
وعليه، فإنّ لبنان معنيّ بالدرجة الأولى بأن يحصّن نفسه، لمواجهة ما يُخطط له وما يتهدّده، من خلال تماسك اللبنانيين، وعدم السماح لطوابير خامسة أن تهدّد الاستقرار وتقوّض السلم الأهلي، وتفوّت الفرص على المتربّصين شراً بلبنان، وأولهم العدو «الإسرائيلي».
هناك مخطط عدواني فتنوي يستهدف لبنان دولة وجيشاً وشعباً ومقاومة، ونحن إذ نحذّر من هذا المخطط الخبيث، فإننا ندعو إلى مواجهته بكلّ عناصر القوة التي يمتلكها لبنان.
أما استقالة الحكومة اللبنانية، التي أعلنها الرئيس سعد الحريري من الرياض، ـ وبمعزل عن أسبابها، وما إذا كانت جبرية أم طوعية، فإنّ التعاطي معها يتمّ بموجب ما ينصّ عليه الدستور، وهذا هو السياق الطبيعي السليم…