يُلاحظ المتابع للانتخابات النيابية اللبنانية تطوراً كبيراً في المشهد الإعلامي والإعلاني الترويجي، فبعدما كانت الحملات الإعلامية تعتمد في شكل أساسي على الصور والمهرجانات واللافتات واللوحات الإعلانية، دخلت الميديا الحديثة في قلب العملية الدعائية وباتت المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات على الخليوي لاعباً بارزاً في عملية التواصل المباشر مع جمهور الناخبين، لا سيما الشباب منهم. ويتبع المرشحون ومروجوهم، في شكل خاص الشباب، إلى موقعيّ فايسبوك و«تويتر» التفاعليين، سواء في شكل مباشر أم عبر مختصين أو مؤيّدين لهم يتولّون هذه العملية، عبر صفحات إعلانية أو ترويجية تتضمن حوارات مباشرة يستطيع المواطن خلالها طرح كل أنواع الأسئلة.
ولعلّ هذه المواقع تتيح الفرصة للمرشّحين الذين لا يملكون وسائل إعلامية أو مالاً انتخابياً لشراء مساحات إعلانية في الصحف والتلفزيون والإذاعات.
موقع «النشرة» الإخباري وجد فكرة للترويج الانتخابي عبر تصويت افتراضي مسبق. للناخب حرية التصويت للمرشّح الذي يريده في كل الدوائر الانتخابية الـ15 من دون الانتماء إلى هذه الدائرة أو تلك. فعلى الناخب فقط أن يختار الدائرة ثم اختيار اللائحة التي يريد ثم القضاء الذي يمكنه الإدلاء بصوته فيه واختيار المرشّح من القضاء نفسه، فيما يقوم النظام الإلكتروني بحجب صور من هم من غير القضاء نفسه لتتضّح للناخب اللبناني عملية الاقتراع بأكملها تحضيراً لليوم الانتخابي في 6 أيار (مايو) المقبل. إضافة إلى أن هذا النظام يقوم بحساب الحاصل للوائح.
يقول مساعد رئيس التحرير هادي فلكدار لـ «الحياة» إن «الهدف من هذا التصويت الافتراضي ليس تجارياً بل هو خدمة إعلامية لتدريب المواطنين على عملية التصويت».
وبرأي الناخبين أن الفائدة التي تجنيها المواقع التي تتبع الأفكار الترويجية نفسها هي زيادة الإقبال عليها، وعدد النقرات على الرابط التي تُترجم أرقاماً لدى شركات الإعلان.
تقول ميرنا فرح: «المستفيد من كل تلك الحملات الانتخابية هي شركات الإعلان من جهة والمواقع الإلكترونية من جهة أخرى».
حتّى أن مرشحاً مثل وزير الداخلية نهاد المشنوق المفتوحة له كل وسائل الإعلام، اعتمد في بعض إطلالاته على «فايسبوك» للتوجّه مباشرة إلى جمهور هذا الحساب. وهو أطلّ على صفحته مباشرة في لقاء تفاعلي مع الجمهور. وخرج عن كلاسيكيات الصحافة التقليدية ليدخل في تفاصيل وآراء تهم الشباب وتتعلّق أحياناً بالحياة الشخصية للمشنوق. ويشرح المسؤول التنظيمي لشباب «تيار المستقبل» خالد الحاج الذي أدار وزميلته مديحة فاكهاني الحوار لـ «الحياة» أن «السياسيين في شكل عام منشغلون عن 800 ألف شاب ناخب في لبنان، وهؤلاء الشباب بدورهم بعيدون عن السياسة ويقضون أوقاتهم على الـsocial media، فبهذه الطريقة يستطيع السياسي أن يتقرّب منهم ويسهّل المسألة عليهم ويعطيهم المجال لطرح أي سؤال يخطر في بالهم».
«الحياة» جالت في الشارع لتسأل المواطنين عن رأيها بالموضوع. يقول وليد سالم أن «الشباب لا يتابعون التلفزيون ولا يقرأون الصحف لدرجة أنهم أصبحوا يتكلمون مع بعضهم بعضاً بلغة الإنترنت فبات ضرورياً على السياسيين أن يلحقوا هم بهم لنيل شعبية أوسع، الحياة لم تعد لنا بل لجيل المستقبل»، ويرى أن «هذا النوع من الترويج يؤثر على نفسية المتنافسين، فعدد المتابعين المرتفع لأحد المرشحين مثلاً يمكنه أن يحبط المرشح المنافس في الدائرة ذاتها». ويضيف: «برافو للشركات الترويجية المستفيدة»، فيما تقول مهى كبارة: «السياسيون يستقطبون الناس بكل الوسائل، وهذه موضة اليوم». أما جوانا زوين فهي لا تتعاطى بـ«كل هذه المواضيع، في دولة أو ما في، ما يهمني هو أن أعيش كما يعيش المواطنون في الدول التي أزورها». ويصف داني غانم كل ذلك بـ «جقجقة لسان». ويقول: «كلهم يشترون أعداد المتابعين على فايسبوك». أما إدمون أبو صالح فكل ما يفعله في الحياة «الصلاة والنوم والعمل». أسعد ذبيان الذي أعلن عزوفه عن الترشح (لائحة المجتمع المدني) يدير حالياً صفحة لائحة «كلنا وطني» على «فايسبوك»، مؤكداً أن ليس لديهم خيار آخر للوصول إلى الناس إلا هذه الطريقة «فنحن ليس لدينا مالا انتخابي لنشر صور مرشحينا».