أكد وزير العمل محمد كبارة، في كلمة له خلال رعايته الندوة القومية التي عقدتها منظمة العمل العربية بالتعاون مع المنظمة العربية للأشخاص ذوي الاعاقة، أن "هذا اللقاء يفيض بالوعي المجتمعي لقضية اجتماعية على درجة عالية من الأهمية، وهي تعني أشخاصاً هم من عائلاتنا وأقربائنا وبيئتنا".
واشار الى أنه "لقد شكّلت مسألة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على مدى سنوات طويلة، قضية إنسانية أجتماعية وطنية، وهي ما تزال إلى اليوم تحتاج إلى مزيد من الرعاية والمتابعة، لترجمة القوانين والقرارات والتوصيات ووضعها قيد التنفيذ، لأن هذه القضية لا تعالج بالمواقف والعواطف، وإنما عبر الالتزام الوطني على كل المستويات، الرسمية والاجتماعية، بما نعتبره واجباً طبيعياً تجاه الأشخاص من ذوي الإعاقة"، ذاكراً "اننا ندرك أن إعطاء هذا الملف العناية يكتسب صفة الضرورة، لأنه لا يمكن تحقيق عدالة اجتماعية من دون اندماج جميع أبناء المجتمع وشراكتهم في الرؤية والتخطيط والعمل والانتاج وصياغة المستقبل".
وتابع كبار بالقول انه "انطلاقاً من هذه القناعة، بادر لبنان إلى التعامل مع هذا الملف بكثير من العناية والتركيز، ونجحنا منذ العام 2000 في صياغة قوانين تؤمّن هذا الاندماج، وتحفظ حقوق المعوقين في العمل، وإن كانت الظروف الضاغطة على لبنان، اقتصادياً واجتماعياً، وتراجع فرص العمل، وملف النزوح السوري، والأزمات التي نمرّ بها، تؤدي إلى عدم الالتزام الكامل بموجبات هذه القوانين. لكننا نعمل على تطبيق كامل بنود القانون"، موضحاً أنه "بالنسبة لوزارة العمل، فلقد تم التحضير لتعبئة كافة ملاكاتها الإدارية بمساعدة فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء، ومن ضمنها دائرة حماية العائلة والجمعيات المسؤولة عن تأمين دفع تعويض بطالة لمن بامكانه العمل من ذوي الحاجات الخاصة ولا تتمكن المؤسسة الوطنية للاستخدام من توفير عمل له، ويترافق هذا الامر مع حجب براءة الذمة الصادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن المؤسسات التي تمتنع عن تطبيق توظيف نسبة معينة من المعوقين فيها وإلا يتم تغريمها بما يضمن تمويل صندوق البطالة، ونحن ننتظر صدور مرسوم تعيين موظفي وزارة العمل الموجود حالياً لدى فخامة الرئيس، لنبدأ عاجلا باتخاذ الإجراءات المتعلقة بوزارة العمل في كل ما يتعلق بتطبيق قانون تأمين حقوق المعوقين".
كما نوه الى أن "انعقاد هذا اللقاء في بيروت، بالتعاون بين منظمة العمل العربية والمنظمة العربية للاشخاص ذوي الاعاقة، يشكّل فرصة للإستفادة من تجربة لبنان في هذا المجال، فلبنان هو البيئة الحاضنة للنقاش ووضع الاستراتيجيات التي تهدف إلى الارتقاء بمجتمعاتنا"، معتبراً أنه "لا بدّ لي هنا من التنويه بالجهد الذي تبذله منظمة العمل العربية، والمسؤولية الاجتماعية التي تتحمّلها، وهي اليوم تضع قضية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في العمل في جدول أولوياتها، لأنها تدرك أنهم بحاجة إلى احتضان مجتمعي ورعاية رسمية ليكونوا شركاء في المجتمع، لكن التصدي لهذه المشكلة هو مسؤولية تتجاوز قدرة أي جهة لوحدها، ولذلك فإن المطلوب هو ترجمة العقد العربي لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يعتبر وثيقة تاريخية".
وشدد كبارة على أن "المطلوب أن تكون المسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع. فالدولة هي أكبر رب عمل، ولديها جيش من الموظفين الإداريين من مختلف الففئات والاختصاصات، وعليها أن تشكّل نموذجاً لتطبيق هذه الرؤية الاجتماعية، كي يتحوّل القرار باحتضان الأشخاص من ذوي الإعاقة من النظريات والقوانين الجامدة، إلى الفعل والترجمة العملية التي تنسحب بشكل بديهي على المجتمع بقطاعاته المختلفة".
وتابع بالقول إن "أي مجتمع لا يراعي العدالة وتكافؤ الفرص بين أفراده، هو مجتمع يمارس التمييز العنصري بحق أبنائه، وإن اي مجتمع لا يضع قضية الرعاية الاجتماعية في أولى أولوياته، هو مجتمع مفكك، إن إحدى مميزات مجتمعاتنا العربية هي التكافل والتضامن، وإن التخلّي عن هذه الميزة يعني أننا نغادر تاريخنا وأصالتنا"، مشيراً الى أنه "لذلك، فإن القضية التي نضعها اليوم على طاولة النقاش، تحتاج إلى تكافل وتضامن رسمي وشعبي ومجتمعي، كي نتمكن من وضع آلية تنفيذية تؤدي إلى شراكة كاملة بين كل أفراد المجتمع، ولا أقول فئاته، لأنني لا أعتبر أن الأشخاص من ذوي الإعاقة هم فئة، وإنما هم أفراد في العائلات والمجتمع، وليسوا مجتمعاً خاصاً".
وأمل أن "تتكلل الندوة بالنجاح وتعزز الامل في وضع اقتراحات عملية لدمج ذوي الاعاقة في المجتمع واشراكهم في مسيرة التنمية".