لم يكد فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يوقف رئيس مكتب حماية الآداب العقيد ج. ح. حتى سُرِّب الخبر. عُمِّم على وسائل التواصل الاجتماعي متضمناً معلومات مغلوطة. وعبرها نُقل الى وسائل الإعلام، ليُتّهم الضابط الذي لم يكن قد أوقف فعلياً بعد، زوراً، بتشغيل وإدارة شبكات دعارة. كذلك اتُّهم العقيد بابتزاز مسهّلي الدعارة لقبض مبالغ مالية منهم. هذا الخبر الذي بثته إحدى محطات التلفزة، تابعه مباشرة الضابط الذي لم يكن قد استُجوب بعد. شاهد صورته واسمه كاملاً والتهمة الفضيحة المنسوبة إليه، فانهار في أرضه. وهذا ما دفع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الى إصدار بيان استنكار لما يُنشر بحق الضابط الذي كان لا يزال يخضع للتحقيق. لم يكن قد ثبت شيء بعد بحقه، فيما كان الرأي العام قد حكم عليه بعد التشهير به.
ما يتهامس به الضباط والعناصر في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يكشف عن مخطط رُسِم لاستدارج كاد يقع فيه العقيد المذكور. وبما أنّ الضابط المشتبه فيه لا سَنَد سياسياً له، لم يتدخّل أحد لحمايته. ويتردد أن فرع المعلومات تحرك بموجب معلومة كان مصدرها الشرطة القضائية التي يقودها العميد أسامة عبد الملك. فما الذي قد يدفع بالشرطة القضائية إلى عدم إجراء هذا التحقيق؟ ولماذا سلّمت المعلومة التي لديها لفرع المعلومات معربة عن ملء ثقتها بضباط الفرع، لكنها نفسها اليوم تعترض على محاسبة ضابط لديها؟
انتهت التحقيقات الى أنّ رئيس مكتب حماية الآداب السابق قد قبض شيكين مصرفيين قيمة كل منهما ثلاثة آلاف دولار قبل خمسة أشهر من أحد مالكي الفنادق المشتبه في تسهيلهم للدعارة. وأفاد العقيد خلال التحقيق بأنه اخذ الشيكين كدَين، على أن يُعيد قيمتهما لاحقاً، نافياً كل ما أشيع عن ابتزازه لأحد «القوّادين». وقد أثبتت التحقيقات أنه لم يبتز فعلاً ولم يسهّل الدعارة. حتى إنه كان قد دهم لاحقاً فندق الشخص الذي كان قد «استدان» منه المال قبل أشهر. واستعان المحققون بعدد من الموقوفين بجرم تسهيل الدعارة، فلم يتعرّف أحد منهم على العقيد الموقوف. وبرر أخذه المال بأنه لو كان يعتبره رشوة لما كان قبل تقاضيه على هيئة شيكات مصرفية، مؤكداً أن المدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص عرّفه على صاحب الفندق.
ويُردّد ضباط في المديرية أن المحققين اكتشفوا أنّ هذا الضابط وقع في كمين استُدرج إليه من قبل زميلٍ له في السلك ومعاونة «قوّادٍ» يملك فندقاً، قدّم نفسه لقائد الشرطة القضائية العميد أسامة عبد الملك على أنّه مخبر يهمّه الصالح العام. لقد زعم هذا المخبر أنّ رئيس مكتب حماية الآداب طلب منه مبلغ ٥ آلاف دولار. وبدلاً من متابعة القضية لتوقيفه لكونه يتبع مباشرة للشرطة القضائية، حمل قائد الشرطة هذه المعلومة لفرع المعلومات. يتداول ضباط أن عبد الملك أعرب عن كامل ثقته بفرع المعلومات للسير بالتحقيق لتوقيف الضابط بالجرم المشهود، لكنه تهرّب من توقيفه «كي لا يتحوّل توقيفه إلى نزاع طائفي» (العقيد مسيحي، وقائد الشرطة درزي!). كان من المقرر أن يتم توقيف العقيد بالجرم المشهود، لكن مرّت عدة أشهر ولم يأت الضابط لتسلّم المبلغ من المخبر، رغم الاتصالات المتكررة التي أجراها الأخير به. كان ذلك دليلاً واضحاً على أن الضابط لم يطلب رشوة أو يبتزّ المخبر كما يدّعي، وإلّا فإنه كان سيأتي فوراً لتسلّم المبلغ. لكن جريمة الضابط كانت تقاضيه مالاً من صاحب فندق مشتبه في تسهيله الدعارة. لا يجدي التبرير نفعاً. فحتى لو أن هذا المبلغ كان دَيناً لا رشوة، ورغم ثبوت تنفيذ عملية دهم لفندق دافع المبلغ، أنزِلت عقوبة السجن شهراًَ كاملاً بالعقيد ج. ح. أما زميله و. م، الذي يحظى بغطاء النائب وليد جنبلاط، فتشير التسريبات في المديرية إلى أنه يشتبه في كونه تقاضى عشرات آلاف الدولارات، كرشى. ورغم ذلك، فإن المدير العام لقوى الأمن الداخلي لا يجرؤ على معاقبته، بسب الفيتو الجنبلاطي.