يواجه الفلسطينيون بصلابة الإغراءات والضغوطات والإملاءات المتعدّدة، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، حتى لا يصابوا بنكبة ثانية، بعد أكثر من مئة عام على "وعد بلفور" المشؤوم.
ويتمسّكون بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة، وعاصمتها القدس الشريف، وبالقرار 194، القاضي بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي اقتُلِعوا منها.
هذا في وقت يسعى فيه الكيان الإسرائيلي إلى شرعنة يهودية الدولة العنصرية، عبر قوانين وقرارات داخلية، وفي طليعتها من "الكنيست"، تحمل مضامين عنصرية وإحتلالية واستعمارية، تضرب عرض الحائط الديمقراطية والقوانين والمواثيق الدولية.
يُشكل الإصرار الفلسطيني كابوساً لدى مَنْ يحاول شطب القضية، وحقيقة لا يستطيع أحد أنْ يخذلها أو يعتدي عليها، طالما أنّ أصحاب القضية والقرار، لا يوافقون على أي حلول مطروحة تستهدف شطب قضيتهم.
وتنذر النوايا الإسرائيلية والعقيدة العنصرية التوسّعية، بخطر وتهديد مستمرّ، ليس فقط على الوجود الفلسطيني، بل وعلى شعوب المنطقة ودولها، وعلى السلام والأمن القومي لبلدانها.
ويركّز الإحتلال بشكل أساسي على مناقشة الترتيبات الأمنية، لأنّه يحاول الإطباق على القدس كاملة، ولا يُقرُّ بوجود دولة فلسطينية، ولا ترسيم الحدود ولا عودة اللاجئين، فهو يسعى إلى تعزيز الاستيطان، واستجلاب اليهود من العالم، لأنّه يُدرك المسألة الديمغرافية، التي تُشكّل أكبر معضلة للأمن القومي الإسرائيلي والاستمرارية، في وقت يحتاج فيه إلى تعزيز الوجود العسكري والاقتصادي.
ويمعن الإحتلال بإصدار القوانين العنصرية، مستغلاً الغطاء الدولي الذي تأمن بالانحياز الأميركي الكامل - غير المسبوق بين الرؤساء الأميركيين كافة، منذ العام 1948- بإعلان الرئيس دونالد ترامب اعترافه بالقدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي (6 كانون الأول 2017)، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها (14 أيار 2018)، تزامناً مع احتفال الكيان الإسرائيلي بقيام دولته قبل 70 عاماً.
وثبت انحياز الفريق المساعد للرئيس ترامب لصالح التطرّف اليهودي، والذي يقوده مستشاره وصهره جاريد كوشنير، ومبعوثه إلى منطقة الشرق الأوسط جيسون غرينبلات والسفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريديان.
واستغلت سلطات الإحتلال، الضغوطات والقرارات التي قامت بها الإدارة الأميركية ضد القيادة الفلسطينية من خلال:
- إغلاق مكتب "منظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن (10 أيلول 2018)، بعد رفض تجديد الترخيص له (18 تشرين الثاني 2017).
- وقف دعم "الأونروا"، البالغة حوالى 365 مليون دولار من أصل الموازنة العامة البالغة 1.2 مليار دولار - أي ربع الموازنة (31 آب 2018).
- تجميد المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، وليس آخرها وقف تحويل 200 مليون دولار أميركي كانت تدفعها (25 حزيران 2018).
- وقف المساعدات إلى مستشفيات فلسطينية في مدينة القدس كانت تقدمها وتبلغ قيمتها حوالى 20 مليون دولار أميركي (9 أيلول 2018).
- وجاء ذلك بعدما كان الكونغرس قد اتخذ قراراً بوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية، بذريعة أنّها تدفع الأموال لعائلات فلسطينيين حكم عليهم الكيان الإسرائيلي أو اعتقلهم، إثر تنفيذ عمليات (3 كانون الأول 2017).
- تقليص المساعدات إلى الأمم المتحدة للعام المالي 2018-2019 والبالغة 285 مليون دولار أميركي، علماً بأنّ الولايات المتحدة كانت تدفع 3.3 مليارات دولار أميركي سنوياً - أي ما نسبته 22% من ميزانية المنظّمة الأممية.
- وقف المساعدات التي كانت تقدمها إلى عدد من الدول، بعدما صوّتت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة، والضغط على دول لتخفيض حجم مساعداتها.
- تهديد "المحكمة الجنائية" بإجراءات في حال استهداف تحقيقاتها أشخاصاً من الولايات المتحدة أو "إسرائيل" أو حلفاء.
- إقرار قانون جديد يتيح لمواطنين أميركيين أصيبوا أو لحقت بهم أضرار، أو قتل أحد أقاربهم في عمليات، أن يقدموا شكوى ضد أي دولة أو منظمة تحصل على مساعدات من الولايات المتحدة.
ووجه 112 عضواً في الكونغرس رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو طالبوه فيها بالتراجع عن قرار وقف دعم "الأونروا"، ووقف دعم مستشفيات مدينة القدس المحتلة، على اعتبار أن ذلك يهدد استقرار المنطقة، ويقوض قدرة الولايات المتحدة على تسهيل المفاوضات.
ويراهن الإحتلال على الوقت، لتمرير مخطّطاته، وفرض أمر واقع من خلال التغيير الجغرافي والديمغرافي، مستغلاً الخلاف الفلسطيني الداخلي، والانشغال العربي، ومستفيداً من الانحياز الأميركي اللامتناهي، حيث أقر العديد من القوانين في "الكنيست"، وفي طليعتها:
- "قانون القدس الموحّدة"، الذي يقتضي موافقة 80 عضو "كنيست" على أي قرار للإنسحاب من الشطر الشرقي للقدس المحتلة بدلاً من أغلبية النصف زائداً واحداً من أصل 120 نائباً التي كان معمولاً بها (1 كانون الثاني 2018).
- "قانون القومية" (19 تموز 2018)، والذي يُعتبر أخطر القوانين العنصرية وما يتضمّنه من مخاطر، ويكرّس "إسرائيل دولة يهودية"، مستهدفاً الوجود الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948، بتنفيذ سياسة التطهير العرقي، حيث عمل على تجزئة المواطنين إلى درجتين:
- الأولى: لليهود.
- الثانية: للعرب.
وقد جوبه القانون العنصري، بسلسلة تحركات ومسيرات، وبينها تنفيذ الفلسطينيين إضراباً عاماً شمل أراضي فلسطين التاريخية، المحتلة في العامين 1948 و1967، وأماكن تواجد الشتات الفلسطيني، وهو الإضراب العام الأول الشامل منذ الإضراب العام في ثورة 1936(1 تشرين الأول 2018).
- استمرار الإحتلال تشريع البناء في المستوطنات في القدس والضفة الغربية في محاولة لتقطيع أوصال هذه المناطق، واقتلاع أهالي عدد منها تُعيق التمدّد بين المستوطنات، أو وصل مناطق يسيطر عليها الإحتلال، وفي طليعة ذلك الخان الأحمر، الذي يؤدي إلى فصل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، وسرقة الأراضي والتجريف وهدم الممتلكات تحت حجج واهية، وتأمين الحماية للمستوطنين خلال اعتدائهم على الفلسطينيين.
ويركز الإحتلال على معركة القدس من خلال:
- تكثيف دخول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى المبارك، في محاولة لتغيير الواقع القائم حالياً، وتكريس التقسيم الزماني والمكاني، على غرار ما يجري في الحرم الإبراهيمي في الخليل، وهو ما يُوَاجه بصمود المقدسيين.
- إصدار قوانين وتشريعات، وفرض ضرائب تستهدف المقدسيين في محاولة للسيطرة وسرقة ممتلكاتهم بعد رفضهم بيعها، في محاولة لتقليص عدد المقيمين منهم، والاحتيال بطرق غير مشروعة للشراء، والتضييق على من يواجه ذلك، وفي طليعتهم محافظ القدس عدنان غيث، خاصة بعد توقيف السلطة الفلسطينية أشخاصاً متواطئين في عملية تسريب الأراضي، وإعدام أحمد سلامة بإطلاق النار عليه في جلجولة (7 كانون الأول 2018)، وسبقه رفض المفتي الشيخ عكرمة صبري الصلاة على أحد بائعي الأراضي علاء قرقش في المسجد الأقصى ودفنه في المقبرة الإسلامية (4 تشرين الثاني 2018)، حيث وافق الحاخام الأشكينازي الأكبر في القدس أرييه ستيرن، على دفنه في قطعة أرض في مقبرة غير رسمية لليهود بالقرب من قرية النبي صالح.
- قرصنة أموال الأسرى وعائلات الشهداء الفلسطينيين، بخصم قيمة المبالغ التي تدفعها السلطة للأسرى وذويهم، وذلك من عائدات الضرائب التي تجبيها سلطات الإحتلال لصالح السلطة، وتشديد فرض عقوبات على منفذي العمليات البطولية وعائلاتهم، واحتجاز جثامين الشهداء، وإصدار أحكام جائرة بحق الأسرى، وتمديد الإعتقال الإداري.
- التضييق على الكنائس المسيحية بفرض غرامات على الأملاك العائدة لها، حيث أغلق رجال الدين المسيحيون "كنيسة القيامة" في القدس (25 شباط 2018)، في خطوة غير مسبوقة، قبل أن يعود الإحتلال عن قراره.
- حث دول على نقل سفاراتها إلى القدس الموحدة.
- التعامل مع مؤسسات "الأونروا" في القدس بأنها (جهة أجنبية غير مرحب بها)، في محاولة لإقتلاعها من المدينة المقدسة، تمهيداً لإلغائها والاستئثار بالمهام التي تقوم بها.
لكن تفجر الخلاف داخل "الكنيست" بعدما جاهر نتنياهو بالقانون العنصري، والهجوم على السلطة الفلسطينية والرئيس عباس في افتتاح دورتها الشتوية (15 تشرين الأول 2018).
كما كان للقرار بشأن التعامل مع تطورات الوضع في قطاع غزة انسحابه على خلافات داخل الحكومة المتطرفة، فقدم وزير دفاع الإحتلال أفيغدور ليبرمان استقالته من منصبه (14 تشرين الثاني 2018)، بعد قرار "الكابينيت" وقف حملته العسكرية ضد غزة.
وكان من تداعيات الخلافات الإسرائيلية، قرار "الكنيست" حل نفسه (26 كانون الأول 2018)، ليشكل مفاجأة لها الكثير من الدلالات في توقيتها.
فقد كان نتنياهو يسعى لتجنب الوصول إلى مثل هذه الخطوة، بانتظار انتخابات عامة تجرى بشكل طبيعي نهاية العام 2019، خاصة أنه أراد أن يثبت أنه الأقوى، وأن ما يُمكنه تحقيقه يفوق إمكانية أي كان من الوصول إليه، فهو استطاع تحسين علاقات الكيان الإسرائيلي مع أكثر من جهة خارجية، وتميز علاقته مع ترامب، لكن التطورات الأخيرة التي واجهها شخصياً، والكيان الإسرائيلي بشكل عام، أدت إلى الإسراع بحل "الكنيست"، والتوجه إلى انتخابات مبكرة في 9 نيسان 2019، وهو أراد من ذلك:
- إظهار نفسه بأنه هو من اتخذ قرار حل "الكنيست" حتى لا يضطر إلى القيام بذلك تحت ضغط الإئتلاف الحكومي، وتهديدات أحزاب الحريديم بحلها، بعد الخلافات الحادة بشأن "قانون التجنيد".
- الهروب من الإدانة في ملفات الفساد الأربعة التي تلاحقه، بعدما باشر المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت، عقد جلسات استماع بشأنها، وتصويره للأمر وكأنه سياسي بهدف تعزيز شعبيته.
- السعي إلى التطبيع مع دول عربية وإسلامية، استباقاً لإعلان ترامب "صفقة القرن"، وإن كانت منحازة للكيان الإسرائيلي، وستكون لديه ذريعة للطلب منه تأجيل الإعلان عنها إلى ما بعد الإنتخابات وتشكيل الحكومة المقبلة، في وقت يواصل تنفيذ مخططاته التهويدية.
- التوجه إلى انتخابات مبكرة تتيح له أن يبقى الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة المقبلة، في ولاية خامسة له في الحكم، لأنه ستكون هناك صعوبة أمام الكتل المعارضة للتوافق على برنامج سياسي، وعدم التوافق على مرشح بديل عنه، وشرذمة المعارضة لصالح الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي سيتعاون معها لتشكيل الحكومة.
ويستغل نتنياهو أيضاً الظروف بشأن، عدم الإستقرار في الضفة الغربية، والوضع المتوتر على حدود قطاع غزة، واستمرار الاشتباك مع سوريا والحديث عن أنفاق "حزب الله" من لبنان التي تصل إلى شمالي فلسطين المحتلة.
- الخشية من إجراءات قضائية دولية، جراء الجرائم التي ارتكبها الإحتلال اغتيالاً للفلسطينيين أو توغل الاستيطان.
وبعدما تتعامل الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي، وكأنّ ملف القدس قد أُزيل عن الطاولة - على الرغم من أن كل القرارات الدولية تعتبر القدس مدينة خاضعة للإحتلال الإسرائيلي - فإن تركيز إدارة البيت الأبيض واليمين المتطرف، هو على البند الثاني، المتعلق بملف اللاجئين الفلسطينيين، حيث يهدف الإحتلال إلى شطب حق عودتهم، وتوطينهم في أماكن تواجدهم، وتحويل ملفهم إلى "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، التي أُنشئت بعد نكبة فلسطين (14 كانون الأول 1950).
لكن، جاء رد العديد من الدول على القرار الأميركي بوقف التقديمات إلى "الأونروا" بزيادة مساهماتها، والتعهد بزيادة حصص تمويلها إلى الوكالة الدولية.
في المقابل، فإنّ السلطة الفلسطينية تتطلّع إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار الدولي 194، وتعتمد القوى الفلسطينية، سياسة ميدانية في المقاومة الشعبية - والمسلّحة حيث أمكن - لإفشال مخطّط الإحتلال، الذي لا يُقر بدولة فلسطينية، بل مناطق مقطعة الأوصال، عزل بعضها عن البعض الآخر ودون اتصال جغرافي.
وتتكثّف التحرّكات الفلسطينية على أكثر من صعيد، داخلياً بتصعيد المقاومة الشعبية، وفي قطاع غزّة بتكثيف مسيرات العودة باتجاه الشريط الشائك على الحدود الجنوبية للقطاع، التي انطلقت منذ 30 آذار 2018، وبلغت في الجمعة الأخيرة (28 كانون الأول 2018) الرقم 40، وأدت إلى سقوط 127 شهيداً وأكثر من 14700 جريح، واستعدادات المقاومة للرد على أي عدوان إسرائيلي.
والطلب الفلسطيني من المدعية العامة لدى "المحكمة الجنائية الدولية" فاتو بنسودا، فتح "تحقيق فوري" في جرائم الإحتلال التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني.
وتواصل القيادة الفلسطينية اتصالاتها لتجسيد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة على أرض الواقع، واكتساب العضوية الكاملة، الذي ستتقدم بطلبه هذا العام، والحصول على المزيد من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، ومواصلة الدخول إلى المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية، وهو ما أزعج الإدارة الأميركية، التي انسحبت مع الكيان الإسرائيلي من "اليونسكو".
وجاء إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، "قمة القدس" على "القمة العربية" الـ29 التي عقدت في مدينة الظهران في المملكة العربية السعودية (15 نيسان 2018)، ليؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت في صدارة الاهتمام العربي.
وسجل دخول الرئيس عباس إلى قاعة الأمم المتحدة هذه المرة، مفارقة عن المرات السابقة بانتخابه رئيساً لمجموعة 77 والصين التي تضم 134 دولة (27 أيلول 2018)، وهو ما شكل صفعة لترامب ونتنياهو، بما يعني من أهمية انتخاب فلسطين لرئاسة المجموعة، قبل أن تعود وتتخذ قراراً بمنحها صلاحيات استثنائية تواكب متطلبات المرحلة بـ146 صوتاً (16 تشرين الأول 2018).
كما سجلت زيارة وفود هامة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، في طليعتها:
- من الأمير ويليام دوق كامبريدج، نجل ولي عهد بريطانيا، لتكون الأولى لمسؤول رفيع ممثل عن العائلة المالكة في بريطانيا، زار رام الله والقدس الشرقية باعتبارها عاصمة دولة فلسطين (27 حزيران 2018)
- رئيس جمهورية البوسنة والهرسك بكر عزت بيجوفيتش، إلى القدس والضفة الغربية (29 و30 آب 2018).
كذلك استكمال تفعيل الحياة في المؤسسات الفلسطينية عبر عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته الـ23 نهاية نيسان 2018، وبداية أيار 2018، وحملت اسم "دورة القدس وحماية الشرعية الفلسطينية"، أعاد خلالها انتخاب الرئيس عباس رئيساً لدولة فلسطين وانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة للمنظمة وإعادة تشكيل المجلس المركزي الفلسطيني، الذي عقد جلستين:
- الدورة الـ29 وحملت اسم: "دورة الشهيدة رزان النجار والانتقال من السلطة إلى الدولة" (15 آب 2018).
- الدورة الـ30، وحملت اسم: "الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية" (28 تشرين الأول 2018).
واتخذ المجلس المركزي في جلسته الثانية، قرارات هامة ضمن 22 بنداً، كان في طليعتها تشكيل لجنة برئاسة الرئيس عباس، وتضم أعضاءً عن اللجنة التنفيذية للمنظّمة والحكومة واللجنة المركزية لحركة "فتح" والأجهزة الأمنية، مهمّتها متابعة تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس المركزي، وفي مقدمها:
- استمرار مقاطعة سياسة إدارة الولايات المتحدة، الهادفة إلى تنفيذ "صفقة القرن" بهدف تصفية القضية الفلسطينية، والعودة عن القرارات الجائرة، التي اتخذتها لصالح الكيان الإسرائيلي، بما يؤكد شراكتها مع الإحتلال.
- وعلى صعيد العلاقة مع الإحتلال، أكد المجلس وقف التنسيق الأمني والاقتصادي والسياسي معه، وتعليق الاعتراف بدولة الإحتلال، إلى حين اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
- وبشأن المصالحة الفلسطينية، مطالبة "حماس" بإزالة العقبات التي تعترض تنفيذ ما اتُّفِقَ عليه في القاهرة (12 تشرين الأول 2017)، استناداً إلى اتفاق المصالحة الموقّع (4 أيار 2011) في القاهرة، وتذليل العقبات التي اعترضت تمكين حكومة الوفاق الوطني من تسلّم مهامها كافة في غزّة، كما في الضفة الغربية، خاصة بعدما كانت الأوضاع قد تأزمت بعد نجاة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ورئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج من محاولة إغتيال، باستهداف الموكب أثناء التوجّه لزيارة قطاع غزّة (13 آذار 2018).
دعوة الدول العربية إلى الالتزام بـ"مبادرة السلام العربية"، التي تمَّ إقرارها في "قمة بيروت" في آذار 2002، ببنودها كاملة، وليس البدء من البند الأخير، بالتطبيع دون التزام الإحتلال بتنفيذ ما هو مطلوب منه.
واتخذت المحكمة الدستورية العليا (12 كانون الأول 2018) قراراً بحل المجلس التشريعي الفلسطيني والدعوة لإجراء الإنتخابات التشريعية خلال 6 أشهر.
هذا فيما، تواصلت عمليات المقاومة الشعبية، موجهة رسائل للعدو بأن الفلسطيني ما زال يتحكم بتنفيذ ما يقرره، وفي هذا الاطار أتت عمليتا أحمد نصر جرار (26 عاماً)، (9 كانون الثاني 2018) و"بركان" التي نفذها أشرف وليد سليمان نعالوة (23 عاماً)، (7 تشرين الأول 2018).
وعلى الرغم من هدم الإحتلال لمنازل منفذي العمليات، إلا أن ذلك لم يثنهم عن مواصلة نضالهم وعملياتهم البطولية ضد الإحتلال.
من جهته، استغرب الرئيس عباس في تصريح خاص لـ"اللـواء"، "استمرار الحديث عن أن الإدارة الأميركية، ستعلن عن صفقة، لأنه في الحقيقة لا توجد صفقة، فالأميركان قدموا وقالوا ما عندهم، ولم يبقَ شيء لديهم يتحدثون عنه، فهم اعتبروا أن القدس عاصمة موحدة وأبدية لـ"إسرائيل"، ويريدون إنهاء ملف اللاجئين ولا يعترفون بالحدود ولا الأرض".
وشدد الرئيس الفلسطيني على أننا "لن ننتظر ما سيقبلون عليه، فنحن رفضنا جملة وتفصيلاً ما قدم لنا، ولا نقبل إلا بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وليس في القدس، وعودة اللاجئين وفقاً للقرار 194، ولن نقبل حلاً اقتصادياً، بل سياسياً وأمنياً بشكل متلازم"، مؤكداً أن "الإحتلال الإسرائيلي يعاني عزلة دولية بسبب عدوانه وسياسته العنصرية، ولم تنجح محاولاته بمنع دخول فلسطين إلى محافل ومؤسسات دولية".