تؤكد اوساط درزية ان ملف مشيخة العقل لطالما كان محل انقسام تارة وتارة محل "إتفاق عرفي" بين الجنبلاطيين واليزبكيين. وكثرة التباينات في هذا الامر دفعت بالراحلين الكبيرين الامير مجيد ارسلان والمعلم كمال جنبلاط الى اتفاق "عرفي" على عدم جواز ان يكون لطائفة الموحدين شيخي عقل للحفاظ على صورتها الموحدة، على ان تجري المداورة بين اليزبكيين والجنبلاطيين وسرى هذا الامر حتى العام 2005 عندما رسب المير طلال ارسلان في الانتخابات النيابية كما رسب فيصل الداوود ولم يعد من صوت درزي غير جنبلاطي في مجلس النواب ووقتها اقر قانون تنظيم الاوقاف الدرزية بموافقة كل النواب المنضويين في كتلة النائب السابق وليد جنبلاط وحتى النائب انور الخليل المنضوي في كتلة الرئيس نبيه بري سار في القانون الذي رأى فيه طلال ارسلان والداوود ومعهما جزء من الهيئة الروحية المؤلفة من كبار المشاريخ والحكماء انه لا يتوافق مع مصلحة اركان الطائفة جميعهم فصار هناك شيخا عقل واحد "جنبلاطي" وآخر "ارسلاني" وفق ما تؤكد الاوساط.
وتشير الاوساط الى ان الخلاف الدرزي – الدرزي بات اليوم اكبر من خلاف "تنظيمي" على شؤون الطائفة واوقافها او على احتكار الوظائف العامة او على ادارة دفة توجهات الطائفة من خيار عروبي مقاومة الى خيار غير عروبي ومعاد لسوريا والمقاومة.
وتؤكد ان كل هذه النقاط مجتمعة باتت محط خلاف كبير بين اركان هذه الطائفة الكريمة والمؤسِسة في لبنان والمنطقة والتي تنبع خياراتها من الوحدة والتعايش مع كل الطوائف والمذاهب والتاكيد على خط العروبة والمقاومة وعلى صلب القضية الفلسطينية ومجابهة الاحتلال الصهيوني ومقاومته بكل الوسائل. وتشير الاوساط الى ان هناك إنقسام حتى داخل الهيئة الروحية ولو ان الغالبية تميل الى العروبة وسوريا وفي انتهاج خط واضح مع سوريا الاسد حافظ وبشار ومع المقاومة اللبنانية والفلسطينية فلا يمكن لكبار حكماء الطائفة ان ينسوا وقفة سوريا معهم خلال الحرب الاهلية اللبنانية وفتحها لمخازن سلاح الجيش السوري امام الموحدين ومدهم بالمال وبكل المقومات للصمود والدفاع عن الموحدين في حرب الجبل اي ان هذا الجزء الروحي ينسجم مع توجهات ارسلان والوزير السابق وئام وهاب والداوود وباقي اركان الطائفة السياسيين. في حين يرى جزء من الهيئة الروحية ان خيارات جنبلاط هي الاسلم ولا داع لان يكون الدروز طرفاً في المعركة الطاحنة بين السنة والشيعة في المنطقة وبين ايران والسعودية واميركا من جهة ثانية. ولا داع لان يكونوا وقوداً لحروب بالوكالة في لبنان وسوريا وفلسطين وكل المنطقة. وهم كانوا يطالبون بحياد دروز سوريا ولو استجاب مشايخ السويداء وجبل العرب لما كان سقط عشرات الالاف من الشهداء من ابناء الجبل في صفوف الجيش والقوى الامنية السورية النظامية.
وتقول الاوساط ان نتائج الانتخابات النيابية الماضية وما سبقها وما تلاها من احداث سياسية وامنية بين وهاب وجنبلاط وارسلان وخصوصاً بعد صدور النتائج وما جرى في الشويفات وفي الجاهلية اخيراً وتوسع الخلاف ليصبح بين جنبلاط والحزب الاشتراكي وتحالف ارسلان-وهاب وما رافقه من مواقف عالية النبرة من الجاهلية في ذكرى اربعين الشهيد محمد ابو ذياب، تعزز الانقسام الى مراحل متقدمة في ظل غياب "صوت العقل" والذي كان يصدر في كل مفصل خلافي للجم الخلاف وتأطيره حتى باتت الامور مفتوحة سياسياً واعلامياً وحتى في صفوف المناصرين والموحدين على الارض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقول الاوساط ان ارتفاع حالة الغبن في الوظائف والتقديمات الصحية ومصادرة جنبلاط لكل مقومات الطائفة عبر مشيخة العقل والمجلس المذهبي في فردان واحساس جنبلاط بفقدان "سطوته" على الطائفة وشعوره بعدم القدرة على توريث نجله النائب تيمور كل "ارث" الطائفة بسلاسة وهدوء، سيدفعه الى القتال الشرس والعنيف ضد معارضيه. وتشير الاوساط الى ان مقاطعة انتخابات المجلس المذهبي للموحدين الدروز التي جرت اخيراً وخصوصاً من ارسلان ووهاب جعلت منه مجلس "معين" للاشتراكي وجنبلاط ويضم بفئاته كل مناصري ومحازبي الاشتراكي فقط.
وتشير الاوساط الى ان دخول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل على خط الخلاف الدرزي عبر دعم مطالب النائب طلال ارسلان الحكومية ونجاحهما في انتزاع مقعد له في الحكومة المعلقة ومن ثم دعوة شيخي العقل للموحدين الشيخ نعيم حسن والشيخ نصرالدين الغريب الى القمة العربية والاقتصادية امس الاول، هو رغبة من عون وباسيل في انصاف الدروز الداعمين للعهد وإرساء للتوازن السياسي الذي ظهر بعد الانتخابات حسب النتائج وهؤلاء الدروز يرغبون بأفضل العلاقات مع عون وهم من زواره دورياً بالمئات في بعبدا ويتابعون معه القضايا الانمائية للجبل والخدمات عبر التيار في حين لا تطالهم "نِعم وبركات جنبلاط". ولا ترى الاوساط في هذا الامر "خطيئة" او "جريمة" تستدعي استنفار كليمنصو وفردان.
في المقابل تكتفي اوساط الاشتراكي ببيان مشيخة العقل وتؤكد ان ما جرى خلال القمة يمس المرجعية الشرعية للموحدين والتي ينظمها القانون ويحاول خلق اعراف جديدة كنا نربأ برئاسة الجمهورية عدم القيام بها لكونها حامية المؤسسات وراعية انتظامها والحفاظ عليها.
وتقول الاوساط ان دعوة الاعلاميين الاسبوع الماضي الى دار الطائفة في فردان وعرض لتقديمات مؤسسات الطائفة ومنها المجلس المذهبي وتوثيق التقديمات يؤكد شفافية الدار والمؤسسات وريوع الاوقاف التي تذهب لخير كل ابناء الطائفة من دون تمييز.
وتشير الى ان الاجتماع الموسع للمجلس المذهبي بحضور وليد جنبلاط ونجله وكل نواب ووزراء الاشتراكي ليس موجهاً ضد لقاء الجاهلية او بكركي. اما الحملة التي تشن على مرجعية الشيخ نعيم حسن وزعامة وليد جنبلاط هي التفاف على نتائج الانتخابات النيابية وعلى التأييد الشعبي الدرزي الواسع لجنبلاط ولحضوره الساحق في الجبل والشوف وعاليه وقرى الجنوب.
وتلمح الاوساط الى ان الحملة المستمرة لحلفاء سوريا من الدروز في لبنان معروفة غاياتها ومن يقف وراءها وهي محاولة "اغتيال سياسي" لجنبلاط اوعز النظام السوري الى ازلامه للقيام بها.