اشارت صحيفة الخليج الاماراتية في افتتاحيتها الى أن "القمة التي عقدت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب الطيب أردوغان الاربعاء الماضي لم تخرج بجديد"، لافتة الى أن "محادثاتهما تركزت على الأزمة السورية، وتحديداً الوضع في إدلب ومناطق شمال شرق سوريا، وما يخص تداعيات الانسحاب الأمريكي من هناك، إلا أن محصلة هذه القمة لم تحمل جديداً باستثناء تكرار المواقف السابقة للبلدين، فالجانب التركي الذي تحدث عن ضرورة مواجهة الإرهاب المتمثل بشكل أساسي في "قوات الحماية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" ثم "داعش"، والإعلان عن عدم اتخاذ قرار نهائي بعد بشأن العملية العسكرية في شرق الفرات نتيجة استمرار المشاورات مع الجانبين الأميركي والروسي، إلا أن أردوغان تجنب الحديث عن الوضع في إدلب بعد استيلاء "جبهة النصرة" على معظم المحافظة، كما تجنب الحديث عن "اتفاق سوتشي" في أيلول الماضي، والذي تعهدت فيه أنقرة بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب بعد إجبار جبهة النصرة على الانكفاء وتسليم سلاحها الثقيل، وهو ما طرح علامات استفهام حول الدور التركي المزدوج في مراعاة خاطر "النصرة" من خلال السماح لها بالتوسع والتمدد من جهة، واستخدام العلاقات مع روسيا وسيلة لابتزاز الولايات المتحدة والتهرب من تنفيذ الاتفاقات التي وقعت مع روسيا على مدى ثمانية لقاءات ثنائية بين بوتين وأردوغان، وستة لقاءات بينهما على هامش قمم عالمية، وثماني عشرة مكالمة هاتفية خلال العام الفائت والعام الحالي".
ورأت الصحيفة أن "الجديد في اللقاء الأخير أن أردوغان يحاول خلط الأوراق مجدداً في الأزمة السورية كي يضمن تحقيق مكاسب ملموسة، من خلال الدعوة إلى ضرورة طرح "اتفاق أضنة" الذي أبرم بين دمشق وأنقرة عام 1998، إثر تدهور العلاقات بين البلدين ووصولها إلى حد المواجهة المسلحة بسبب تواجد "حزب العمال الكردستاني" التركي وإيواء زعيمه عبدالله أوجلان، وهو الاتفاق الذي أنجز بمبادرة مصرية - إيرانية آنذاك".
وشددت على أن "الاتفاق تضمن المطالب التركية والتعهدات التي تحول دون أي وجود للحزب المذكور، أو عناصره وقيادته على الأراضي السورية، وهو ما تحقق فعلاً"، لافتة الى أن " الاتفاق المذكور ينص في إحدى فقراته على أنه في حال إخفاق الجانب السوري في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق، فإن لتركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق خمسة كيلومترات"، مشددة على أن "تركيا تحاول إحياء هذا الاتفاق لتبرير وتكريس وجودها العسكري في شمال سوريا ووضع المنطقة تحت نفوذها، وهي بدأت بعملية "تتريك" للمنطقة، من خلال رفع العلم التركي على المؤسسات الرسمية، ومنح الجنسية لآلاف السوريين هناك ودعوتهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وفرض المناهج التركية على المدارس، ونشر مراكز عسكرية في كل مدن وقرى المنطقة، بالتنسيق مع المجموعات العسكرية التي تأتمر بإمرتها"، معتبرة أن "أردوغان يلعب على الحبال الأميركية والروسية في آن، ويحاول أن يستغل حالة الضعف السورية الرسمية من خلال استدعاء اتفاقات قديمة لفرض أمر واقع على دمشق".