صدرت توصيات أعمال فعاليّات مؤتمر "توفير فرص العمل للشباب اللبناني في سوق العمل المحلي والخارجي والخليجي: التحديات والحلول المستدامة" الّذي نظّمه "المعهد العربي للتخطيط" في الكويت وجمعية "النهوض اللبناني للدراسات والتمكين"، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
وتمّ تقسيم التوصيات إلى أربعة محاور:
* المحور الأول: تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والتشغيلي:
يمثّل النمو القوي والغني بفرص العمل، المرتكز الأساسي لمحاربة البطالة، وهو يتطلّب العمل على تذليل العديد من المعوّقات القائمة اليوم في وجه تسريع الاستثمار وتوجيهه نحو القطاعات الاقتصادية عالية القيمة المضافة والغنية بفرص العمل اللائق. وتتضمّن هذه المتطلّبات مراجعة التشريعات وبيئة الأعمال ومرونة سوق العمل، واعتماد السياسات الاقتصادية الحديثة المتمثّلة مثلًا في إنشاء المناطق الصناعية والعناقيد الاقتصادية.
* المحور الثاني: المعطيات والبيانات الإحصائية:
إنّ مشروع مسوح القوى العاملة بالعينة الّذي تنفّذه مديرية الإحصاء المركزي في لبنان، الّذي طال حوالي 40 ألف شخص على مستوى المحافظات اللبنانية، يمكن البناء عليه لتوفير مؤشّرات جديدة للقوى العاملة افتقدها لبنان منذ عام 2012، كما أنّ الوصول إلى مرحلة جمع معطيات إحصائيّة شاملة للقوى العاملة في لبنان والدول العربية هي القاعدة الأساسية للانطلاق برسم السياسات ووضع البرامج التنفيذية لخطط النهوض الاقتصادي الّتي تلبّي حاجة التحوّلات السريعة باتجاه الثورة الاقتصادية الرابعة وركيزتها الثورة الصناعية الرقمية.
- ضرورة إنشاء المرصد اللبناني لسوق العمل، يعمل على وضع الدراسات المتخصصة وتحديد خصائص هذا السوق في الدول المستهدفة وصياغة السياسات والإجراءات الهادفة لتحقيق المواءمة بين قوّة العمل اللبنانية المتخصّصة ومهارتها وحاجات الأسواق المحلية والعربية لها.
* المحور الثالث: تطوير مناهج التعليم:
أصبح ضروريًّا وملحًّا تطوير مناهج التعليم الأكاديمي والتقني ومخرجاتها على المستويات كافّة، بحيث تنعكس على المهارات الّتي تتطلّبها أسواق العمل المستقبليّة، خصوصًا بالنسبة للشباب اللبناني لجهة توافقها مع المهارات الحديثة، وبالتوازي مع ضرورة التركيز على تطوير السلوكيات الشخصية العملية لجهة الانضباط والجدية وتعزيز المهارات القيادية المبادرة والعمل الجماعي الّذي أصبح سمة الإقتصاد الرقمي، من أجل تحقيق التنافسية المطلوبة للعمالة اللبنانية في دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة العمالة الآسيوية والاجنبية الوافدة إليها، مع التشديد على أهميّة وضرورة وضع برامج تدريب وإعداد وتوجيه مستمرّ في المؤسسات التعليميّة يتجاوز ثقافة الحصول على الشهادات العليا التقليديّة الّتي لم تعد تتوافق وحاجات سوق العمل حاضرًا ومستقبلًا، كونها أصبحت عاملًا مؤثّرًا في رفع وزيادة نسبة العاطلين عن العمل في لبنان والدول العربية.
- ضرورة وعي وإدراك أهمية تعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعميمها كثقافة بديلة عن المسار الراهن الذي يعتبر القطاع العام هو المجال الاساسي المتاح للتوظيف في الدول العربية وخصوصا في لبنان الذي أصبح معدل العاملين في القطاع العام خلال العشر سنوات الاخيرة بالنسبة الى مجموع اليد العاملة فيه من بين الأعلى عربيا قياسا الى المعدلات المشابهة، ومرد هذا يعود الى التوظيف والزبائنية السياسية والى تراجع حاد في النمو الاقتصادي منذ عام 2008 والى اعتباره ملاذا لتوفر الأمن الحمائي، إجتماعيا وصحيا نتيجة الارتفاع المطرد والحاد لمعدلات البطالة الناجم عن اسداد أفق فرص العمل لبنانيا خاصة خلال عامي 2018 و 2019.
- العمل على إعداد وصياغة الخطط التشغيلية والتنموية الخاصة والمرتبطة بوضع استراتيجية جديدة للتعليم المهني والتقني وفق التحولات التكنولوجية والرقمية الحديثة ووضعها موضع التنفيذ عاجلا بهدف بناء القدرات والمهارات اللازمة تلبية لاحتياجات أسواق العمل اللبناني والعربي المتسارعة في هذا الاتجاه.
- إيلاء الأهمية لجعل العلوم الاجتماعية والانسانية إلزامية ومتكاملة مع مناهج التعليم الرقمي والعلوم البحتة وإعتبارها جزءا لا يتجزأ منها لما لها من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على إعداد الجيل الجديد فكريا لجهة تطوير منهج التحليل العلمي وبناء الفكر النقدي الإصلاحي لديه بعيدا من منهج التعليم التلقيني الذي يجعل الفرد متلقيا ويعطل لديه منهجية التحليل والمبادرة علما بان هذا الاتجاه بدأ العمل به مؤخرا في كندا والولايات المتحدة الاميركية.
- ضرورة ربط الجامعات والمؤسسات التعليمية بالمؤسسات الاقتصادية والتشغيلية وذلك من أجل تشبيك احتياجات سوق العمل بدقة والعمل على تحقيق المواءمة بينهما بالاعتماد على استشراف الوظائف المستقبلية.
* المحور الرابع: دور وعلاقة غرف التجارة والصناعة والزراعة بالمؤسسات الاقتصادية:
العمل بجدية على تعزيز وتوسيع دور غرف التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية والعربية باعتبارها إحدى أدوات التنمية المحلية الضرورية في عملية رصد الحاجات المستحدثة والتي يحتاجها سوق العمل وفي رصد تقلبات عمليات العرض والطلب من خلال شبك العلاقة مع أصحاب المؤسسات الاقتصادية بكافة فئاتها وتصنيفاتها والتواصل الدوري والمستدام معهم بما يسمح لإعدادهم وتمكينهم وإرشادهم كيفية التحصن من ارتفاع نسبة المخاطر الناجمة عن تقلبات السوق وهي دينامية متحركة وبديهية في اقتصادات السوق في جميع دول العالم وخصوصا في لبنان والدول العربية التي تفتقد الى قطاعات إنتاجية متنوعة في اقتصادها مما يجعلها أكثر تأثرا بهذه التقلبات والأكثر حاجة الى تفعيل دور هذه الغرف لديها.
- منح القطاع الخاص المزيد من الحوافز المالية والإجرائية وتحديث القوانين وجعلها مرنة لضمان إدماج الشباب في سوق العمل من أجل تنشيط النمو الاقتصادي وتأمين مشاركة أكبر للقطاع الخاص وتكبير حصته من الناتج المحلي الإجمالي لكي يتسنى له استيعاب المزيد من قوة العمل.
- العمل على تذليل كافة العقبات الادارية والإجرائية الخاصة في مجال إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة مثل تبسيط الدورة المستندية وتعزيز إنشاء حاضنات الاعمال وتعزيز الاستثمارات الخاصة بها وتخفيف الأعباء الضريبية عن أصحاب تلك المشروعات.
- العمل على خلق إطار تنظيمي يستهدف إيجاد آليات التنسيق الفعالة بين مختلف الجهات المعنية بسوق العمل واجراء المراجعة الدورية لمختلف السياسات الخاصة بهذا الشأن لمزيد من التطوير والتحسين في بيئة الاعمال والعمل على السواء.
- إن إعادة هيكلة اقتصادات لبنان والدول العربية من خلال العمل على تعزيز اللامركزية الادارية بالتوازي مع الإنماء المتوازن وتحقيق الحوكمة وتعميم الحكومة الإلكترونية هو المسار المركزي الوحيد الذي يمكنه احتضان هذه التحولات المستقبلية الكبرى صوب اقتصاد المعرفة التي ستشهدها المنطقة العربية وفي مقدمها لبنان وهو المسار الوحيد الذي بإمكانه أن يضع حدا لثقافة الفساد والرشاوى المستشرية في منطقتنا العربية".