لفت المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بموضوع الفضاء السيبراني وأخطاره على الأمن المجتمعي، إلى أنّ "من ميزات الثورة الرقميّة أنّها فتحت أبواب الغرب على الشرق، والعكس صحيح. كما انّها ربطت بين الشمال وبين الجنوب، وما عاد العالمان بعيدين بعضهما عن بعض"، موضحًا أنّ "عالم الإنترنت قدّم تسهيلات لم يكن أحد يتخيّلها حتّى".
وركّز في افتتاحيّة العدد الجديد (69) من مجلة "الأمن العام" الّتي تصدر عن المديرية العامة للأمن العام، على أنّ "في المقابل، أضحت حياتنا محصورة ببرامج متطوّرة لعالم محكوم بذكاء من يملك مفاتيحه، وبراعة من يُحسن إدارته، التحكّم بكلّ التفاصيل وأدقّها. عالم الإنترنت غيّر طرق عيشنا بشكل مذهل، وصرنا جزءًا من عتاد الحوسبة، حتّى صار التعارف والمُصادقة وكبرى صفقات البيع والشراء تتمّ عبر عالم الألياف هذا".
ونوّه ابراهيم إلى أنّه "إذا كان صحيحًا -وهو كذلك- أنّه نقل وسائل الرفاهية نقلة نوعيّة واستثنائيّة، إلّا أنّه أيضًا كشف تفاصيل حياتنا الخاصة، ودخل بيوتنا ومدارسنا وأمكنة عملنا، ما أدّى إلى تراجع وتلاشي القدرة على صون الخصوصيّة وحمايتها"، مبيّنًا أنّ "أبرز ما أحدثته الثورة الرقميّة أنّها راحت تتحكّم بمصائر وأقدار الدول والأمم، وهذا لا يستدعي هلعًا على الإطلاق، بقدر ما يستدعي تنبّهًا استثنائيًّا لما يدور في هذا العالم من حروب أمنيّة واقتصاديّة وفكريّة، ناهيك بالتحريض على جرائم الكراهية والتمييز وتطويع انتحاريين، عدا عن التوسّع في تجارة الرقيق وتوريط كثيرين في دوائر الإدمان".
وشدّد على أنّ "سلبيّات الثورة الرقميّة وأخطارها، الّتي يتّفق العالم على الكثير منها، دفع بالمديرية العامة للأمن العام إلى إطلاق مبادرة للتوعية من مخاطر الفضاء السيبراني، ليس بهدف القطيعة معه، لأنّ في ذلك ضربًا من الجنون"، مشيرًا إلى أنّ "من يختار مثل هكذا وجهة يتّخذ قرارًا بالعيش في الجانب المظلم، إنّما إبراز مكامن الضعف والقوة لهذا الأخطبوط، من أجل تحقيق هدفين: توعوي ـ تربوي ، وأمني نحمي من خلالهما لبنان ومؤسساته وشعبه من هذه المخاطر".
وذكر أنّ "ما لاقته الحملة من اهتمام وترحيب على مختلف المستويات، خصوصًا على المستويَين الأهلي جرّاء ما عانته وتعانيه الأسر من تسلّل إلكتروني إلى المنازل صار يطاول الأطفال، يستوجب مبادرات يجتمع فيها قطاع التربية والمجتمع المدني مع المديرية العامة للأمن العام لمتابعة حملة التوعية والإرشاد حول كيفيّة حماية الأنظمة الإلكترونيّة وخوادمها والشبكات من الهجمات المنظمة، الّتي تستهدف الأفراد والمؤسسات، ومن خلالهما لبنان الّذي يعرف الجميع انّه في دائرة الاستهداف لشبكات التجسس الصهيونية والمنظمات الإرهابية".
كما أكّد ابراهيم أنّ "التهديدات السيبرانيّة موجّهة لتطال كلّ شيء من دون استثناء، بدءًا من الحياة الشخصيّة اليوميّة، وصولًا إلى تجنيد عملاء وإرهابيّين، وكلّها مخاطر تتطوّر بشكل خطير وسريع"، كاسفًا أنّ "الأمن العام أحبط خلال السنوات الماضية عشرات العمليّات الّتي كانت تهدف إلى تجنيد لبنانيين لصالح الجماعات الإرهابية والعدو الاسرائيلي. هذه الحرب الصامتة بيننا وبين أعدائنا هي حرب مفروضة".