أعلن سفير المملكة المغربية في لبنان محمد إكرين أن "السحابة الكثيفة التي حجبت جزءا من العلاقات اللبنانية المغربية، من حوالي السنة، قد بدأت بالانقشاع، وقد عملنا مع كل أصحاب النيات الحسنة في لبنان والمغرب، على أن لا تتوسع هذه الغمامة رغم كثافتها".
في حديث الى برنامج "قد الكلمة" مع الزميلة وداد حجاج في "إذاعة لبنان"، لمناسبة عيد العرش المغربي، اوضح إكرين أن "الأمور في تحسن كبير، وإن اللقاءين اللذين تما بين وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل ونظيره المغربي ناصر بوريطة، على هامش المؤتمر، الذي نظمته الأمم المتحدة حول الهجرة، ومؤتمر الجامعة العربية الاقتصادي والاجتماعي، كانا إيجابيين جدا"، كاشفا عن "زيارة قريبة لوزير الخارجية المغربي إلى لبنان، وانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، في النصف الأول من السنة المقبلة، والتي لم تجتمع منذ رحيل رفيق الحريري".
ولفت الى "أننا نعرف أنه في العلاقات الخارجية، عندما يكون هناك أزمات أو غمامات، فهذا يعني أن العلاقات أصبحت لا يطيقها جانب، ويجب أن يطرأ عليها تغيير، واللقاءات المتبادلة تكون إيجابية في حد ذاتها، والأمور في طريقها إلى التوضيح والتحسن".
وردا على سؤال حول "صعوبة حصول اللبنانيين على التأشيرات إلى المغرب، على خلفية هذه الأزمة"، أشار الى أن "الصعوبة هي بسبب الأزمة، وأيضا بسبب تغيير المعايير بالنسبة للمغرب، للحصول على التأشيرات، حيث أصبحت تخضع لدراسة وقرار في الرباط، وليس على مستوى السفارة المغربية في لبنان، والمعالجة اتخذت شكلا آخر، لا يمكن لأي دبلوماسي أن يقوم به، وبفضل الجهود السياسية بين البلدين، بدأ العديد يلمسون أن مسألة التأشيرات في طريقها إلى الحل، إلا لجانب واحد، حيث لم نجد الآلية المناسبة، لكي نتأكد من جميع من يدخل المغرب، وهذا التدقيق بسبب المخاطر، التي ليست من لبنان فقط، بل العالم كله، وحتى بالنسبة إلى مواطني البلدان، التي ليس لها تأشيرة في المغرب، عليهم الآن أن يخبروا أنهم سيأتون عبر بوابة إلكترونية قبل 96 ساعة، وإلا لن يدخلوا، وذلك لنتمكن من حماية بلادنا من أية مخاطر، سواء كانت إرهابية، أم اقتصادية، أم تبيض أموال، أم إتجار بالبشر أو المخدرات".
وحول الدعوة التي أطلقها عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم من المغرب، على هامش مشاركة مجلس النواب اللبناني في أعمال اللجنة التنفيذية للبرلمانات العربية والإسلامية، التي دعا فيها إلى أن "تأخذ الدبلوماسية البرلمانية دورها، في بناء علاقات إيجابية بين الجانبين"، رحب إكرين بهذه الدعوة، معتبرا أنها "إشارة في اتجاه جديد ونسجلها بارتياح، مع التشديد على الدعوة الأساسية، التي قدمها وزير الخارجية اللبنانية لنظيره المغربي، ودعوة وزارة الخارجية اللبنانية والمبادرات، التي قدمها في هذا الاتجاه من خلال السفارة المغربية، وكذلك ما يقوم به السفير اللبناني في المغرب، بالإضافة إلى الديبلومسية الموازية أي البرلمانية، ولا ننسى دور المجتمع المدني والمثقفين، الذين لا يلتفت الجميع إلى دورهم، حيث العلاقات الثقافية ما بين لبنان والمغرب قوية جدا".
واعتبر أن "أهم ما يميز المغرب هذه السنة، هو زيارة قداسة البابا إليه، التي تؤكد ما يريد أن يقوم به المغرب، في التعاون بين الديانات السماوية والثقافات والحضارات، والأهم كان التوقيع على وثيقة هامة جدا، وهي "نداء القدس"، التي وقعها الملك محمد السادس، بصفته رئيسا لجنة القدس داخل منظمة القمة الإسلامية، وقداسة البابا، بصفته زعيما للكنيسة المسيحية، وهذا النداء فيه تشديد على الطابع الخاص للقدس، الذي يضمن تعايش الديانات الثلاثة، وأن تكون مركزا للحوار ولحرية الشعائر والمعتقد، في زمن كثر فيه الحقد والكراهية وعدم قبول الآخر".
وردا على سؤال حول "الاحتفال لأول مرة هذا العام، بيوم إفريقيا في لبنان، والرسالة التي يودها المغرب من بيروت"، أشار الى "أننا نعتبر ان لبنان بدوره الإشعاعي في العالم العربي، والدور الذي تلعبه الجالية اللبنانية في إفريقيا، لأنها قوية ولها حضور اقتصادي في مختلف الميادين، ارتأينا أن لبنان، يمكن أن يكون ورقة أساسية لبناء هذا التعاون الإفريقي - العربي، وهذا يصب في توجه المغرب نحو تعزيز العلاقة بين المغرب وإفريقيا، إذ إن العلاقة مع إفريقيا هي عودة إلى تاريخنا"، نافيا "ما يقال إن المغرب يقوم باختراق ناعم للقارة السمراء، لأن مقاربة المغرب هي الذهاب لأسباب اقتصادية وتجارية، وما السياسة إلا العمل لتهيئة الظروف"، مشيرا إلى أن "الفاعل الأساسي في إفريقيا، هو القطاع الخاص المغربي، وأن القادة الأفارقة يحجون مرات ومرات إلى المغرب ليتعرفوا إليه".
وعن السياسة الخارجية المغربية حاليا بعيدا عن الأحلاف، أشار إلى "ما سماه التطور والتبلور، الذي يعتمد على مبدأين، الوفاء والتجديد، الوفاء للحلفاء، لكن في الوقت نفسه، فإن اتخاذ أي قرار في أي قضية من القضايا، يكون انطلاقا من الأهداف الاستراتيجية، التي يضعها دستورنا، ومن دون اصطفاف، فالمغرب في مواقفه السياسية على المستوى الدولي، لا يصطف حول اتجاه، من دون أن يعرف مخرجاته، وهدفنا الاستراتيجي الأول في المغرب، هو الانتماء إلى المغرب العربي الكبير، الذي يضم ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا، بعد ذلك يأتي الانتماء إلى الأمة العربية ثم للقارة الإفريقية ومحيطنا المتوسطي".
ولفت اكرين الى أن "اليوم العالم، أصبح قطبية متعددة لا تتناقض بالضرورة، وعلاقاتنا الاتحاد الأوروبي، هي علاقة شراكة، كذلك لدينا علاقات جيدة جدا مع الصين وروسيا، وأيضا مع الولايات المتحدة الأميركية، نحن لا نعادي أحدا، وحتى من يعادينا، نبحث معه عن حلول".
وحول "المشكلة مع الجارة الجزائر"، مشيراً الى أنه "رغم كل المشاكل، فهذا هو قانون الجغرافيا، الجار لا تختاره، فهم إخوتنا، ونحن نقترح حلا يحفظ ماء الوجه للجميع، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وهو الحل الذي تقدم به المغرب رسميا إلى الأمم المتحدة، بإعطاء المناطق المتنازع عليها حكما ذاتيا واسعا، ومجلس الأمن الدولي وصف المقترح المغربي، بأنه واقعي وجدي وقابل للتنفيذ، وأن يكون الحل سياسيا متوافقا عليه من كل الأطراف، ونحن متفاءلون بتجاوز الخلاف وسنتجاوزه".