عندما نقل حزب الله بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة رئاسة لجنة الإعلام والإتصالات من أحد صقوره النائب حسن فضل الله الى صقر آخر من صقوره ألا وهو النائب حسين الحاج حسن، كان واضحاً أن اللجنة المذكورة تهمّ الحزب أكثر من أي وزارة إو إدارة رسمية أخرى، ولأنه قرر تفريغ فضل الله داخل الحزب لملف مكافحة الفساد، وهو من أكبر الملفات التي يحتاج الى متابعة في بلد كلبنان، وقعت التسمية على الحاج حسن لرئاسة اللجنة خصوصاً أن الأخير لم يعد وزيراً في الحكومة، ويمكنه أن يعطي اللجنة كل ما تحتاجه من وقت.
إذاً القضية ليست قضية مبنى شركة touch الجديد الذي إستأجرته وزارة الإتصالات في سوليدير خلال عهد الوزير جمال الجراح، ثم عادت وحوّلت الإيجار الى عقد شراء بـ75 مليون دولار في عهد الوزير الحالي محمد شقير. القضية الأساسية هي أن الحزب، وإنطلاقاً من ملفات فساد عدة على علاقة بوزارة الإتصالات، قرر دخول دهاليز هذه المغارة التي تحتل المرتبة الأولى بين المؤسسات الرسمية التي تحوّل سنوياً أموالاً وأرباحاً الى الخزينة بملايين الدولارات. وهنا يسأل أحد الممسكين بتفاصيل هذا الملف من خارج تركيبة الحزب، "وكيف لا يعطي حزب الله كل الأهمية والوقت للجنة الإعلام والإتصالات وقيادته تعرف تماماً أن من يمسك بقرار الوزارة خلال السنوات هو تيار المستقبل أكان عبر الوزير الحالي محمد شقير والسابق جمال الجراح، أو عبر منصب مدير عام هيئة أوجيرو الذي بقي لسنوات وسنوات مع عبد المنعم يوسف قبل ان يؤتى بغيره"؟
بحسب المعلومات، يعتبر الحزب أن الهدر الذي يشهده قطاع الإتصالات من المال العام لا مثيل له في أي وزارة أو قطاع آخر، وإذا إتخذت الإجراءات الرقابية اللازمة، توفّر على الخزينة حوالى ٥٠٠ مليون دولار سنوياً، والعنوان الأبرز لهذه الإجراءات هو تقليص مصاريف الشركتين المشغلتين للخلوي، من إيجارات المباني الى الأموال التي تدفع لرعاية المهرجانات وصولاً الى حفلات العشاء السنوية. أما بالنسبة الى حجم الأموال التي هُدرت في قطاع الإتصالات، فيُقدّر بـ2 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم جداً في زمن تعاني فيه الخزينة الأمرّين، ويبحث فيه مجلس النواب خلال مناقشة الموازنة العامة على الضرائب والرسوم هنا وهناك لدعم الخزينة.
بالتوازي مع ما يقوم به حزب الله، يلعب كل من النائبين جميل السيد وجهاد الصمد، وهما حليفا الحزب، دوراً بارزاً في الإضاءة على الكثير من المخالفات المرتكبة في قطاع الإتصالات وهنا يقول مطلعون على الملف "ما لا يقوله الحزب رسمياً يقوله السيد والصمد عن المخالفات". إذاً ملف الإتصالات فُتح على مصراعيه بفضائحه وصفاته وملياراته، فهل يذهب الحزب في معركته هذه حتى النهاية وصولاً الى الرؤوس الكبيرة؟ والى أي مدى ستسمح التحالفات السياسية برفع الحصانات والفيتوات؟!.