طبعت المرحلة الراهنة من المواقف الدولية تجاه لبنان ثلاثة محطات بارزة لبنانية-دولية اتّسمت بنوع من العمل التشريعي-السياسي الحديث، الذي لا يتقن سبكه إلا عقول مدبرة للتغيير. وهي بحسب التسلسل التاريخي :
-قانون صفر تسامح الاميركي.
-قانون حظر حزب الله الألماني.
-قانون حظر الدعم الاميركي للحكومة.
في المبدأ من حق اي دولة سنّ تشريعاتها الوطنية وفق ما تقتضيه سياساتها العامة والدولية؛ ولكن السؤال المركزي المطروح، من يقف وراء التحركات الدولية إزاء لبنان؟.
من المعروف ان الأحزاب اللبنانية بمعظمها استطاعت على مرّ عقود تزامنت مع اغتراب الجالية اللبنانية في كل بقاع الارض من التوسع خارج الحدود اللبنانية.
في البدء كان الهدف انسانيا للمّ الشمل والتكافل الاجتماعي وممارسة الأنشطة الثقافية، ليعود ويركز على المبادئ العقائدية والأنشطة المسانِدة لتحقيقها.
لكن، لم يعد العمل الحزبي اللبناني في الخارج نتاجًا لاهداف لبنانية بحتة، خاصة وان نسبة كبيرة من المغتربين اللبنانيين يحملون جنسيات بلاد اخرى وهم يشكلون ثقلًا وازنًا في اي انتخابات اجنبية.
من هنا، لا بد من الإشارة الى ازدواجية المصالح في العلاقات الثنائيّة فيما بين مكاتب الأحزاب في الخارج والسلطات المحليّة الأجنبية على الشكل التالي :
-لكل حزب أهدافه الداخلية التي يسعى للحصول على دعم دولي لها.
-لكل سلطة محلية مصالحها التي تسعى لكسب رضى الناخبين من اي أصول كانوا. والأحزاب تجمعات وازنة.
في هذه المشهدية يبرز الدور الإعلامي لبعض الاعلام الحزبي، الذي يذهب بعيدًا في الإضاءة على كل تحرك خارجي مع إعطاء ابعاد مبالغ فيها في كثير من الأحيان سيما في المشهدية الآتية :
يتجه بعض نواب غربيين وبصورة فردية لمصالح انتخابية نيابية او اقتصادية او لقناعاتهم الوطنية الى تقديم اقتراحات قوانين تتعلق بالشأن اللبناني. فهل ذلك نتيجة لسياسة دولة أم عمل فردي أم مصلحة حزب لبناني؟. على الأغلب، نشهد مصلحة حزب بأداة فردية ترسم سياسة دولية.
في السياسة الدولية التقليدية، كان العمل الخارجي مقتصرا على وزارة الخارجية والسفراء المعتمدين في مد جسور التواصل.
في السياسة الدولية الحديثة، انّ مكاتب ولجان الأحزاب اللبنانية في الخارج تقوم بدور اكبر؛ وذلك لانها غير مرتبطة بقرار رسمي مركزي من الدولة للتحرك كما هو واقع السفراء المعتمدين.
أما الجمعيات المدنية والتي يمارس بعضها النشاط الاجتماعي او الديني فهي منكشفة من حيث ارتباطاتها الحزبية (اذا وجدت) ولها تأثيراتها على السياسة الدولية تجاه لبنان.
نتوقف عند مشهدية جديدة. بعد النزوح السوري وانتشاره في العالم، برزت التجمعات السورية في الانتشار المعارضة للنظام السوري وسياساته. بعضها تعتبر حزب الله الذي يشارك في الحرب السورية شريكًا للنظام الذي تعارضه ويعتبر الدولة اللبنانية مقصّرة بحقه. لذا، تعمل تجمّعات ولجان وهيئات سوريّة في الخارج بنوع من تكتّل مع مكاتب احزاب لبنانيّة لوضع خطط سياسية-دولية لممارسة المعارضة السياسية.
كيف يتعامل لبنان الرسمي مع ما سبق ذكره من تحركات دولية؟ الواقع ان الحكومة اللبنانية امام تحدّيات دولية لا تقل خطورة عن أزمات لبنان الداخلية.
تحديات تفرض خروجا عن البروتوكول المألوف في السياسة الخارجيّة وانفتاحا اكبر نحو مكوّنات لبنان في الخارج من احزاب وجمعيات وأفراد، اضافة الى مواقف رسمية لبنانية لا بد وان تأخذ بالاعتبار الركائز التالية: سيادة لبنان، سلامة اللبنانيين في الانتشار، سيادة الدولة الأجنبية .
يتجه العالم الى تحالفات تحتال على القوانين الدوليّة. وتبرز مقررات وقوانين تلتفّ على المعاهدات الدولية. ماذا يفعل لبنان بمواجهة التسللات التشريعية لضربه؟، القضية اللبنانية في اروقة ودهاليز الدول تحتاج من الجانب اللبناني اكثر من استنكار او تجاهل او فنجان قهوة.