في الرابع من حزيران أصدر مدير عام تعاونية موظفي الدولة يحيى خميس قرارا قضى باستقبال طلبات منح التعليم، عن العام الدراسي 2019-2020، نهار اليوم الإثنين، عبر مؤسسة "ليبان بوست"، وذلك تفاديا للإزدحام الكبير وبالتالي المخاطر التي تُحدثها عملية الحضور الى مراكز التعاونية. مع الإشارة هنا الى أن موظفي القطاع العام، ما عدا الجيش والقوى الأمنية، من المستفيدين من تعاونية موظفي الدولة يصل عددهم الى حوالي 90 ألف موظف.
قد يبدو هذا القرار للوهلة الاولى مثاليا، كونه يفكر بالحالة الصحية لموظفي القطاع العام، ولكن هذا الأمر لم يمنع مصادر تربوية رسمية من تسجيل عدة ملاحظات حول القرار، تجعله مثيرا للتساؤلات.
أولا، وبحسب المصادر التي تتحدث عبر "النشرة"، فإن عملية تقديم الطلبات تتطلب خطوات ثلاث، الأولى تكون عبر زيارة المدرسة للاستحصال على إفادة تُثبت وجود الطالب فيها خلال العام الدراسي، وهي لا تزال تحصل للمدارس، والخطوة الثانية تكون عبر تصديق الإفادة في المنطقة التربوية الخاصة بكل منطقة، وثالثا تقديم الطلب في التعاونية، وبالتالي إن فرض "ليبان بوست" على خطوة واحدة من الخطوات الثلاثة، يعني أن هدف الحفاظ على صحة الناس لم يتحقق، مع العلم أن مبنى التعاونية في 3 مناطق في لبنان هو الى جانب مبنى المنطقة التربوية.
ثانيا، أبدت روابط المعلمين ونقاباتهم إمتعاضا من القرار، وتشير المصادر عبر "النشرة"، الى أن خميس رفض كل الحلول التي طرحتها الرابطة، وغيرها من النقابات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، استقبال المراجعين بطريقة تضمن السلامة العامة كما يفعل الضمان الاجتماعي مثلا، انتداب مندوب من التعاونية في كل دائرة لجمع الطلبات التي تُقدم في إحدى المدارس التي يُتفق عليها في كل منطقة أو قضاء، خلق بريد خاص بالتعاونية يتم تقديم الطلبات عبره، مشددة على أن المدير العام رفض كل الحلول، وأغلق كل الأبواب وأبقى على باب "ليبان بوست" مفتوحا.
ثالثا، تشير المصادر الى أن كلفة تقديم الطلب عبر "ليبان بوست" ستكون 8 آلاف ليرة، مع وجود إمكانية لتخفيض الكلفة الى 6 آلاف، بينما لم تكن تتعدى كلفة تقديم الطلب في مبنى التعاونية، وكما ينص القانون، ألف ليرة لبنانية على شكل طابع مالي.
رابعا، تلفت المصادر النظر الى انه لا يحق لأحد تعديل الأنظمة المرعية الإجراء بهذه الطريقة، وإن كان من الممكن طرح خيار "ليبان بوست"، كخيار ثان الى جانب الخيار الأساسي بتقديم الطلبات داخل التعاونية أو عبر الحلول التي ذكرناها اعلاه، ليكون عندها حلّا مناسبا لمن يسكن بعيدا عن مبنى التعاونية.
خامسا، ترى المصادر أن حصر خيار التقديم بليبان بوست، يعني حصول هذه المؤسسة على مبلغ يتخطى الـ500 مليون ليرة، بفترة زمنية قياسية قد لا تتعدى الأسبوع الواحد، كون الموظفين يحتاجون الى المنح المدرسية بسرعة، مع العلم أنها كانت تُدفع في نيسان، وبالتالي هذا القرار يُثير الشكوك ويطرح التساؤلات حول هدفه الحقيقي في هذه الظروف.
من جهته يؤكد خميس أنه تم التفكير بكل الحلول الممكنة، ولم يجد حلا مناسبا أكثر من حل اللجوء الى ليبان بوست الذي يملك 100 مركزا في كل المناطق، بينما التعاونية لا تملك سوى 8 مراكز بكل المحافظات، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن الناس لا تملك ثقافة الالتزام بإجراءات الوقاية، واذا ما تمت زيارة مراكزنا في الأيام التي نوزع فيها الأدوية المستعصية مثلا يمكن تبيان ما نقصده، مشددا على أننا "لن نتحمّل فكرة انتشار الفايروس في مراكزنا او منها".
ويضيف: "الإزدحام الذي نتحدث عنه في فترة تقديم الطلبات ليس عاديا، ففي العام الماضي مثلا لم يتمكن البعض ممّن حجزوا أرقامهم، تقديم الطلبات قبل نهاية النهار بسبب الطوابير، فكيف سيكون الحال اليوم بظل التأخر بتقديم الطلبات والحاجة الى المنح"؟، مشيرا الى أن تقليد الضمان يعني الحاجة الى أشهر للإنتهاء من مرحلة تقديم الطلبات.
يدعو خميس لعدم رمي التهم جزافا حول وجود صفقات، فلو تواجد أي خيار أفضل من ليبان بوست، ويؤدي الغاية المطلوبة لكانت التعاونية قد توجهت إليه بلا تفكير، مشيرا الى أن الموضوع ليس مزاجيا، وصحة الناس أولوية، وأبوابه مفتوحة بشكل دائم لمن يرغب بالسؤال والاستفسار.
لا شكّ أن الوضع الذي وصلنا إليه في لبنان يجعل الشكّ في كل قرار حقّا، كون الصفقات والسمسرات باتت عنوان كل قرار وخيار، وفي هذا الموضوع المثار اليوم، عرضنا وجهتي النظر، والحكم يبقى للناس.