اختار الراهب الكريميّ جان عقيقي ان "يرتجل" من تلقاء نفسه، ودون العودة الى رهبانيته او مراجعه الدينية، واحب ان يقوم بخطوة في مراسم تشييع الراحل لقمان سليم الذي اغتيل منذ ايام، فقام بخطوة ناقصة ادت الى وضعه ورهبنته في ورطة كان الجميع في غنى عنها، بتصرّف ولاّدي غير مسؤول وأقل ما يقال فيه أنّه تصرّف أرعن.
واذا كان الهدف من تواجد عقيقي في هذه المناسبة، التشديد على اهمية العيش المشترك وعلى تعاضد اللبنانيين الى اي طائفة او مهب انتموا مع بعض في الشدائد، فالامر اكتسب منحى آخر حين قرر ان يرتّل بصوته ترتيلة "انا الام الحزينة" في سابقة لم يشهدها لبنان في تاريخه. لم يكن اختيار الراهب عقيقي لهذه الترتيلة موفقا أبدا ان من حيث الشكل او من حيث المضمون، فالراحل سليم اغتيل في ما اعتُبر جريمة سياسية وليس اضطهاداً دينياً وقد تداول العالم بأسره بجريمة اغتياله من باب المنحى السياسي. وحتى من حيث المضمون، لا يحق لعقيقي او لغيره وضع اي انسان في مرتبة السيد المسيح، لانه امر يمسّ بكل مسيحي وبكل مسلم فالمسيحيون يعبدون المسيح والمسلمون يضعونه في مرتبة الانبياء، الا ان هذا الراهب اختار ان يطيح بكل العقائد الدينية من اجل ان يرتجل ويُسرّ بنقل وسائل الاعلام لصورته وصوته في مشهد لم يعتد اللبنانيون رؤيته من قبل.
وكان لا بدّ لهذه الخطوة غير المدروسة، لا بل المتهورة، ان تحصد التفاعلات السلبيّة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما وضع عقيقي ورهبنته في موقف لا يحسدان عليه.
"النشرة" توجهت الى رئيس الرهبنة الكريمية (التي ينتمي اليها عقيقي) مارون مبارك لاستيضاحه حول هذه الحادثة، فأكد ان "عقيقي لم يستحصل على اذن الرهبنة للمشاركة في مراسم التشييع أصلاً، بل ذهب من تلقاء نفسه"، لافتا الى أنه "لو طلب منا الإذن للقيام بما قام به، فلم يكن ليحصل عليه". واعتبر أن القيام بترتيل "أنا الام الحزينة" خلال تشييع سليم "عمل ليس في مكانه أبداً"، مضيفاً: "سنتخذ إجراء في حق جان عقيقي ولكن لن نفصح عنه لأنه أمر داخلي يتعلّق بالرهبنة".
في المقابل، كان لرئيس الرهبنة الأنطونية الأباتي مارون أبو جودة تعليق رداً على سؤال من "النشرة" حول مشاركة راهب آخر في مراسم التشييع وهو الراهب الانطوني جورج صدقة، فقال الاباتي ابو جودة ان "هذا الامر يعني صدقة وهو المخوّل التحدّث بالموضوع فاسألوه هو".
تجدر الاشارة الى أن الرهبانية الّتي ينتمي اليها عقيقي ليست رهبانيّة حبريّة إنّما رهبنة بطريركيّة، ممّا يعني أن البطريركيّة المارونيّة هي المسؤولة بشكل مباشر عنها.