نظمت رابطة كاريتاس لبنان مؤتمرا تحت عنوان "بيتنا المشترك، لبنان الرجاء" برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وبالتعاون مع الرهبانية المارونية المريمية واللجنة الاسقفية للحوار المسيحي- الاسلامي في لبنان، في مسرح البطريرك الراعي – دير سيدة اللويزة، وذلك بمناسبة مرور 25 سنة على زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان، وقد حضر المؤتمر كل من رؤساء ومندوبي الطوائف والمذاهب اللبنانية.
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني مع جوقة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة، ثم رحّب رئيس عام للرهبانية المارونية المريمية قدس الأب العام بيار نجم، بالمؤتمرين باسم رئيس اللجنة الاسقفية للحوار المسيحي - الاسلامي المطران شارل مراد والأب ميشال عبود رئيس رابطة كاريتاس لبنان مشيرا الى "اننا نجتمع اليوم من كافة العائلات الروحية التي تشكل نسيج وطننا، لنعلي معاً صرخة نحو العليّ، أن يبقى في قلب شبيبتنا الرجاء، ونكرّر ما قاله يوحنّا بولس الثاني في رسالته العامّة، رجاء جديد للبنان، "يبقى الرجاء حيّاً فيهم، على الرغم من كلّ شيء".
ونوه الاب عبود بـ"البيت المشترك حيث نعيش، في الارض التي تؤمن أنها تجمع المسيحيين والمسلمين معا بعيدا عن التطرف والعنف الذي يسيء الى العيش المشترك، والعملِ على ما يجمعُ اللبنانيين في شعبٍ واحدٍ وأُخوةٍ مشتركة ليكونوا شركاء في بناء البلدِ ودفعهِ الى المزيد من التعاونِ والتفاهُمِ لخدمةِ لبنان، ولا يكفي ان نتَكلمَ عن العيشِ المشتركِ، عن العيشِ الواحِدِ، عن العيشِ معاً عن المحبةِ لبعضِنا البعض. يجب ان نُعَّلِمُ. هذا ما نُريدهُ اليومَ. وإذا كنا نجتمِعُ اليومَ ليسَ للمِثاليات وإنما للعيشِ في العُمقِ. فكُلُ واحدٍ منا يقفُ وقفةَ ضميرٍ. ماذا تفعل حتى تخلُقَ هذا الجوَ منَ الحُبِ. اين هي مدارِسُنا؟ اينَ هي مَعاهِدُنا، واينَ هي بيوتُنا من حالِ المحبةِ فيها".
ودعا المنسق العام لشبيبة كاريتاس لبنان بيتر محفوظ في كلمته الجميعَ الى "الإتحادِ والسّيرِ معًا من أجلِ إنماءِ وازدهارِ بيتِنا المشترك لبنان. والشبيبة هي أفضلِ الطرقِ للقيامِ بهذا العملِ الذين هم قادةُ المستقبل، فالشبيبةُ نبضُ الوطنِ، وكما قالَ البابا فرنسيس: هُمُ الحاضرُ والمستقبَلُ، فهمْ يملكونَ طرقًا خلاقةً وحماسًا قويًّا للتّغيير".
من جهته لفت رئيس اللجنة الاسقفية المطران مار ماتياس شارل مراد، الى الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" الذي شاء البابا القديس يوحنا بولس الثاني ان يرسي من خلاله اسساً واضحةً لهذا الوطنِ الذي أحبَّ وحملَ في قلبِه وتفكيرِه وصلاتِه، موضحا أنه "لم يكنِ الإرشادُ الرسوليُّ بحدِّ ذاتِهِ انجيلاً، وليس مُنزلاً بالطبعِ، لكنّه رسَمَ في حينِهِ خارِطةَ طريقٍ لتثبيتِ هويّةِ لبنانَ وتفعيلِها من خلالِ دعوةِ المسيحيّينَ إلى التجدُّدِ في الإيمانِ بمسيرةِ صلاةٍ وتوبةٍ وارتدادٍ من جهةٍ، ودعوةِ المسيحيّينَ والمسلمينَ والدروزَ إلى التعاونِ والتفاهُمِ والاعترافِ الحقيقي بالحرّيّاتِ الجوهريّةِ من جهةٍ أخرى. إنّه بمثابةِ دستورِ حياةٍ للبنانَ في كلّ أطيافِهِ ومكوّناتِه".
وبعد ورش العمل صدرت عن المؤتمرين توصيات شددت على ضرورة "الحفاظ و حماية التنوع الديني الذي يتمتع به لبنان باختلاف طوائفه، واهمية التعايش حتى في الازمات والظروف غير المستقرة، من خلال التعاون بين كافة الاطراف والمواطنة اللبنانية، والتغلّب على الطائفية السياسية هو أمر مهم من أجل أن يرقى البلد إلى مستوى الطموح في أن يصبح دولة مدنية تقوم على سيادة القانون، وتفكيك شبكة الولاءات الدينية المتطرفة والتركيز على المواقف الاجتماعية المشتركة لتعزيز آفاق المواطنة والعيش المشترك".
وتابعت التوصيات: "لبناء بيتنا المشترك، علينا إقامة مجتمع شمولي يمكن أن ينمو في ظلّه التنوع الديني الموجود والناشىء بكل حرية ومن دون أي تمييز، الإلتزام بالاحترام المتبادل فهو يولد الثقة المستدامة عبر الحدود الدينية والطائفية والسعي لتوسيع نطاق التعاون بين الأديان، والالتزام بالحوار بين الأديان وتعزيز روح العيش المشترك والتعاون وإظهار باشكال متعددة الاهتمامات المشتركة كالسياسة والفن، والخدمات الاجتماعية، والانتماء للوطن"، وتابعت: "من اهم العوامل التي سمحت بالحفاظ على تماسك البلاد هي المواطنة اللبنانية المشتركة و ليس المعتقد ديني او الطائفي الواحد وهذا العامل يساعد بالحفاظ على البنية المدنية و طويرها، وصون التنوّع الديني وتنميته في وجه التهديدات الخارجية وفي ظلّ التحديات الداخلية، والاستعداد لإجراء إصلاحات، والجرأة في الوقوف بوجه الاعتداءات التي تطال العيش المشترك".
وفي الختام رفعت صلاة مشتركة للرب جمعت المرجعيات المسيحية والاسلامية .