كشف الإعلان عن ضبط عصابة تقوم باستدراج الأطفال والقصر بهدف اغتصابهم وإجبارهم على تعاطي المخدرات في عدة فنادق، بينهم "تيك توكر" شهير، عن حجم الخطر الذي تشكله مواقع التواصل الإجتماعي على الأطفال والمراهقين، خصوصاً أن هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، بل سبقها الإعلان عن المئات من الجرائم الأخرى، التي كانت بأغلبها ذات طابع فردي، على عكس الحالة الراهنة، حيث الحديث عن عصابة، بحسب ما تؤكد مصادر أمنيّة عبر "النشرة"، تشدد على أهمية أن يبادر الأهل إلى التبليغ عن أي حالة من أجل الملاحقة.
في الماضي، كان يحرص الأهل على منع أطفالهم من اللعب في الشارع، خوفاً مما قد يتعرضون له، لكن اليوم ساهمت مواقع التواصل في نقل الشارع إلى كل منزل، حيث يكون الأطفال، من خلال إستخدامهم لهذه المواقع، عرضة لمختلف أنواع الإستغلال، لا سيما إذا لم يقم الأهل بالدور المطلوب منهم، حيث أن الأمور مفتوحة لتواصلهم مع عدد غير محدود من الغرباء، الذين لا يمكن التكهن برغباتهم أو أهدافهم، وبالتالي الخطر موجود في كل منزل، من وجهة نظر المصادر نفسها، التي تلفت إلى المتابعة مستمرة لأي عملية من هذا النوع، مشددة على ضرورة عدم الخوف أو الخضوع للإبتزاز.
في هذا السياق، يؤكد الاعلامي والخبير في وسائل التواصل الإجتماعي أمين أبو يحيى، في حديث لـ"النشرة"، أن الحل الأساسي يكمن بدور الأهل، الذين عليهم لعب دورهم في هذا المجال، خصوصاً بعد هذه الجريمة التي أرعبت المجتمع اللبناني في الأيام الماضية.
ويشير أبو يحيى إلى أن على الأهل مراقبة ما يتصفحه أولادهم على مواقع التواصل، خصوصاً أن التحرش بالإطفال والتغرير بهم، كما حصل في هذه الجريمة، منتشر على مختلف المنصات، ويضيف: "هو قائم على مختلف التطبيقات، والحل يبدأ من الأهل، الذين عليهم أن لا يتركوا المساحة مفتوحة لأولادهم".
من جانبها، توضح مستشارة المناصرة والحماية القضائية في جمعية "حماية" باسمة رماني، في حديث لـ"النشرة"، أن مسؤولية حماية الأطفال تقع على عاتق الدولة، عبر أجهزتها الأمنية والقضائية، والمجتمع والأهل، لافتة إلى أن التعامل مع هذا الخطر يبدأ من خلال الوقاية، عبر الحوار وبناء الثقة والتواصل المستمر مع الأطفال. وتشير إلى أن على الأهل عدم ترك أطفالهم يستخدمون هذه المواقع دون رقابة منهم، وترى أنه "قبل عمر 13 يجب ألا يكون لديهم أيّ إستخدام لها، وفي حال الاستخدام وجب أن يكون بحضور شخص راشد من الأسرة، أما بعد هذا العمر فيجب العمل على بناء الثقة التي تعطيهم الحصانة، حيث تكون الرقابة عن بعد، أيّ عدم المنع المطلق كي لا يؤثر ذلك على ثقتهم بأنفسهم".
بعد وقوع الجريمة، تشدد رماني على أهمية التبليغ، أما بحال لم يرغب الأهل بذلك فيمكن الإستعانة بالاخصائيين، من أجل معرفة كيفية التعامل مع الأطفال، حيث تشير إلى أن المعالج النفسي أو المساعد الإجتماعي هو كالطبيب، بينما قدرات الأهل قد تكون محدودة، لا سيما أنهم في هذا العمر ما كانوا يستخدمون مواقع التواصل التي لم تكن موجودة. كما تتطرق إلى مسألة المثال الذي يقدمه الأهل، حيث تؤكد أنهم لا يستطيعون أن يمضوا وقتهم على مواقع التواصل، ثم يبحثون عن كيفية منع أطفالهم. وتشير إلى خطورة مسألة التفلت من العقاب، موضحة أنه ليس هناك من قانون يعاقب المعتدي، بالنسبة إلى الجرائم التي تحصل على مواقع التواصل، حيث تلفت إلى أن النائب العام يلجأ إلى قانون العقوبات، للقيام بإسقاط المادة القانونية حول نوع الجرم، وتضيف: "لو كان هناك قانون خاص كنا سنكون في مكان آخر".
في المحصّلة، هذه الجريمة تؤكد من جديد حجم الخطر الكامن في مواقع التواصل الإجتماعي، خصوصاً على الأطفال والمراهقين، الأمر الذي يحتّم التعامل معه بشكل مختلف من قبل الأهل، إلى جانب الدور الملقى على عاتق المؤسسات المعنيّة، سواء على مستوى المتابعة من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية، أو على مستوى التوعية من قبل المؤسسات التربوية، التي لا يجب أن تتجاهل هذا الخطر.