بدأت تباشير فشل الولايات المتحدة الأميركية بالتوصل الى صفقة تُنهي الحرب على غزة تتصاعد تدريجياً مع الاقتراب من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، واستمرار تعنّت رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يرغب بوضوح استمرار الحرب الى ما بعد الانتخابات، بمحاولة منه لدفع ترشّح دونالد ترامب قدماً، وعدم وقف اطلاق النار يعني خطر التصعيد في لبنان.
بعد تيقّن الأميركيين أن الصفقة قد لا تكون متاحة في الوقت الراهن لوقف الحرب وبالتالي وقف التصعيد والعمل العسكري على كل جبهات الإسناد، بدأ مسؤولون أميركيون يتحدثون عن عمل دبلوماسي مكثّف يهدف للتوصل الى حلّ على الجبهة بين لبنان واسرائيل، رغم علمهم أن وقف هذه الجبهة لا يتطلب سوى وقف الحرب على غزة، وبالتزامن تلقت بيروت بحسب مصادر سياسية بارزة نصائح دولية بضرورة العمل على خفض التصعيد والدخول في عملية التفاوض، التي تؤدي بنهاية المطاف الى إيجاد حلّ للجبهة لأن استمرارها قد يؤدي بالنهاية الى تصعيد اسرائيلي.
بحسب المصادر فإنّ نجاح أميركا بخفض التصعيد بين لبنان والعدو الاسرائيلي، ورد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر، قد انتهى مفعوله في الساعات الماضية، حيث عادت الجبهة لتشتعل، فضربت مسيرة للحزب في نهاريا، في حدث اعتبره الاسرائيليون حدثاً خطيراً، والاعتداء الإسرائيلي على مبنى في النبطية، والعمليات العسكرية المكثفة التي استهدفت الجنوب فجر الأربعاء، وبالتالي عدنا الى نغمة التصعيد.
في تل أبيب اعتقاد بأن ما سُمِّيَ بالعملية الاستباقية التي شنها الجيش الاسرائيلي فجر الأحد الشهير، لم تحقق أهدافها، وعلى رأسها منع حزب الله من رفع مستوى استهدافاته، وهو ما سقط مؤخراً من خلال تصاعد وتيرة عمليات الحزب اليومية، وعمق الاستهدافات، وتؤكد المصادر أن الاسرائيليين لا يُريدون حرباً شاملة مع لبنان، وأنهم يعتبرون أنها حاصلة لا محالة إنما في المستقبل، لأسباب كثيرة وعديدة تتعلق بالظروف الميدانية والعسكرية وظروف التوقيت أيضاً، وحزب الله من جهته لا يريد حرباً مع اسرائيل، لكن التصعيد الذي يحصل بظل غياب أي أفق واضح للنهاية هو ما يجعل من خطورة الانزلاق الى اتّساع العمليات العسكرية امراً واقعاً.
اليوم تسعى الولايات المتحدة الأميركية الى فصل الجبهة اللبنانية عن الحرب على غزة، على اعتبار أنّه قطعت شوطاً كبيرا وهي بطريقها الى النهاية، أو على الأقل بطريقها الى ان تتحول من حرب عسكرية الى حرب أمنيّة، وهذه المحاولة ليست الاولى للأميركيين في هذا السياق وقد فشلوا في ذلك سابقاً، ولكنهم يستندون اليوم الى تبدل في الظروف والمعطيات، والتقارب مع الإيرانيين بما يتعلق برفض الحرب الشاملة والبحث عن طرق لإنهائها، ولكن يعلم الجميع أن قدرة الإدارة الاميركية الحالية التي هي على مشارف الرحيل ليست نفسها قدرتها في السابق وهي غير قادرة على الفرض أو التأثير الكبير، وهذا ما يظهر بالعلاقة بين الإدارة الاميركية ونتانياهو، وبالنسبة الى المصادر فإن أفضل ما قد تنجح به أميركا اليوم هو الحفاظ على وتيرة التصعيد الحالية، أي أننا قد نشهد أياماً صعبة وأخرى أقل حدّة، ما لم يكن لدى نتانياهو أفكار سوداوية أخرى.
السؤال الأبرز سيكون ماذا بحال فشلت المحاولة الاميركية هذه كما فشلت محاولاتهم وقف الحرب على غزة، فهل ستوافق أميركا على عملية عسكرية اسرائيلية في لبنان، تقول المصادر بأن هذا الخيار قائم وحقيقي، إذ لا شكّ أن الحرب ستتوقف لكن الكيفية غير واضحة بعد، وبالتالي قد تتوقف بهدوء أو بعد تصعيد عسكري كبير، بغطاء أميركي بطبيعة الحال.