بظلّ عدم نجاح أي محاولة بعد في إحداث خرق إيجابي في جدار الاستحقاق الرئاسي، رأى مصدر سياسي وسطي بارز، في تصريح لصحيفة "الجمهورية"، تعليقًا على الحراك المنتظر للجنة الخماسية، أنّ "هذا الحراك إذا ما انطلق، ينبغي على كلّ الأفرقاء التفاعل معه بوصفه فرصة استثنائية في وضع استثنائي. وما أريد أن الفت إليه في هذا المجال، الى انّه كما لكل شيء حدود، فللحراكات أيضاً حدود".

وأشار إلى أنّه "لا يرى رئيساً للجمهورية في الأفق، طالما أنّ الواقع السياسي محكوم بهيستيريا التعطيل، وبرغبة الغلبة للآخرين. الحوار والتوافق مطلوبان، ورفضهما ليس له سوى معنى واحد وهو رفض انتخاب رئيس للجمهورية، لا أكثر ولا أقل".

وأكّد المصدر السياسي أنّ "وضع المنطقة، ومن ضمنها لبنان، مقلق ومتحرّك والاحتمالات مفتوحة على كلّ شيء، وليس مستبعداً ان يُقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على مغامرات خطيرة؛ ولنعترف أنّ الأمور أكبر منّا جميعاً. وما أخشى منه ليس فقط تضييع الرئاسة وبقاء البلد بلا رئيس للجمهورية، بل من أن نصل إلى لحظة نجد فيها أنفسنا أمام تحوّلات غير محسوبة، وربما فوضى سياسية، وغير سياسية نترحم فيها على اتفاق الطائف".

سبت السفراء

في السّياق، ذكر أحد كبار السياسيين لـ"الجمهورية"، أنّ "قبل اجتماع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار الملكي السعودي نزار العلولا في الرياض، قيل لنا إنّهم سيضعوننا في أجواء الاجتماع لحظة انتهائه، وهو ما لم يحصل حتى الآن. وقيل لنا أيضاً إنّ سفراء "الخماسية" سيجتمعون، ربما يوم السبت، وبناءً على اجتماعهم سيتقرّر ما إذا كان لودريان سيقوم بزيارة الى لبنان أم لا، ولكن حتى الآن لم نتبلغ أيّ تأكيدات رسميّة وجازمة لعقد هذا الاجتماع"، مبيّنًا "أنّني لا أقول إنّ اجتماع "الخماسية" السبت لن يُعقد، ولكن ليس في يدي ما يؤكّد انعقاده، في النهاية أنا مثلكم أنتظر يوم السبت".

داخل الجدران

بدورها، لفتت مصادر دبلوماسية عربية لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "أجواء اجتماع الرياض كانت طيبة، وبالتالي كل ما نُشر وأشيع حوله لا سند حقيقياً له، وتنفيه سريّة البحث، وعدم تسرّبه إلى خارج جدران مقرّ اللقاء".

"ضربة معلّم" من بري قبيل حراك "الخماسيّة" المرتقب

على صعيد متّصل، اعتبرت صحيفة "الديار"، أنّه "ليس امرا عابرا ان يقرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري التقدم خطوة الى الامام باتجاه المعارضة في الملف الرئاسي، في هذا التوقيت بالذات، اي مع استعداد سفراء الدول الـ5 المعنية بالشأن اللبناني لاعادة تزخيم حراكهم، للدفع قدما لانجاز الاستحقاق الرئاسي".

وأشارت إلى أنّه "أن يعلن بري صراحة استعداده للسير بالطرح الذي هو بالاساس طرح المعارضة، والقائل بعقد جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، بعدما كان يصر على جلسات بدورات محدودة يُقفل بعدها المحضر، يُفترض التوقف عنده والتدقيق بخلفياته؛ وان كان لا يزال يربط هكذا جلسة بحوار مسبق بين القوى السياسية".

ووجدت مصادر مواكبة للحراك الرئاسي عبر "الديار"، ان :بري سدد هدفا جديدا في ملعب المعارضة، بحيث استبق اي حراك لـ"الخماسية"، بالقول "انظروا ها نحن (الثنائي الشيعي) نخطو خطوات باتجاه المعارضة التي تتشدد كلما اقتربنا منها، ما يعني بوضوح ان كرة التعطيل في ملعبها لا ملعبنا".

ورأت أن "بري بذلك يفاقم احراج المعارضة، بعدما بات واضحا ان "الخماسية" تدعم طرح الحوار والتشاور اللذين يسبقان الجلسة الرئاسية، لقناعتها ان ذلك هو الطريق الوحيد لانتخاب رئيس، وهو ما عبّر عنه صراحة السفير المصري علاء موسى بقوله ان "وصولنا إلى انتخاب رئيس في لبنان، لا يمكن أن يمر من دون حوار أو تشاور".

وركّزت على أن "بعد التنازل الذي قام به بري عشية تزخيم جهود "الخماسية"، باتت المعارضة ملزمة ان تقوم بتنازل مقابل والا سيتم تحميلها، سواء من "الخماسية" او الرأي العام، مسؤولية التعطيل"، لافتةً إلى أنّ "في الاشهر الاولى من الازمة، كان الثنائي الشيعي في موقع المُحرج، لكنه نجح بفعل دهاء وحنكة الرئيس بري في أن يضع اخصامه في هذا الموقع".

من جهتها، أوضحت مصادر المعارضة لـ"الديار"، أن "ما تم نقله عن بري لجهة استعداده لجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، لم يأت باطار رسمي، انما بمقال صحافي نقلا عن زوار، ما يعني عدم امكان البناء عليه"، مشدّدةً على أنّ "بكل الاحوال، فانه وفي حال صح ما نُقل عنه او لم يصح، فقد بات واضحا ان بري "عم يحاول يتسلى فينا" هو ومن خلفه "حزب الله". ولو كان لديهما نيات فعلية لانتخاب رئيس، لما كانوا حاروا وداروا واقدموا اليوم قبل الغد على الدعوة لجلسة انتخاب كما ينص الدستور، على الا نخرج منها الا ونكون قد انتخبنا رئيسا".

وأضافت: "كل حديث عن حوار او تشاور او غيره، هدفه تضييع الوقت وفرض اجتهادات غير دستورية، وبمختصر الكلام القول ان الرئاسة الاولى لا تمر الا من خلال عين التينة، وهو ما لا يمكن ان نقبله او نقبل تغطيته".

التيار أمام معركة انتخابية صعبة على 6 جبهات

من جهة ثانية، وبموضوع انتخابات اللجان النيابية الدائمة والأعضاء الخمسة في هيئة مكتب المجلس، التي يُفترض أن تجري مع بداية العقد العادي الثاني للمجلس النيابي، يوم الثلثاء 22 تشرين الأول المقبل، أكّدت "الجمهوريّة" أنّ "هذه الانتخابات تشكّل محطة اختبار بالغ الدقة والأهمية بالنسبة الى "التيار الوطني الحر"، حيث ولاسيما انّ النواب الأربعة الذين خرجوا أو أخرجهم من صفوفه، يشغلون منذ سنوات مواقع مهمّة في اللجان وهيئة المكتب".

وكشفت معلومات "الجمهورية" من مصادر نيابية موثوقة، أنّ "التيار سيخوض معركة انتخابات اللجان، لكي يستعيد المواقع المحسوبة من حصته في اللجان او هيئة المكتب، من النواب الذين أخرجهم، وإسنادها إلى نواب ما زالوا في صفوفه".

وركّزت على أنّ "الخريطة المجلسية بكتلها المتفرقة، تصعّب معركة "التيار" إلى الحدّ الأقصى، باعتبار انّه سيقاتل انتخابياً على ست جبهات في آن واحد، أي هيئة المكتب ولجان المال، والإدارة والشباب والرياضة والبيئة وحقوق الإنسان، وما يزيد من هذه الصعوبة هو أنّ "التيار" لا يستطيع وحده أن يحسم المعركة لمصلحته، أولاً لتراجع عدد أعضاء كتلته النيابية (تكتل لبنان القوي)، وثانياً لضعف مساحة تحالفاته التي ضيّقها وقوف "التيار" على خلاف شديد مع معظم الكتل النيابية؛ وتبعاً لذلك فإنّ إمكان جذبه لأصوات نيابية الى جانبه ليس أكيداً".

وأوضحت مصادر نيابية للصحيفة، أنّ "التيار أمام خيارين، إما صرف النظر عن المواجهة، والقبول بالصيغة الراهنة للجان وهيئة المكتب، ما يعني ترك القديم على قدمه، وفي ذلك إحراج له. وإمّا خوض المعركة والاحتكام إلى صندوقة الاقتراع، وفي ذلك مراهنة قد لا تكون رابحة. وكلا الخيارين تلوح في أفقهما الخسارة وليس الربح".

معارك جانبية

كما أفادت "الجمهورية" بأنّ "المعركة الانتخابية لن تكون محصورة بالتيار وحده، بل ثمة معارك جانبية أخرى تلوح في الأفق، وخصوصاً أنّ بعض النواب المصنّفين تغييريين، سيعيدون الكرّة بالترشح لعضوية اللجان، أخفقوا في الفوز في عضويتها في دورتي الانتخاب السابقتين للجان. وفي موازاتها، معركة ثانية يقول بعض النواب أنّ همساً نيابياً يفيد بأنّ "القوات اللبنانية" تحضّر لأن تخوضها، للظفر برئاسة لجنة المال والموازنة وإسنادها الى النائب غادة أيوب، علماً أنه لم يصدر أي شيء علني عن "القوات" يؤكّد ذلك".