تستحوذ الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة لاتفاق وقف إطلاق النار على الاهتمام الرسمي والشعبي. وأكّدت مصادر رسمية لصحيفة "الجمهورية"، انّ "هذه الخروقات كانت موضع متابعة مع باريس، التي حذّرت تل أبيب من خطر انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، بفعل الانتهاكات الإسرائيلية له، علماً انّ الوضع في لبنان سيكون على طاولة البحث بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للرياض"، مشيرةً إلى أنّ "العدو الاسرائيلي أراد استباق مهمّة لجنة الإشراف، بمحاولة فرض أمر واقع ميداني من خلال الخروقات المتنوعة"، ومرجحة أن "تتراجع تلك الخروقات عند انطلاق عمل اللجنة رسمياً".
وأفادت معلومات "الجمهورية"، بانّ "وزير الدفاع الفرنسي سيبستيان لوكورنو الذي سيصل إلى بيروت في الساعات المقبلة، سيزور كلاً من رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون، في إطار مهمته. كما يتفقّد قيادة قوات "اليونيفيل" ومقر قيادة القوة الفرنسية في الجنوب".
وذكرت أنّ "لوكورنو الذي تتزامن زيارته للبنان مع زيارة ماكرون للسعودية في الساعات المقبلة، سيبحث مع قائد الجيش في ما يمكن أن تقدّمه فرنسا في إطار برنامج التعاون العسكري بين البلدين للمرحلة المقبلة وسبل تطويره، بما يزيد من قدرات الجيش اللبناني في كل المجالات العسكرية واللوجستية".
20% من النازحين عادوا من العراق
في سياق الوضع المرتبط بمرحلة وقف إطلاق النار، لفتت صحيفة "الأخبار" إلى "بدء عودة اللبنانيين الذين نزحوا إلى العراق بعد وقف إطلاق النار، لكن بأعداد قليلة مقارنةً بعددهم الإجمالي. فمن حوالي 36 ألف نازح، عاد ما بين 7 و8 آلاف، أي ما يقارب الـ 20% فقط، بحسب أرقام وزارة الداخلية العراقية، علماً أنّ هذه الأرقام لا تمثل حركة النزوح بدقة، لأنّ الوزارة تحصي أعداد الوافدين والمغادرين اللبنانيين، من دون أن تأخذ في الحسبان من يتردّدون أصلاً إلى العراق قبل الحرب لدواعي العمل وإدارة المصالح. إذ كانت بين ثلاث وسبع رحلات تُسيّر يومياً بين بيروت وكل من بغداد والبصرة والنجف وأربيل، ما يعني أن ليس جميع الوافدين المسجلين نازحين".
وأوضح السفير اللبناني في العراق علي الحبحاب، أنّ "عدداً من اللبنانيين قصدوا العراق كمحطة عبور إلى بلد آخر، لتسوية أوراقهم وتأشيرات الدخول وجوازات السفر، نظراً إلى التسهيلات التي وفرتها السلطات العراقية بعدما سمحت لهم بالدخول بواسطة بطاقات الهوية أو جوازات السفر المنتهية الصلاحية".
الحدث السوري
من جهة ثانية، اعتبرت مصادر سياسية لـ"الجمهورية"، أنّ "هناك ترابطاً بين هجوم الفصائل المعارضة والموالية لتركيا على حلب وإدلب، والتهديدات الأخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضدّ حكومة دمشق، على خلفية اتهامها بتسهيل عبور الأسلحة من إيران إلى "حزب الله". لكن المثير هو أنّ هذه التطورات سرعان ما أثارت هواجس جدّية لدى الإسرائيليين، تحسباً لاحتمال أن تؤدي هذه التطورات إلى حال من الفوضى الشاملة التي يصعب استيعابها أو تقدير عواقبها، في سوريا ومجمل دول المنطقة".
وأوضحت أنّ "هذا ما دفع حكومة نتانياهو إلى الاستنفار السياسي لمتابعة ما يجري في سوريا، بحيث ظهر موضوع اتفاق وقف النار في لبنان وكأنّه بات في المرتبة الثانية من الأهمية، في هذه الفترة على الأقل".
الجيش يرفع إجراءاته عند الحدود: خطر دخول المقاتلين من سوريا "مستبعد"
في السّياق، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّه "لم يكد وقف إطلاق النّار في لبنان يدخل حيز التنفيذ، حتّى اشتعلت الجبهة السوريّة، وسيطرت فصائل مسلّحة على مناطق واسعة في الدّاخل السوري بما فيها حلب، وصولاً إلى مشارف حماه. إمكانيّة إكمال المقاتلين لعمليّاتهم من ريف حماه والوصول إلى حمص، أعادت إلى الأذهان تاريخاً مريراً طويلاً من احتلال مقاتلي "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش" لقسمٍ من جرود سلسلة لبنان الشرقيّة، وسيطرتهم على بلدة عرسال وإرسالهم سيارات مفخّخة وانتحاريين إلى مناطق مختلفة".
وركّزت على أنّ "هذا السيناريو يبدو بعيداً نسبياً حتى الآن، في ظلّ القدرات العسكريّة الفعلية للفصائل، ومع تعهّد الجيش السوري بشن هجومٍ معاكس. إلا أن الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة تتحسّب لكلّ السيناريوهات، بما فيها الأسوأ. ولذلك، بدأت نقاط الأمن العام على المعابر الحدوديّة الشرعيّة تزيد من القيود على دخول السوريين ممّن لا يحملون إقامات شرعيّة، باستثناء المُسافرين عبر مطار رفيق الحريري ممن يبرزون حجوزات في فنادق لبنانيّة وتذاكر سفر، أو لأسباب صحيّة تتعلّق بمتابعة الاستشفاء في مستشفيات لبنانيّة، مع إعطاء الأولوية للبنانيين الذين نزحوا إلى سوريا والعراق خلال توسّع الاعتداءات الإسرائيليّة في الشهرين الماضيين".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ "الأمن العام يُدرك أنّ المقاتلين يدخلون عادة عبر المعابر غير الشرعيّة الممتدّة على طول أكثر من 360 كيلومتراً بين سوريا ولبنان، وأن ما تُسمّى "الخاصرة الرخوة" التي يُمكن منها دخول المقاتلين لا تتعدّى 180 كيلومتراً"، مشدّدةً على أنّ "الجيش قد تمكّن في السّنوات الأخيرة، من ضبط هذه "الخاصرة الرّخوة" وتعزيز انتشاره فيها، بالأبراج والكاميرات والأفواج على الأرض، ولذلك لا تتوقع مصادر المؤسسة العسكرية سيناريوهات سيئة. غير أن الجيش فرض تدابير إجرائيّة وقائيّة مشدّدة خلال السّاعات الماضيّة على الحدود، من دون أن يعني ذلك تعزيزاتٍ للعديد أو تغييرات في أوامر العمليّات الحاليّة".
وأكد أكثر من مصدر أمني، بحسب "الأخبار"، أنّ "انتشار أفواج الحدود البريّة على هذه المعابر كاف في الوقت الحالي، خصوصاً أنّ هذه الأفواج التي تتمتّع بقيادة مركزيّة وقدرة كبيرة على المناورة وسرعة الحركة، مع آليات غير ثقيلة، يمكنها طلب المؤازرة الفوريّة من الألوية الموجودة خلفها عندما تشعر بأي تحرّك مشبوه لا قدرة لها على صدّه. وتأتي هذه المؤازرة من قبل اللواءين السادس والتاسع المتمركزين في الخطوط الخلفيّة في البقاع (كبعلبك ورأس بعلبك وجب جنين ورياق...)، واللذين يتمتعان بقدرات عملانيّة تمكّنهما من كبح أي تقدّم مسلّح".
الراعي يواصل مُحاولات إنقاذ لبنان عبر جهوده الداخليّة والخارجيّة مع العواصم
على صعيد آخر، ذكرت صحيفة "الديار" أنّ "سيّد بكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لا يترك اي مناسبة خارجية، إلا ويطرح ملف لبنان المتشعّب مع كل ما يحويه من مشاكل وخلافات، وينقله الى عواصم القرار خلال اي زيارة يقوم بها، وهذا ما سيفعله الاحد المقبل في الثامن من الجاري، بعدما تلقى دعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمشاركة في تدشين كاتدرائية " نوتردام"؛ التي تعرّضت في شهر نيسان العام 2019 لحريق كبير أتى على جزء كبير من سقفها وأبراجها".
وبيّنت أنّه "يواصل إطلاق صرخاته في كل عظاته يوم الاحد، فتدخل ضمنها السياسة بين الهواجس والمخاوف، من حصول ما لا تُحمد عقباه بالتزامن مع ما يتعرّض له لبنان من مآس وويلات ودمار ونزوح ، وهذا ما تطرّق اليه أمس في عظته، متمنياً أن يحمل اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل السلام الدائم، وان يتمكّن الطرفان من تنفيذ نصّ الاتفاق ببنوده الثلاثة عشر التي حدّدتها الولايات المتحدة".
وركّزت الصحيفة على أنّ "الى ذلك، ما زالت الهواجس ترافق البطريرك الماروني، وفق ما ينقل مصدر كنسي، بسبب سكوت المسؤولين وضعف مساعيهم نحو الحلول المطلوبة منذ سنوات، والتي لم تعرف لغاية اليوم أي نتيجة ايجابية، لذا يستمر في محاولات الانقاذ عبر جهوده الداخلية والخارجية، وقيامه كل فترة بطرح مشاكل لبنان على عواصم القرار، طالباً كذلك مساعدة الدول الشقيقة والصديقة، من دون ان يترك أي جهة قادرة على المساعدة في انتشال لبنان من غرقه".
وأضافت: "إنطلاقاً من هنا، يشدّد الراعي على ضرورة إنتخاب الرئيس، في الموعد الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من كانون الثاني المقبل، بسبب مخاوفه من إستمرار الفراغ والشغور الرئاسي، الذي اعتاده لبنان على مدى الاستحقاقات الرئاسية السابقة التي كانت تستمر سنتين واكثر، من دون وصول رئيس الى قصر بعبدا".
ونقل المصدر الكنسي بأنّ "الراعي يواصل تكثيف تحركاته، إن بالاتصالات او إطلاق الرسائل الى الخارج، او بزيارات مرتقبة منها باريس التي يصلها الاحد المقبل، على الرغم من انّ المناسبة دينية، إلا انّ السياسة لن تغيب خلال لقائه ماكرون بعد تدشين كاتدرائية نوتردام، اذ أكثر ما يهمه اليوم وصول الرئيس المناسب الى بعبدا والمتوازن في مواقفه، والقادر على إخراج لبنان من سياسة المحاور، والنجاح في إعادة العلاقات اللبنانية- العربية واللبنانية- الدولية الى سابق عهدها، والالتزام بالحياد مع سعيه الدائم الى جمع اللبنانيين كشركاء في الوطن، وليس كخصوم او أعداء كما يحصل اليوم، معتبراً انّ التباينات في المواقف السياسية ليست خلافاً، بل مجرد اختلاف في وجهات النظر، وهذا عافية وصحة سياسية، لانّ الاختلاف الايجابي مطلوب، وهو يصّب في خانة ايجابية لانه يشجع على المضي بالافضل، وأشار المصدر الى انّ سيّد بكركي باق على مواقفه الداعية الى حياد لبنان، وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، وبضرورة تطبيق اتفاق الطائف، مع تمسكّه بالمناصفة والتوازنات لانها تحفظ حقوق جميع الطوائف".
في هذا السياق، نقل المصدر المذكور استشعار الراعي الخوف على لبنان واللبنانييّن جميعاً، من دون أي تفرقة طائفية، معرباً عن امله في أن يعي المسؤولون خطورة الاوضاع والانزلاقات التي تسود البلد وشعبه يومياً، وشددّ على ضرورة تضامن كل المسؤولين وتناسي خلافاتهم لان لبنان يحتضر، مؤكداَ أنّ بكركي باقية على وعودها وجهودها عبر الفعل لا القول، وعلى الجميع التعاون من اجل إسترجاع الوطن لانه يتهاوى يوماً بعد يوم، فالجمهورية في خطر كبير على كل المستويات، إزاء ما يحصل في البلد، مشدداً على ضرورة ان تكون صرخة الراعي هذه المرة نداءَ اخيراً لمواجهة كل ما يهدّد الكيان اللبناني، الذي يمّر في أسوأ مراحله اذ لم نشهد مثيلاً له حتى خلال الحرب اللبنانية.
وامل المصدر ضرورة العمل على تقوية القرار المسيحي، والوقوف الى جانب بكركي في وساطتها لإنقاذ لبنان، وفتح كل الدروب المقفلة بدءاً من وساطات مسيحية واسلامية مشتركة للوصول الى حلول، واشار الى انّ الراعي لقي تشجيعاً من المجتمع الدولي.