تمّ فعلًا الإتفاق بين دول آستانة على المرحلة الانتقاليّة أمس السّبت، خلال اجتماع الأتراك والرّوس والإيرانيّين في الدّوحة، وتمّ إبلاغ قيادات النّظام السّوري بوقائعه، ومنهم الرّئيس بشار الأسد، لكنّه رفض السّير به وطالب بتعديلات، بحجّة أنّه لا يوافق على المسار التّنفيذي ومدّة الفترة الانتقاليّة المطروحة؛ واعتبره بمثابة تخلٍّ من حلفائه الرّوس والإيرانيّين عنه.
وتمّت المطالبة حينها بتعريب حلّ الأزمة، قبل أن تأتي موافقة الدّول العربيّة على نصّ الاتفاق، في الاجتماع الّذي عُقد في الدّوحة عصر السّبت أيضًا، حيث تمّ صدور بيان رسمي بشأن ذلك، مع التّركيز على الاستقرار الأمني في سوريا، لمنع الفوضى. لكن الأسد أصرّ على الرّفض، رغم إبلاغه من الإيرانيّين والرّوس بالمضي به، وبدء تنفيذ الانسحابات من قبل حلفائه.
استمرّ التّواصل بين المسؤولين الرّوس والعرب والإيرانيّين معه، لكنّه رفض كلّ الطّروحات، وبقي يعاند حتّى ساعات اللّيل، "وكأنّه يعيش في واقع آخر".
وبحسب المعلومات، فإنّ التّواصل المفتوح كان يجري بين الرّوس والإيرانيّين والأتراك، لترتيب انسحابات الجيش السوري من المدن دون مواجهات، علمًا أنّ تنسيق الانسحابات كان بدأ في اليومين الماضيين، تدريجيًّا، "لحقن الدّماء وتفادي التّدمير".
وفي وقت كان يرفض الأسد كلّ الطّروحات، كان الضبّاط الرّوس ينسّقون مع قيادات عسكريّة سوريّة في هيئة الأركان، الّذين كانوا أكثر واقعيّةً من الأسد، وتمّ البحث معهم في تنفيذ خطّة انقلاب شكلي، تكون بمثابة مخرج لترك الرّئيس السّوري السّلطة في دمشق. لكن عناده في الرّفض أحبط كلّ المخارج، بل كان يطالب قيادات الجيش بالتّصدّي، وهو ما لم تنفّذه قيادات الأركان العسكريّة الّتي نسّقت مع الإيرانيّين والرّوس وقيادات عسكريّة عربيّة، لترتيب أمر إخلاء دمشق بهدوء ومن دون أي مواجهة.
وقبل أن يحين موعد التّسليم، جرى الاتفاق على نقل الأسد من دمشق إلى مكان مجهول، رغم أنّ الطّرح كان يقضي بأن يذهب إلى القرداحة في ريف اللاذقية، كما قضى الاتفاق الإقليمي على تسليم رئيس الوزراء السّوري السّلطة موقّتًا لقيادة البلاد ولعدم الوقوع في الفوضى، بعد أن انتقل كبار المسؤولين إلى مناطق السّاحل السّوري: طرطوس واللاذقية، حيث تشكّل مساحة آمان، لن يقترب منها المعارضون أو مسلّحو "هيئة تحرير الشام" بضمانات إقليميّة- دوليّة.
وسرى كلام عن أنّ الأسد لا يمكنه البقاء طويلًا في اللاذقية، في حال صحّ الكلام عن الانتقال إليها، بسبب سخط أبناء الطائفة العلويّة عليه، نتيجة خياراته السّياسيّة وإخفاقه في القيادة.