اعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن سكرة الفرح في سوريا بزوال النظام السابق يجب ألا تطول، ويجب أن تحضر فكرة كيف ستكون سوريا، لافتة إلى أنه "ليس مبكراً الحديث الآن عن المستقبل، لأن استمرار الحديث عن مساوئ النظام السابق والاستغراق في تفاصيل الماضي ليس مفيداً بقدر أهمية الحديث عن الحاضر والمستقبل".
وأشارت إلى أن "هناك هواجس وأسئلة واستفهامات كثيرة بشأن نظام الحكم القادم وطبيعته، تفرضها خلفية من قاموا بالتغيير والأطراف المباشرة وغير المباشرة التي سهّلت مهمتهم، وهل من مصلحتهم قيام نظام حكم مدني ديموقراطي تعددي يحتكم فعلاً لإرادة الشعب وخياراته، أم أنهم يهدفون إلى تشكيل صيغة حكم معينة تخدم طموحاتهم؟".
ورأت أن "الجيد أن طريقة تغيير الحكم لم يكتنفها العنف، لا مواجهات بين الجيش والفصائل المسلحة التي قادت التغيير، لا صدامات بين أطياف الشعب، لا انهيار للأمن أو شيوع الفوضى والتخريب، وبالتالي اجتازت المرحلة أخطر وأهم عقبة يشهدها أي تغيير لنظام الحكم".
ولفتت إلى أن "قائد قوات التغيير أحمد الشرع يتصف إلى الآن بخطاب مقبول لدى الشعب السوري، والحفاظ على بقاء مؤسسات الدولة واستمرار عملها من خلال حكومة انتقالية إجراء موفق، وطريقة عمل هذه الحكومة هو أول مؤشر على شكل وهوية الدولة السورية المنتظرة، وعلى مستقبل سورية بصورة عامة".
واشارت إلى أن "قيادة التغيير في سوريا يجب أن تعرف مقدار التوجس العالي، الذي انتاب الشعوب العربية من ثورات التغيير في بعض الدول التي آلت إلى التقسيم وسيطرة المليشيات وسقوط الدولة المركزية بجيشها وأمنها وكل مؤسساتها، وعليها أن تعي أن جميع الأنظار موجهة إليها تترقب كل خطواتها، كما أن عليها أن تستوعب جيداً أن محاولة فرض نظام حكم يتعارض مع الإرادة الشعبية والتوافق الوطني الشامل الذي تنصهر فيه كل الأديان والطوائف والمذاهب والأعراق والتيارات السياسية والفكرية، لن يكتب لها النجاح في النهاية".
واعتبرت أن "الشعب الذي ذاق الويلات لأكثر من نصف قرن، ودفع أثماناً باهظة من أجل الخلاص، لن يقبل نظاماً لا يضمن له الكرامة والعدالة والحرية والمساواة والتعددية والمشاركة في القرار، كما أن الإسراع في تشكيل أساسات وعناصر ومقومات هكذا نظام يساعد كثيراً في حماية سوريا من التدخلات الخارجية في شأنها الداخلي، ويمنحها قوة وتماسكاً ومناعةً واستقراراً لتبدأ مرحلة البناء".
وأضافت: "هناك أشخاص قادوا مراحل انتقالية بامتياز في بعض الدول خلال أزماتها الكبرى ولحظاتها المفصلية، لتضعهم أوطانهم في سجلات الخالدين في تأريخها، وبإمكان السيد أحمد الشرع ورفاقه أن يصبحوا من هؤلاء".
