أشار رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، خلال ترؤّسه قدّاسًا احتفاليًّا بعيد القديس أنطونيوس الكبير، في كنيسة دير القديس أنطونيوس في زحلة التّابع للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، إلى "أنّني أرى أمامي صورةً رائعةً جدًّا، أيقونة للقديس شربل مقابل أيقونة القديس أنطونيوس الكبير، والسّنة الماضية تحدّثت إليكم كيف أنّ القدّيس شربل نقل صحراء سينا إلى عنّايا. هذه عَظَمة مار شربل، وهو استمراريّة لهذا النّهج الرّهباني العظيم الّذي غيّر وجه الكنيسة على مدى التّاريخ".

ولفت إلى "أنّنا نلتقي اليوم في هذا العيد العظيم، لنحتفل بحياة القديس أنطونيوس الكبير، الّذي أضاء وجه الكنيسة بروحانيّته العميقة، وشهد من خلال حياته شهادة حيّة للمسيح، تُلهمنا جميعًا لنعيش إيماننا بعمق ورجاء. أنطونيوس، أبو الرهبان، لم يكن مجرّد ناسك اعتزل العالم، بل كان شاهدًا على الله، يتردّد صدى صلاته في البرّيّة، ويمتدّ تأثير حياته إلى قلوبنا في هذا الزّمن المضطرب".

وركّز المطران ابراهيم على أنّ "1700 سنة وأكثر مرّت على حياة القديس أنطونيوس وهو ما يزال يلهمنا، ونحن نعيش في حياة مدنيّة لكنّها صحراء قاحلة من كلّ النّواحي تقريبًا، لأنّ المدنيّة لا تستطيع أن تحضّر الإنسان، لكن الإيمان هو الّذي يجعله حضاريًّا، يجعله إنسانًا يحقّق إنسانيّته".

وذكر أنّ "الّذي كان يعيش في الصّحراء حوّلها إلى مدينة حقيقيّة، إلى المسكن الحقيقي، أمّا نحن مع الأسف، حوّلنا المدن وحوّلنا هذا الوطن الرّائع الى صحراء"، متسائلًا "أين خيرات وجمال لبنان؟ لم ندع شيئًا إلّا وعبثنا به، ولم ندع زاويةً إلّا وزرعنا فيها النّفايات".

كما شدّد على أنّ "روحانيّة أنطونيوس هي روحانيّة التّجرّد الدّاخلي، ليست مجرد ترك الممتلكات، بل تحرير القلب من كلّ ما يقيّده، من مخاوف العالم وأوهامه. يدعونا أنطونيوس اليوم لنفحص قلوبنا: أين هي كنوزنا؟ هل نحن أسرى لماديات زائلة، أم أننا نبحث عن الأبديّة في علاقتنا مع الله ومع الآخرين؟".

وأضاف ابراهيم: "في لبنان اليوم، حيث الألم يبدو كبيرًا، يدعونا القديس أنطونيوس لنرفع عيوننا إلى السّماء، لنثق أنّ الله حاضر في وسط أزماتنا. ليس رجاؤنا مبنيًّا على الظّروف الخارجيّة، بل على الإيمان بأنّ المسيح هو الرّاعي الّذي لا يترك خرافه أبدًا".

ودعا المشاركين إلى أن "يذكروا في صلواتهم رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، الّذي هو بحاجة إلى صلواتنا لكي يحميه الرب، ولكي ترافقه العذراء، ولكي يعطيه القدّيس أنطونيوس القوة لمتابعة مسيرة الخدمة في هذا البلد المحبوب جدًّا لبنان".