على وقع التّفاؤل الحذر بقرب ولادة الحكومة العتيدة، علمت صحيفة "الجمهوريّة" من مصادر "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل)، أن "الاجتماع الثالث الذي عقد امس بين رئيس الحكومة المكلف نواف سلام والنائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل كان ايجابياً مثل سابقاته، وقد احرز تقدما كبيرا على صعيد جوجلة الأسماء للحقائب الأربعة الأخرى للثنائي، كون المالية تجاوزت النقاش تمثيلًا واسمًا".

وأكدت المصادر أن "الثنائي لم يسمع من سلام اي كلام عن "فيتو" على النائب السابق ياسين جابر، بعكس كل ما يتم تناقله في وسائل الإعلام"، مشيرًا إلى أنّ "الرئيس المكلف لم يتراجع عن الاتفاق السابق او يغير فيه، بعكس كل ما قيل، علما انه كان منذ البداية يميل إلى مواصفات ومعايير معينة في المرشحين، بعيدا عن الصبغة الحزبية".

وعلمت "الجمهورية" أن "سلام يفاوض كل فريق بكتمان، من دون ان يطلعه على باقي التشكيلة او يفصح له عن عقبات مع فريق آخر". غير انّ مصادر مواكبة لعملية التأليف شدّدت لـ"الجمهورية" على أنّ "الرئيس المكلّف متمسك بالمبادئ الأربعة التي أعلنها، ولا سيما عدم وجود تمثيل حزبي في الحكومة العتيدة. ويقول إنّه معروف في كل مسار حياته بأنّه لا يخرج عن المبادئ ولا يتراجع عن الالتزامات التي يتعهد بها أمام الجميع. ولذلك، هو لن يسمّي وزيراً للمال محسوباً على ثنائي "أمل" و"حزب الله"، لكنه يبحث عن المخارج الواقعيّة الّتي تسمح في النهاية بإزالة اعتراضاتهما؛ من دون أن تثير غضب خصومهما السياسيين".

وفي هذا الشأن، بيّنت المصادر أنّ "فكرة تسمية ياسين جابر للوزارة أو حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، قابلة للبحث بالنسبة إليه. فهما يمتازان بالمواصفات المطلوبة في حكومته، وغير مصنّفين في الإطار الحزبي الضيّق، كما انّهما يحظيان بدعم قوى عربية وغربية، ومنها الولايات المتحدة التي يحمل جابر جنسيتها".

وذكرت أنّه "يتردّد أنّ من الأفكار المتداولة تسمية جابر او منصوري في المالية، مقابل شخصية محسوبة على القوى المقابلة بالأصالة في حاكمية مصرف لبنان، من أجل ضمان التوازن".

مصدر نيابي لـ"الشرق الأوسط": لم نسمع بفيتو خارجي على جابر لـ"المالية"

من جهتها، علمت صحيفة "الشرق الأوسط" من مصادر مواكبة، أن "الاجتماع الذي عُقد الأربعاء الماضي بين رئيس الحكومة المكلف نواف سلام والمعاونَين السياسيَين لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل والأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل، أبقى على الأبواب السياسية مشرّعة أمام استئناف الاجتماعات في أي لحظة"، مشيرةً إلى أن "وزارة المالية سُحبت من التداول، بعدما تقرر إسنادها إلى الوزير والنائب السابق ياسين جابر".

وكشفت المصادر نقلاً عن أحد "الخليلَين"، عن قوله إنه "لم يسمع من سلام ما يوحي بوجود فيتو خارجي، أو من قبله، على إسناد حقيبة المالية إلى جابر"، مركّزةً على أن "كل ما يقال بخلاف ذلك، تقف خلفه قوى سياسية لتحسين شروطها في التركيبة الوزارية، وإن كانت تتذرع بتطبيق وحدة المعايير في تسمية الوزراء، وألا تقتصر على فريق دون الآخر".

وأكدت أن "لقاء "الخليلَين" مع سلام لم يكن سلبياً، واتفقا معه على أن للبحث صلة"، مبيّنةً أن "الباب لا يزال مفتوحاً أمام معاودة الاجتماع في أي لحظة، في حال توصلا، بعد مراجعتهما قيادتي "أمل" ممثلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري و"حزب الله"، إلى جواب على لائحة بأسماء الوزراء التي حمّلهما إياها سلام، وتتضمن من وجهة نظره مرشحين ممن تتوافر فيهم الكفاءات لتمثيل الطائفة الشيعية في الحكومة".

وذكرت أنه "جرى في لقاء الأربعاء التداول بهذه الأسماء، على أن يعود الخليلان إليه بجواب قاطع"، موضحةً أن "لا شيء يمنع مقارنة هذه الأسماء مع تلك التي يرشحها الثنائي الشيعي، باستثناء جابر الذي يبدو أن اسمه بات محسوماً لتولي حقيبة المال"، وهذا ما أكده عدد من النواب لـ"الشرق الأوسط" وجميعهم من خارج الثنائي وينتمون إلى كتل نيابية عدة.

كما أفادت المصادر، بأنه تردد أن "اللائحة التي تقدم بها الثنائي الشيعي تلحظ إسناد الصناعة، في حال تقرر أن تكون من الحصة الشيعية، للصناعي صلاح عسيران، في مقابل ترشيح رئيسة مجلس البحوث العلمية تمارا الزين أو علاء حميّة للبيئة، وهم من اقترحهم بري على سلام، في حين رشّح "حزب الله" الأستاذ الجامعي طلال عتريسي لوزارة العمل، ومسؤول مستشفى الرسول الأعظم علي رباح للصحة".

وكشف عن أن "سلام رشّح أحد الطبيبين من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لتولي الصحة، وهما رئيس دائرة الطب النووي محمد حيدر، والاختصاصي في أمراض السرطان حازم عاصي". وأفادت بأن "لا اعتراض شخصياً لسلام على بعض الأسماء، وهو يجمع في اختيارهم بين الكفاءة وطمأنة المجتمع الدولي، بما يمكّنهم من تمثيل لبنان في الاجتماعات التي ترعاها المؤسسات الدولية، من دون أن يواجهوا أي تحفظ على دخولهم للدول التي تستضيفها، وتحديداً الأوروبية منها والولايات المتحدة الأميركية".

إيران تسعى لإجلاء مواطنيها الموجودين في دمشق عبر مطار بيروت

على صعيد آخر، لفتت صحيفة "الشّرق الأوسط" إلى أنّ "الأوساط السياسية والأمنية اللبنانية فوجئت باهتمام النظام الإيراني بالنازحين السوريين الذين فرُّوا إلى لبنان على أثر سقوط نظام بشار الأسد، ما أعطى انطباعاً بوجود بعض رموز النظام السوري السابق في لبنان، والسعي لتأمين الحماية الأمنية والقانونية لهم".

إلا أن مصادر مطلعة أكدت للصحيفة أن "أهداف زيارة نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون القنصلية والبرلمان الإيرانيين وحيد جلال زاده إلى بيروت، تتخطَّى عناية إيران بالسوريين، لتصل إلى توفير ممر آمن للإيرانيين الموجودين في سوريا، وتأمين انتقالهم برّاً إلى لبنان؛ ومن ثم ترحيلهم إلى طهران عبر مطار بيروت الدولي".

بدوره، أوضح مصدر أمني مطلع على أجواء الزيارة، لـ"الشرق الأوسط"، أن "الزيارة لها هدفان، الأول الاهتمام بالسوريين الفارين إلى لبنان، وخشية إيران من توقيفهم وتسليمهم إلى الدولة السورية الجديدة. أما الهدف الثاني والأهم فهو تسهيل عبور عشرات الإيرانيين الذين يحملون الجنسية السورية من دمشق إلى بيروت، وتأمين ترحيلهم جوَّاً إلى طهران عبر مطار بيروت الدولي".

وأشار إلى أن "أغلب هؤلاء يقيمون في دمشق وضواحيها، خصوصاً في منطقة السيدة زينب، وكان الحرس الثوري الإيراني قد استقدمهم من إيران إلى دمشق، في ظل حكم الأسد، وجرى منحهم الجنسية السورية".

من جهته، لم يستبعد مصدر قضائي بارز لـ"الشرق الأوسط"، "فرار مسؤولين أميين سوريين إلى لبنان، ودخول الأراضي اللبنانية من خلال معابر غير شرعية"، مؤكّدًا أن "حتى الآن، لا تتوفر معلومات للأجهزة الأمنية والقضاء عن وجود مسؤولين أمنيين في نظام الأسد في لبنان، لكن في حال تم اكتشافهم سيتم التعامل معهم بالأطر القانونية، خصوصاً إذا تبيَّن دخولهم إلى لبنان خلسة".

وأوضح أنّ "بعد أيام من سقوط النظام السوري، جرى توقيف ضباط ينتمون إلى الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، بعضهم أُعيد ترحيله إلى سوريا بموافقتهم، وبعضهم الآخر سافروا إلى الخارج". وعمّا إذا طلبت الدولة السورية من لبنان تسليمها بعض المطلوبين السوريين، كشف عن "أنّنا لم نتلقَّ مثل هذا الطلب، وفي حال حصوله لا يمكننا أن نسلَّم أشخاصاً غير موجودين لدينا، أما في حال العثور عليهم لاحقاً فيُبنى على الشيء مقتضاه".