"قلت انكم آلهة". فلا شفاء لنا الا بالرجاء والايمان بالله "La fragilité existentielle et la finitude fondamentale".
في قعر ذاته الانتربولوجية يحمل الكائن معطوبيته لانه كائن سريع العطب، سيده الموت والمرض والفشل الكياني في غربة، وكأن الذات البشرية الراحلة ابدا من حالة الى حالة في قلق وجودي تسكن فيها قعر الذات البشرية.
لا يسكن هذا القلق الوجودي الا اللقاء بالله والاتكال عليه والتسليم لمشيئته الالهية، والا سيبقى الانسان كما في ميثة Le mythe سيزيف يرفع صخرة على تلة من الرمال، أو يملأ سلالا بالهواء والماء.
العلاقة بين الثيولوجيا الالهية والانتروبولجيا الانسانية علاقة جوهرية، لانها وحدها تعطي المعنى للوجود الانساني والتساؤلات البشرية المقلقة، وهي جرح عميق لا شفاء منه الا بحب المسيح.
الظمأ الوجودي لا يروي شوقه وعطشه الا الحب البشري، اي الخروج من نرجسية الذات واللقاء بالآخر، ووحده حب الله يروي ظمأه الوجودي ويعطي معنى لحياته. وكما يقول القديس اغسطينوس، خلقت قلوبنا لك يا الله ولا يزال قلقا مضطربا حتى يرتاح فيك. ان جدليّة العودة والتوبة الى الثابت المطلق الذي لا يصيبه الفناء ويثبته الزمان والوقت، انه الدائم الدائم ونحن في عبور دائم.
هذا هو معنى القداسة، اي السكر بالله والعشق له حتى الفناء والذوبان فيه، انه السعي الحياتي في يقظة دائمة للقاء المعشوق الالهي الحاضر الغائب، انه ليل الصلاة والسهر والتنهدات وترداد كلمات: ايها الرحوم ارحمني، من فناء الكلمات على الشفاه التي كواها جمر الحب كما حدث للنبي أشعيا وصاح هاتفا "قدوس قدوس قدوس" وجان بول سارتر الّذي هتف متحرقا: انا لن أتعزى كوني لست الهًا "Je ne me consolerai pas de n'être pas un dieu".
فالرعب من مرض السرطان يخيف الناس، والرهبة من لحظة الموت تقلق الكائن البشري المكون بالمعطوبية الوجودية والفنائية الكيانية. لا هدوء له ولا امان الا بالايمان والصلاة والاتكا على العناية الربّانية، لان الله وحده هو سيد التاريخ فله المجد والحمدلله والشكر والتسبيح.
يد الله تكتب مستقيمة على خطوط لولبيّة كما ظهرت للنبي دانيال، من هنا يكتب الله لنا مستقيما مجريات عمرنا اللولبيّة بين المرض والشيخوخة والفشل والموت. ولا شفاء لنا الاّ بالرجاء والامل بالله والصلاة والدعاء والاتكال على العناية الالهية والرحمة السماوية، وحب الله لخليفته التي افتداها بدمه لاجل حبه لها.
وجودنا شوق عميق وظمأ كبير الى المطلق الوحيد الازلي الذي هو الله.