بعد أن نجح الجيش السوري في تحرير مدينة القصير السورية من مجموعات المعارضة السورية المسلحة بما فيها "جبهة النصرة"، بدأت تطرح الكثير من الأسئلة في الأوساط اللبنانية حول مصير المقاتلين اللبنانيين في صفوف تلك المجموعات، لا سيما أن معظمهم كان يقاتل على هذه الجبهة، وهناك مخاوف من أن يكون هناك تداعيات سلبية على الساحة اللبنانية في حال تبين أن هناك أخبارا سيئة عنهم.
هذه الأسئلة تكاثرت بعد أن كان كل من الشيخين أحمد الأسير وسالم الرافعي قد دعيا إلى "الجهاد" في سوريا في وقت سابق، فما مصير هؤلاء، وما هي آخر المعلومات عنهم؟
لا معلومات
رغم الإنشغال بالأحداث القائمة على الساحة اللبنانية، يُصر بعض المشايخ السلفيين على متابعة الأوضاع في مدينة القصير السورية، لا سيما منهم من كان يعلن صراحة أن لديه أتباعاً يقاتلون هناك، ويفتخر بأنه كان قد دعاهم إلى "الجهاد" لنصرة "إخوانهم المظلومين".
ويفضل هؤلاء المشايخ الحديث عن الأوضاع في القصير بشكل عام، عن المعارك التي خاضها "المجاهدون" ضد عناصر "حزب الله" ووحدات الجيش السوري، لكن لدى سؤالهم عن "المجاهدين" اللبنانيين تبدو عليهم الصدمة، لأن لا معلومات عنهم حتى الساعة، حيث يؤكد أحدهم أنه "لا يوجد أي إتصال معهم في الأيام الأخيرة، بعد أن وردت الأنباء عن سقوط المدينة عسكرياً بيد النظام السوري".
وفي هذا السياق، يوضح هذا الشيخ أن "مصير هؤلاء من الناحية المبدئية مرتبط بالكتائب التي كانوا يقاتلون في صفوفها، وهم بالتالي إما تمكنوا من الإنتقال إلى بعض البلدات المحيطة، أو قتلوا، أو ما يزالون يختبئون في المدينة، من دون إستبعاد فرضية وقوع بعضهم في الأسر".
وهو يرفض القول أن "هؤلاء تم التغرير بهم"، حيث يؤكد أنهم "كانوا يعرفون المصير الذي كان ينتظرهم"، ولم يتوقعوا يوما أنهم ذاهبون في رحلة إستجمام، وهم كانوا بين خيارين: "إما النصر أو الشهادة"، على حدّ تعبيره.
الأعداد ليست كبيرة
"لم تدفع الدعوات إلى "الجهاد" بأعداد كبيرة من "المجاهدين" للذهاب إلى القصير، ولا يمكن الحديث عن أكثر من عشرات المقاتلين اللبنانيين في المدينة"، بحسب ما يؤكد مصدر في الجماعات السلفية، ويعتبر أن "البعض دعا إلى ذلك عبر الإعلام، لكن في حقيقة الأمر لم يحصل أي تغيير على أرض الواقع، رغم الشائعات الكثيرة التي روج لها".
وفي هذا السياق، يؤكد المصدر أن "الاخوة" في القصير "كانوا يتوقعون دعماً أكبر لهم من قبل بعض اللبنانيين، لكن هذا الأمر لم يحصل رغم أنهم كانوا مطلعين على أوضاعهم بشكل جيد، وموقفهم لم يكن مختلفا عن الكثير من الدول العربية التي تعلن الدعم السياسي، في حين أن حلفاء النظام السوري يرسلون له السلاح والمقاتلين بشكل كبير جداً".
وحول هذا الموضوع، يشن المصدر هجوماً كبيراً على هؤلاء المشايخ والسياسيين، حيث يعتبر أنهم "لم يصدقوا في الوعود التي أطلقوها على مدى الأشهر السابقة". ويعتبر أن "أهل السنة هم رهينة هؤلاء الذين لا يبحثون إلا عن مكاسب في النظام السياسي اللبناني".
ويرى أنهم "رفعوا بعض الشعارات من أجل إستغلالها على الساحة المحلية لا أكثر من ذلك".
أما بالنسبة إلى إنعكاسات الموضوع على الأوضاع اللبنانية في حال تبين أن هؤلاء لاقوا حتفهم في المعارك، فيؤكد أنها "لن تكون كبيرة، خصوصاً أن هذا الأمر كان متوقعاً في ظل عدم تكافؤ القوة بين المقاتلين، وبالتالي كان المطلوب التحرك قبل ذلك".
في المحصلة، ليس هناك أي معلومة عن مصير هؤلاء الانتحاريين الذين إختاروا القتال في سوريا، ورغم أن أعدادهم ليست كبيرة جداً، وهم لم يذهبوا بشكل منظم بحسب المعلومات، فإن هناك أسئلة كثيرة تطرح، حول الجهة أو الأشخاص الذين قاموا بدفعهم نحو هذا الخيار، لا سيما أن البعض يعتبر أن ما يجري في مدينة طرابلس في هذه الأيام هو من باب التغطية على هذا الموضوع، في حين أن البعض الآخر يتخوف من نشاطهم المحلي في حال صدقت الأنباء عن تمكنهم من العودة إلى لبنان، مع العلم أنه تم نعي أكثر من شخص في الأيام الأخيرة.