بإنتظاريوم الثلاثاء المقبل وهو الموعد الجديد لجلسة المجلس الدستوري الأخيرة للبت بالطعن بقانون التمديد للمجلس النيابي، إستعرت حرب المصادر بين رئيس وأعضاء المجلس الدستوري ولا سيما الأعضاء الثلاثة الذين تغيبوا عن الجلستين السابقتين للمجلس، كما تحول المجلس الدستوري إلى محطة تجاذب يجوز وصفها بالدولية بعدما دخلت بشكل مباشر السفارة الأميركية في بيروت على خط "التوجيه" لما يجب أن يقوم به المجلس، وسط معلومات تفيد بأن ضغوطاً هائلة تُمارس على أعضاء المجلس من مختلف أصقاع الأرض وصلت إلى حد الإستعداد لدفع مبالغ مالية خيالية بغية تأمين النصاب وإصدار قرار بقبول الطعن بالتمديد.
المادة 35: يُعين الرئيس مقرراً من الأعضاء
وفي وقت أشارت فيه مصادرأعضاء المجلس الدستوري الثلاثة المتغيبين، إلى أن "تعيين رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان نفسه مقرراً سابقة في تاريخ لبنان وأن الأعضاء المتغيبين لن يحضروا جلسات المجلس طالما لم يحصلوا على تحقيق من السلطات الأمنية حول الوضع الأمني في لبنان"، تقول المادة 35 من القانـون رقـم 243/2000 المتعلق بالنظام الداخلي للمجلس الدستوري وفـي باب أصول الطعن بعـدم دستورية القوانيـن:"يعين الرئيس مقرراً من الأعضاء لوضع تقريرفي القضية، وعلى المقرر أن يضع تقريره ويحيله إلى رئيس المجلس خلال مهلة عشرة أيام من تاريخ إبلاغه قرار تعيينه، ويجب أن يشتمل التقرير على ملخص الطعن والوقائع والنقاط القانونية والدستورية المطروحة وعلى الحل المقترح، ويبقى التقرير سرياً".
أما المادة 36 فتقول: "فور ورود التقرير يبلغ رئيس المجلس نسخاً عنه إلى الأعضاء ويدعوهم إلى جلسة تعقد خلال خمسة أيام من تاريخ ورود التقرير، للتداول في موضوع الطعن، وتبقى الجلسة مفتوحة إلى أن يصدر القرار، ويصدر القرار في غرفة المذاكرة في مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخ إنعقاد الجلسة، ويوقع من الرئيس ومن جميع الأعضاء الحاضرين ثم يسجل في سجل خاص يحفظ لدى رئيس المجلس".
في المقابل، أكدت مصادر قانونية ودستورية أن "المجلس الدستوري يحق له سلوك كل الطرق من أجل الوصول إلى الحقيقة، وأن العضو في المجلس الدستوري يمكن أن يتحول إلى قاضي تحقيق ويمكن أن يصل إلى التحقيقات لكنه لا يمكن أن يوقف أحداً، وأن قانون التمديد يعتبر نافذاً بحال لم يتم النظر فيه من قبل المجلس الدستوري خلال المهلة القانونية".
مصادر الدستوري: يحق لسليمان تعيين نفسه مقرراً
من جهتها، أوضحت أوساط المجلس الدستوري أن "الورقة التي قدمها الأعضاء الثلاثة المتغيبين في المجلس الدستوري لا تتضمن معلومات دقيقة، وأنه من حق الرئيس عصام سليمان أن يعين نفسه مقرراً وهو ما تعتمده المجالس الدستورية الأوروبية وفي المحاكم كافة".
ونفت ما ورد في بعض الصحف في شأن "ورقة تضمنت ملاحظات إستند إليها الأعضاء المتغيبون عن إجتماع المجلس لتبرير تغيبهم"، مؤكداً أن "ما ورد في الورقة ملفق ومجرد ذريعة لمقاطعة الجلسات والحيلولة دون إتخاذ قرار في شأن الطعنين المقدمين بتمديد ولاية مجلس النواب".
ونقلت عن رئيس المجلس القاضي عصام سليمان قوله: "إن المجلس الدستوري لا يجري تحقيقات، وعندما ينظر في دستورية قانون يستند إلى وقائع، أما الوقائع الأمنية أو الظروف الإستثنائية فيبت فيها أما المجلس الأعلى للدفاع أو مجلس الوزراء".
وقال: "نظراً لحراجة الملف وضيق الوقت والمهلة الزمنية الضاغطة في ضوء إنتهاء ولاية المجلس في 20 الجاري ووجوب إصدار القرار قبل إنتهاء الولاية أقله بخمسة أيام، أعددت التقرير إنطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقنا ونظراً لدقة الموضوع".
وحذر رئيس المجلس الدستوري من أنه "سيعمد يوم الخميس المقبل، آخر مهلة لإصدار القرار إذا لم يكتمل النصاب لعقد الجلسة وسأضع محضر جلسة بتفاصيلها ووقائعها كافة وأرفعه إلى رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وأوزعه على وسائل الإعلام ليكون الرأي العام على بينة من الأمور والإطلاع على حقيقة ما جرى وليتحمل كل شخص مسؤولياته".
بري: الذين تغيبوا أنقذوا الدستوري والبلد
وبينما قالت أوساط سياسية إن "الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط يعتبران إجراء الإنتخابات في الظروف الراهنة بمثابة إنتحار للبنان"، مشيرةً إلى أنّ هناك "فارقاً بين التنظير الدستوري والظروف الإستثنائية التي لا يمكن تجاهلها"، تمحور"لقاء الاربعاء" النيابي أمس في عين التينة حول شرح الملابسات التي تحيط بعدم إكتمال نصاب جلسة المجلس الدستوري والمداخلات السياسية التي حصلت في ما يتعلق بعمل المجلس، حتى قبل صدور التمديد وقبل ورود الطعن بالقانون.
ونقل النواب عن الرئيس بري أن "موقف الأعضاء الثلاثة في المجلس الذين تغيبوا عن الجلسة، ينطلق من الحرص وإلتزام القانون والدستور، درءاً لوقوع الفتنة".
وأشارإلى أن "المجلس الدستوري عقد ثلاث جلسات في محاولة لتصويب مسار عمله، إلا أنها أخفقت، وأكثر ما يثير قلق الرئيس بري في هذه الأيام أنه يخشى أن تكون الإنتخابات التي يسعى إليها البعض طريقاً للفتنة".
وحذر بري من "محاولات السلطة التنفيذية وضع يدها على السلطة الإشتراعية".
السفارة الأميركية: مقاطعة المجلس الدستوري تعكس قلة إحترام للمؤسسات ولحكم القانون
وكان لافتاً دخول السفارة الأميركية في بيروت على خط المواقف من المجلس الدستوري، حيث دعت المجلس إلى "أن ينظر بالطعون المقدمة إليه من دون أي تدخل سياسي".
وأشارت في تغريدة على حسابها الرسمي على "تويتر" إلى أن "مقاطعة المجلس تؤدي إلى تآكل إضافي في الديمقراطية وتعكس قلة إحترام للمؤسسات ولحكم القانون".
ونوهت السفارة "بديمقراطية لبنان، بإعتبارها ركيزة أساسية للإستقرار"، مستنكرة "جهود تقويض العملية الديمقراطية التي تزعزع الإستقرار والثقة العالمية بلبنان".