"الطلب من لبنان ان يمنع تدخل اي جهات لبنانية في القتال في سوريا هو صنف من صنوف السياسة النظرية وغير الواقعية وغير القابلة للتطبيق". هذا ما أجاب عنه مسؤول بارز لـ"النهار" التي سألته تعليقه على موقف رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في الكلمة الافتتاحية التي القاها امام مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي عقد في الدوحة الجمعة الماضي، وطلب فيها من الحكومة اللبنانية وقف تدخل "حزب الله" في الأزمة السورية.
وبلغ الاستغراب ذروته عندما دعا حمد السلطات اللبنانية الى ان توقف "حزب الله" عن تدخله في القتال في سوريا، إذ ان المسؤول القطري يعرف اكثر من سواه مدى عجز تلك السلطات عن القيام بهذه المهمة، وهو الصديق لكثير من القادة السياسيين الذين اطلقوا عليه قبل نحو سبع سنوات لقب "مهندس اتفاق الدوحة". ويكمن الجواب عن دعوته لبنان في الانتقادات القاسية التي تعرّض لها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتي يفترض ان يكون قد اطلع عليها المسؤول القطري، لكونه دعا الحزب الى الانسحاب من القتال في سوريا اثناء اشتداد المواجهات الشرسة في بلدة القصير، من اجل حماية لبنان من التداعيات السلبية التي يمكن ان تنشأ عن هذا القتال. وأدى موقف رئيس الجمهورية الى انقسام حاد بين القوى السياسية، بين مدافع عنه ومعترض عليه.
ولفت الى ان ما يحرج لبنان امام وزراء خارجية 10 دول تتقدمها اميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا والسعودية ومصر وسواها، هو تحميل حمد إياه تبعة انضمام مقاتلي الحزب الى المعارك في القصير، واعتبار ذلك سبباً لاشتعال الاشتباكات بضراوة مجدداً، والتي تأجلت بنتيجتها الاتصالات الاميركية والروسية التي تكثفت من اجل عقد مؤتمر "جنيف - 2"، اضافة الى ان عدم تحديد موعد له يعود أيضاً الى الخلافات بين اعضاء المعارضة على انتخاب رئيس لـ"الائتلاف الوطني" واختيار اعضاء الوفد الذي سيمثلها في المؤتمر.
وحذر من مخاطر المرحلة القريبة الآتية، أي ان تموز سيكون حاميا بعد ان تكون 9 دول من 11 قد أرسلت أسلحة الى "الجيش السوري الحر"، تنفيذا لما تقرر في اجتماع الدوحة الأخير، حيث قرر المجتمعون تسليح المعارضة بما طلبه رئيس أركان "الجيش الحر" اللواء سليم ادريس، من اجل استعادة التوازن مع قوات النظام، اضافة الى قرارات سرية أشار اليها الشيخ حمد من دون الكشف عن طبيعتها. وأوحى مصدر ديبلوماسي عربي ان الاسلحة المتطورة قد يأتي معها خبراء ليس للتدريب عليها الذي يستوجب وقتا، انما لاستخدامها لان الحالة التي تجتازها معظم المناطق في سوريا لا تتحمل وقتا طويلا، نظرا الى معضلة النزوح التي سينال لبنان نصيبا منها كما تتوقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
واستغرب الازدواجية في الموقف الاميركي الذي تجلى في قطر حيث وافق وزير الخارجية الأميركي جون كيري على تسليح المعارضة، لان ذلك سيؤدي الى توازن مع قوات النظام لتعبيد الطريق امام الطرفين المتنازعين الى طاولة الحوار. وسأل هل ستقبل روسيا قرار التسليح العربي والغربي؟ الا تعتبره نسفاً للمبادرة المشتركة مع اميركا؟ الا يعرقل قرار احداث تغيير ميداني الوصول الى بدء الحوار تمهيدا لوقف النار الذي ما زال مشتعلا بشكل يومي ومن دون انقطاع منذ اندلاع المعارك بين قوات النظام؟
واستخلص ان الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد حرباً مصغرة أميركية - روسية بالواسطة، وعربية وإيرانية ولبنانية.