لم تُفلح الجولات التفاوضية المتعددة بين طهران والغرب في وضع أزمة إيران النووية على سكة الحل النهائي. قدَر هذه الأزمة، على ما يبدو، المراوحة بين الحل المفقود والصدام الممنوع تبعاً لغيرها من الأزمات العالقة بين الجانبين.
المفاوضات الأخيرة في عُمان كشفت أن اليورانيوم الإيراني المخصَّب بات يختزن كل وجوه الخلاف بين الإيرانيين والغربيين. النتيجة الوحيدة التي توصّل إليها هؤلاء في جولة التفاوض الأخيرة، ترحيل المفاوضات إلى الرابع والعشرين من الشهر الحالي. الترحيل هذا ليس خطوة في إطار تفاهم سياسي، بل هو محاولة لإيجاد فرصة جديدة، والخروج من المراوحة المكانية، في ظل إدراك الجانبين أن عشرات الجولات التفاوضية على مدى عقد من الزمن قد استنفدت النظر في كل المقترحات الممكنة، ولم تُبقِ جديداً قيد البحث والتداول سوى تجزئة الخطوات، والاستعاضة عن الاتفاق النهائي الدائم باتفاق جزئي مرحلي.
أكثر من مفارقة تحكم المسار العام للأزمة النووية بين إيران والغرب: رغبة مشتركة في التفاوض، لكن لا ممرات آمنة تُفضي إلى التفاهم.. حذر متبادَل في التقدم وتردُّد مثله في التراجع.. استعداد لتنازلات متقابلة لا تفضي إلا إلى التمسُّك بمواقف متصلبة.. مقترحات حول الممكن المتاح، مقابل إرجاء الخوض بالممتنع الصعب.
مآل المسار التفاوضي إلى حائط مسدود، لكن لا أحد من الجانبين يريد الاصطدام به، وعامل الوقت ليس في مصلحة الطرفين، في حين تعتمد سياسة التفاوض بينهما على النفس الطويل، كما أن أياً منهما لا يريد الانتقال إلى مرحلة ما بعد فشل المفاوضات، فيما واقع التفاوض يوحي بأن الحل لن يكون قريباً، والنتيجة في كل ذلك: بقاء الهوة متسعة، وصعوبة في التقدم مع جرعات من التفاؤل المصطنَع، وانعدام للثقة، في ظل مطالبة غربية بأن تفي إيران بالتزاماتها، ومطالبة إيرانية للغرب بأن يكون صادقاً بوعوده.
المؤشرات توحي بأنه لا حل قريباً لأزمة إيران النووية، وتعذُّر الحل لا يقف عند حدود البُعد النووي بشقّيه التقني والسياسي، بل يتعدّى إلى عامليْن أساسيين: الأول، معنوي ويتعلق بتظهير حسابات الربح والخسارة في إطار أية تسوية مفترضة، والثاني، استراتيجي يرتبط بتلازم الملف النووي مع غيره من الملفات العالقة بين الجانبين.