لم تنفع زيارات الشيخ وسام المصري الى جرود عرسال كثيراً أهالي العسكريين المخطوفين لناحية التهديدات التي يتلقونها من إرهابيي "داعش" و"جبهة النصرة" منذ الثاني من آب الفائت. حتى الجولات التي يقوم بها الأهالي على الأقطاب السياسيين وما ينتج عنها من مواقف معلنة مؤيدة للمقايضة، والتي من المفترض أن تريح الخاطفين لناحية تسريع المفاوضات، لم تخفف من وتيرة التهديدات التي لا تزال مستمرة، وتتركز في الآونة الأخيرة بحسب مصادر متابعة على الأهالي الذين لم يفعل التهديد بقتل أبنائهم، فعله بهم في المرات السابقة، لذلك لم يشاركوا لا في إعتصام ضهر البيدر ولا في ساحة رياض الصلح.
فمنذ أسابيع قليلة، تفاجأ المعتصمون في ساحة رياض الصلح بوصول والد المخطوف أحمد عباس، وإعلانه الإنضمام الى إعتصام الأهالي ليتبين فيما بعد أنه تلقى إتصالاً من جبهة النصرة تعاتبه فيه على عدم مشاركته بتحركات الأهالي الضاغطة على الحكومة لتسريع المفاوضات وإلا لن يكون إبنه العريف في قوى الأمن الداخلي بخير.
بإستثناء ردة فعلهم الأولية على خطف إبنهم علي المصري، والتي دفعتهم الى خطف المواطنين من عرسال عبدالله الفليطي وحسين حسن البريدي في الثامن من آب على طريق حورتعلا قبل أن يعمدوا فيما بعد الى إطلاق سراحهم، لم يكن آل المصري ولو للحظة واحدة جنباً الى جنب مع أهالي العسكريين في تحركاتهم. ولكن منذ أيام قليلة، باغت شقيق علي، معتصمي رياض الصلح بنزوله الى الساحة وإنضمامه اليهم وبحوزته صورة عملاقة للمخطوف، سرعان ما علّقها الى جانب الصور الأخرى. ولدى سؤاله عن سبب إنضمامه المتأخر كان الجواب تهديد جدي من الخاطفين إذا لم تشارك العائلة في التحركات.
عائلة المخطوف سيف ذبيان لم تنزل بعد الى الساحة، ويبدو أن الإتصال الهاتفي لم يصلها بعد. كذلك هو الوضع بالنسبة الى عائلة المخطوف مصطفى وهبه التي لم يسبق لها أن شاركت الأهالي مصيبتهم. غير أن المتابعين لهذا الملف، يعتبرون أن التهديد لآل وهبه وآل ذبيان أرسل بطريقة غير مباشرة وتحديداً عبر الشيخ وسام المصري الذي كشف بالأمس بعد لقائه تسعة من المخطوفين في جرود عرسال أن وهبه يعاني التهاباً في الرجل وذبيان التهاباً في أذنه. المتابعون لهذه القضية يتوقعون أن تطاول التهديدات أيضاً عائلة المخطوف لدى جبهة النصرة إيهاب الأطرش، وهو رقيب أول في قوى الأمن الداخلي، وعائلة العريف المخطوف في قوى الأمن ماهر فياض، على إعتبار أن العائلتين غائبتان عن الساحة.
في المقابل، يستغرب بعض من أهالي العسكريين، كيف أن الجندي المخطوف علي الحاج حسن كان أول من هُدّد بالذبح، ولكن بعد معرفة الخاطفين أن شقيقه هو الشيخ محمد الحاج حسن رئيس التيار الشيعي الحر، توقف التهديد بقتله، علماً أن عائلته لم تشارك في تحركات الأهالي ولو لمرة واحدة.
إذاً الخاطفون يستنفرون العائلات التي لم تشارك في تحركات أهالي العسكريين، فهل يعني ذلك أن العسكريين باتوا يشكلون عبئاً على تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" وبالتالي أصبح التنظيمان مستعجلين لإنهاء هذه الأزمة أكثر من أي وقت مضى؟