اكد معنيون رئيسيون بالحوار بين حزب الله والمستقبل لـ"الاخبار" إنه لن يتوقف إلى أن يُنتخب رئيس للجمهورية، من دون أن يعني ذلك أن الفريقين السنّي والشيعي هما مَن يقرّر الرئيس. وترتكز بعض المؤشرات تلك، المشجعة لإطلاق الحوار والحرص على استمراره مناخات إيجابية يشيعها السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري في لقاءاته مسؤولين وشخصيات لبنانية، بينهم مَن فاجأه كلامه عن الاستحقاق الرئاسي وقوله إنه يتوقعه في غضون شهرين. لدى استقباله الرابطة المارونية قبل أسبوعين، أسهب في الحديث عن الوجود المسيحي في المنطقة، داعياً زائريه إلى الاضطلاع في مرحلة ما بعد الأعياد بدور يُسهم في جمع الزعماء الموارنة، مشيراً إلى أن حكومته تدعم "أي محاولة توقف الشرذمة المسيحية، وضرورة الاستعداد لمواجهة كل الذي أبصرناه من خطر على المسيحيين في المنطقة، وخصوصاً في العراق وسوريا، وما حل بهم تحت وطأة التهديدات". مازجاً بين الجزم والتمني، لاحظ العسيري أن الظروف تتجه إلى الافضل، ما يساعد على انتخاب الرئيس، وقال إنه يتوقعه خلال الشهرين المقبلين، بيد أنه أكد أن المملكة "ليست متفرجة وتعمل في جدية في سبيل انتخاب الرئيس".
لفته أمام محدثيه أيضاً تقدّم مهم في موقف الرئيس ميشال عون واستعداده لمناقشة الاستحقاق كما لو أنه تخلى عن تصلبه كمرشح، وبات في رأي السفير ــ وفق استنتاج الزوار إياهم ــ أكثر انفتاحاً على البحث في اسم سواه. في وقت لاحق تحدث العسيري إلى الوزير السابق فيصل كرامي، لدى عيادته والده الرئيس عمر كرامي، مبدياً مزيداً من الانفتاح بقوله إن التفاهم الداخلي يتسع للأفرقاء جميعاً. وهي إشارة واضحة إلى حضور آل كرامي في المعادلة السياسية السنّية في المرحلة المقبلة التي تنفي استبعاد أي فريق.
وتحدثت الصحيفة عن زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للرياض قبل أقل من أسبوعين، ومفاتحته هناك في الاستحقاق الرئاسي، إلى حد أن مسؤولاً سعودياً رفيعاً حدّثه في اسم مرشح بارز للرئاسة، سارع جعجع إلى تسجيل مآخذ عليه في معرض رفض تأييده، رغم معرفته بالعلاقة الوثيقة التي تربط المرشح بمسؤولين رفيعي المستوى في المملكة. إلا أن ذكر اسم المرشح بدا كفيلاً بإظهار رغبة الرياض في تحريك الاستحقاق وإخراجه من جموده. يلاقي هذا الموقف ما تشيعه الدبلوماسية السعودية عن استعداد المملكة للمساعدة على فصل انتخابات الرئاسة اللبنانية عن الملف السوري، وتوفير اوسع حيز من الاستقرار الداخلي لهذا البلد.
كما كشفت "الاخبار" عن زيارة غير معلنة لمسؤول إيراني رفيع لبيروت قبل أيام، اقتصرت على اجتماعه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دون سواه من المسؤولين، بمن فيهم الرسميون، تناولت الموقف الإيراني من أحداث المنطقة ومن سوريا خصوصاً. أدرج مغزى الزيارة في بعض جوانبها في سياق موقف طهران من الاستحقاق الرئاسي الذي أبلغته إلى أكثر من جهة إقليمية ودولية معنية، عملت على خط الوساطة وبذل الجهود، وهو أنها ليست هي مَن يقرّر في انتخابات الرئاسة اللبنانية، بل حزب الله. ما قالته طهران لها أيضاً أنها هي مَن يصغي إلى الحزب في هذا الموضوع لا العكس.
واوضحت ان المضامين التي انطوت عليها سلسلة المواقف هذه، تعكس أكثر من معطيات بناءة بلغت إلى فريقي الحوار الثنائي، وكان أول مَن تلقفها رئيس المجلس نبيه بري الذي عمل على تشجيعهما على الدخول في حوار يتوخى ــ إلى تنفيس الاحتقان المذهبي ــ الاقتراب أكثر من المؤشرات الإيجابية الإقليمية. وهو فحوى ما أفصح عنه المعنيون بالقول إن الحوار لن يتوقف قبل انتخاب الرئيس.