لا تزال حالة التطبيع السياسي في ظل الفراغ الرئاسي حاجة لكافة القوى الحكومية او تلك التي هي خارج هذا الاطار الالزامي للتعايش، لا سيما ان البديل عن هذا الواقع الضابط لكل تداعيات ازمة المنطقة، معناه انضمام لبنان «ميدانياً» و«دموياً» الى لائحة الدول المتفجرة في الاقليمين العربي والافريقي اقله.
والحاجة الى هذا الواقع القائم والسعي لتمديده قدر الامكان من خلال الحفاظ على الحكومة كمرجعية جامعة هو الذي يدفع نحو انحسار التوترات على غرار الخلاف على آلية عمل الحكومة والتباين القانوني حول كيفية اعتماد التصويت في ضوء اسناد صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة الى الحكومة.
ولذلك قبل انجلاء التفاهم النهائي على الميثاق الذي سيعكس تفاهم القوى الحكومية على التفسير الموحد للمادة 65 من الدستور اللبناني. قالت اوساط رئىس الحكومة تمام سلام بأن المعالجات تحرز تقدماً والمناخ الايجابي في التحاور حول نقاط الخلاف تجري في ظل رغبات مساعدة لكافة القوى، مما يؤشر الى عودة جلسات الحكومة للانعقاد، ثم ان الحوار الذي يجري بين تيار المستقبل وبين حزب الله بات في حاجة الى استمرار الغطاء الحكومي، حتى لا تظهر البلاد وفي حال سقوط الحكومة التي تجسد روحية الطائف وكأن القوى الاسلامية تتحضر للتحاور مستقبلاً حول صيغة نظام جديد او هي تقارب مطلب المؤتمر التأسيسي، فالحوار في ظل الحكومة ورغم «فراغه» من المواضيع الخلافية، ظلل البلاد بنوع من الهدوء، ويتلاقى معه الحوار «المعلق» بين التيار الوطني الحر وبين القوات اللبنانية يندرج في سياق تعزيز الهدوء الداخلي بعيداً عن المندرجات التي يتضمنها تفاهمهما.
وفي قرار القوى الحكومية عدم توفر لأي رغبة ولو ضئيلة في تعكير اجواء التهدئة، حيث ان تأجيل تصريح مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الذي سيلجأ اليه وزير الداخلية نهاد المشنوق من خلال ما يمكن اعتباره تمديداً له ولقائد الدرك انطوان سعاده، لكونه يتولى وكالة صلاحيات الاول في حال غيابه هو قرار حسب مصدر وزاري سيحصل في المدى القريب وبموافقة كافة القوى الحكومية نظراً لعدم الرغبة في وضع عمل المؤسسات الأمنية على المحك في هذه المرحلة، ولأن كفة التهدئة هي المرجحة بقوة على كفة التوترات بأنواعها، فان اللقاء الوزاري الذي عقد في دارة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وفق مصدر وزاري على وقع حسابات فردية ام بالجملة تتجاوز في جانب منها موضوع آلية العمل الحكومي، لن يكمل مشواره، بحيث ان اللقاء الذي عقده مؤخراً برئاسة رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل في دارته، هدف منه رئيس الكتائب الاطلاع عن كثب على الاعتراضات التي من الممكن مناقشتها مع الرئيس سلام والقوى الأخرى، بحيث قد يكون هذا اللقاء هو آخر اجتماعات هؤلاء الوزراء، كون وزير الاتصالات بطرس حرب سيغيب عن البلاد الاسبوع المقبل في خطوة مساعدة على وقف هذه اللقاءات والتي تحمل في طياتها رسالات اعتراض في زمن «المحاصصات»، في حين ان عدداً من الوزراء سيمتنع عن الانضمام في حال استمرار اللقاءات بعدما اظهر الاجتماع الاول في دارة سليمان وكأن الرئىس سلام وتيار المستقبل اللذين يدفعان باستمرار نحو انتخاب رئىس للجمهورية ويريدان مصادرة او تجاوز صلاحيات رئاسة الجمهورية المناطة وكالة الى الحكومة في حال الفراغ.