بعد أقل من 48 ساعة على اللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وإذاعة "إعلان النيات"، بدأ رصد الردود على كل المستويات. الى الآن، يرى الطرفان أنها جيدة، رغم المشككين بنتائج ايجابية وملموسة، على غرار التشكيك الذي رافق امكان حصول اللقاء. أول رد فعل كان من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي أثنى على اللقاء واعتبره يوماً تاريخياً وشجّع على التلاقي بين كل المكونات، وسيستكمل اللقاء مع البطريركية المارونية اذ ستوضع لديها الرؤية الكاملة للمشروع مع التفاهمات التي نسجت والخطوات اللاحقة لإشراك كل المكونات.
اذاً المرحلة الاولى من "إعلان النيات" انتهت بلقاء عون – جعجع في حضور مهندسي الاتفاق أمين سر "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ابرهيم كنعان والمسؤول عن جهاز الاعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" ملحم الرياشي.
أما الآن، فحديث آخر، إذ ستشكّل المرحلة الثانية ترجمة "النيات"، وستبدأ المحادثات بينهما في شكل معمّق أكثر وخصوصاً في موضوع رئاسة الجمهورية، الذي يشكّل البند الأساسي في المرحلة الثانية، اضافة الى مواضيع أخرى لا تقلّ أهمية كقانون الانتخاب واستعادة الجنسية...
الترجمة العملية لـ"النيات" تنطلق اليوم، وتبدأ بالمواطنين والقواعد الشعبية صعوداً الى القيادات والمرجعيات، عبر لقاءات، مع قاعدتي الفريقين لتفسير بنود الاتفاق الذي أدى الى تنسيق نيابي ونقابي وطالبي واسقاط دعاوى متبادلة بين الطرفين بعد 30 عاماً من العداوة.
على مستوى القيادات، سيكون تعزيز التواصل القائم، بدءاً بالمسيحية وصولاً الى الشريك الآخر في الوطن. وستكون لقاءات لشرح أبعاد "الاعلان" وبلورة ما تمّ التفاهم عليه وما يمكن أن يحققه الفريقان معاً ومع سائر المكونات. وبدأ فريقا "التيار" و"القوات" بإجراء اتصالات ولقاءات كل مع حلفائه، وسيكون الاجتماع الأول لـ"التيار" اليوم مع النائب سليمان فرنجية من أجل اطلاعه على تفاصيل اللقاء والبحث في الخطط المستقبلية، في حين بدأت "القوات" بالتواصل مع فريق 14 آذار. وسيُبحث مع كل المرجعيات السياسية والروحية بالآليات والخطوات العملية والمواقف، ومنها مسألة "تشريع الضرورة"، قانون الانتخاب، استعادة الجنسية، اللامركزية الادارية، وفي الدرجة الأولى "موضوع الرئاسة وسبل اعتماد المخرج الدستوري والديموقراطي الذي يحمي الجميع لتحديد الخيارات المسيحية على مستوى الوطن، على ما ذكرت المصادر مضيفة "ان ثمة اقراراً من كل الافرقاء ان تكون الرئاسة ميثاقية وألا تكون ميثاقيتها معزولة عن بقية المواقع والمؤسسات لأن الدستور يفرض الميثاقية في كل المواقع القيادية. اما بالنسبة الى قانون الانتخاب فالهدف أن يكون عادلاً ويؤمّن 64 نائباً مسيحياً وفق الميثاقية، وكل هذا يدخل ضمن مفهوم التوازنات التي كفلها الدستور ويجب احترامها.
هل يشكّل لقاء عون - جعجع اصطفافاً جديداً للمسيحيين؟ ثمة جزم من الطرفين انه ليس اصطفافاً بل يشكّل نموذجاً لجسر تلاقٍ بين اللبنانيين على مساحة مشتركة في ملفات تخصّ الحياة العامة وتحت سقف الدستور، كما ان الهدف ليس بناء اصطفافات جديدة تؤدي الى اصطفافات مقابلة، بل ردم الهوّة بين الاصطفافات القائمة عبر اعطاء نموذج للبنانيين انه يمكن فريقين أن يتحاورا ويلتقيا في ظل الاختلاف، وأن لا شيء مستحيلاً اذا ما توافرت الإرادة والنية الصادقة للتوصل الى اتفاقات من هذا النوع، مع التشديد على ان اليد ممدودة الى الجميع، الحلفاء وغير الحلفاء.