اختطف نجل الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي، هنيبعل القذافي، بعد استدراجه من سوريا إلى البقاع اللبناني في الشهر الاخير من العام الماضي، وتمّ نشر شريط مصوَّر يُظهِر القذافي متحدّثًا عن الامام المغيّب السيد موسى الصدر، قبل ان يتم تسليم المخطوف الى فرع المعلومات. وبعد حادثة الخطف بأسبوع، استُدعي النائب السابق حسب يعقوب الى فرع المعلومات لتقديم افادته، فتم توقيفه واتهامه بعملية الخطف، وتحدّثت عائلة يعقوب عن تدخلات سياسية تقف خلف التوقيف. فما حقيقة كل ما يجري؟!
لم تمض ساعات على اتهام علي يعقوب، شقيق النائب السابق الموقوف، لـ"حركة أمل" بأنها تطلب من مناصريها عدم التضامن مع أخيه، وبأن هناك من يعمل داخل الحركة على ابقاء يعقوب موقوفاً، حتى ردّ مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري، أحمد بعلبكي، بأن "لا العميد يوسف دمشق تلقى اتصالا من المحامية بشرى الخليل ولا هو التقاها أو تلقى أي اتصال منها". واوضح مستشار بري ان الاتصال الوحيد الذي تلقوه في هذه القضية هو أثناء عملية الخطف لمبادلة القذّافي بالمال، الأمر الذي رفضوه لأنهم تأكدوا حينها أن "الخطف كان من أجل المال وليس من أجل القضية"، على حدّ تعبيره.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ"النشرة" أنّه، وبعد مرور اربعة ايام على اختطاف هنيبعل القذافي، قام وسيط وهو رجل بقاعي معروف، بالتواصل مع مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري، أحمد بعلبكي، عارضًا تسليم القذافي الى "حركة امل" مقابل مبلغ مالي بلغ 2 مليون دولار، الامر الذي شكّل صدمة لبعلبكي الذي رفض الامر جملة وتفصيلا. وتعرب المصادر عن اعتقادها بأنّ عملية الاختطاف كانت لأجل المال، "اذ ان الخاطفين طلبوا من هنيبعل شخصيا تأمين مبلغ مقابل اطلاق سراحه، الامر الذي لم يتم لسببين هما عدم قدرة القذافي على الدفع كونه يعيش في سوريا كلاجئ سياسي، والثاني هو عدم سماح الخاطفين للمخطوف ان يجري أي اتصال هاتفي، ثم طلبوا الاموال من حركة امل"، وتلفت إلى ان عدم قدرة الخاطفين على الحصول على الاموال دفعهم للتواصل عبر الوسيط نفسه مع جهاز امني لبناني لاستلام القذافي، وعندما رفض هذا الجهاز الامر، تواصل الوسيط مع فرع المعلومات وقام بتسليمه الرجل.
بالاضافة الى ذلك، تكشف المصادر نفسها بعض التفاصيل التي رافقت عملية الخطف، فتشير الى ان الخاطفين أجبروا القذافي على تسجيل شريطي فيديو، الاول تمّ عرضه على الاعلام، اما الثاني فما يزال بحوزتهم وفيه يقول القذافي ان شقيق رئيس حركة امل، محمود بري، وشقيقة الامام السيد موسى الصدر، رباب الصدر، قاما بقبض الاموال لإغلاق قضية الامام ورفيقيه. وتضيف المصادر: "بعد حصول عملية الخطف تواصلت القيادة السورية مع مسؤولين بحزب الله لمحاولة اعادة القذافي الى سوريا، ففاتحت قيادة الحزب النائب السابق حسن يعقوب بالموضوع دون ان تصل الى نتيجة كون مسألة الخطف انكشفت امام الاعلام بعد عرض الشريط المصور".
أما بالنسبة للموقوف لدى المجلس العدلي هنيبعل القذافي، فقضيته حسب المصادر بيد القضاء اللبناني. وتكشف المصادر ان الوفد الليبي الذي زار لبنان للبحث في ملف القذافي منذ فترة التقى وزير العدل اشرف ريفي، مع مفارقة ملفتة هي ان الوفد سجّل لدى الجهات المختصة نزوله في فندق، ومكث في فندق آخر، دون ان يستطيع اكمال العمل الذي جاء لأجله بعدما طلب منه الأمن العام مغادرة لبنان بسبب وجود تهديدات امنية محدقة به.
حاولت "النشرة" التواصل مع قيادة "حركة أمل" للتعليق على هذا الملف، ولكنّ مسؤوليها ابدوا التزامهم الشديد بعدم التصريح، معتبرين ان ما صدر عن البعلبكي في بيانه المقتضب هو البيان الرسمي الذي ارادت الحركة نشره.
أما شقيق النائب السابق الموقوف، علي يعقوب، فأكد في حديث لـ"النشرة" ان العائلة ترفض الدخول في تفاصيل هذه القضية، معتبرا ان البيان الذي رد فيه على البعلبكي هو أكثر من كاف، والذي أكد فيه امتلاك العائلة لدليل على التواصل مع وكيلة القذافي، وقال: "لا نريد الدخول في سجالات لأن الموضوع المركزي هو ان توقيف النائب السابق حسن يعقوب فيه مظلوميّة كبيرة بحق الشرفاء في هذا الوطن".
غموض كبير يلف قضية اختطاف هنيبعل القذافي، وما زاد الملف تعقيدا هو السجال الذي دار في الايام الماضية بين عائلة يعقوب ومسؤولي "حركة أمل"، ولكن الاهم يبقى ان القضاء اللبناني قد وضع يده على هذا الملف وسيكون هو الحكم العادل.