«كما تغيّرت المعادلة مع دخول الروس في الميدان السوري ستتغير، في شكل أكبر، مع خروجهم منه». هذه هي الخلاصة الأولية لقرار موسكو «المفاجئ» سحب قواتها من الحرب السورية، بحسب قراءة شخصية بارزة في تيار المستقبل. «الدول الكبرى لا تعمل عند الرئيس بشار الأسد ولا عند ايران أو حزب الله.

المطلوب، روسياً، نظام ضعيف ومعارضة ضعيفة حتى تمشي التسوية. لا يمكن وليد المعلم إحراج الروس بشروط مسبقة فيما طائراتهم تجوب سماء بلاده. أخطأ النظام حين اعتقد أنه يمكن أن يعتمد على موسكو من دون أن يسمع منها. ويخطئ أكثر إذا اعتقد أن اعتماده على طهران يمكن أن يحقّق له تسوية يغطيها المجتمع الدولي».

لعب الروس، منذ دخولهم الحرب، دور «منظّم» ضربات القلب في سوريا. «التقسيم وتغيير الخرائط ممنوع بقرار دولي. حان وقت تحديد الأحجام، وعدم انتظام النظام في التسوية المطروحة سيفتح أبواب جهنم عليه، وقد يخسر كل ما كسبه منذ بداية التدخل الروسي. اما الايراني فعليه القبول باعتراف من المجتمع الدولي بنفوذ يتم التفاهم على حدوده».

إذاً الى التسوية؟ «نعم، ولكنها تسوية لغير مصلحة المحور الايراني، ولا وجود فيها للرئيس الأسد. الالحاح السعودي طوال الفترة الماضية على هذه النقطة لم يكن مزاجاً شخصياً»، بحسب المصدر نفسه. ويضيف: «القرار الروسي ليس ابن ساعته، لكن الاتصال العاصف بين الاسد و(الرئيس فلاديمير) بوتين أعطى الأخير «باس» الاعلان عن القرار. بهذا باع موقفاً كبيراً للأميركيين ولدول مجلس التعاون الخليجي، وقريباً قد نسمع عن تحديد موعد لزيارة الملك سلمان الى موسكو وعن توقيع عقود بين الجانبين».

لا تحبّذ الشخصية المستقبلية «الاحتفاء» بالقرار الروسي وإطلاق المفرقعات احتفالاً، لأن «البلد، بعد هذا التغيير الكبير، أمام خيارات كبرى. والسؤال الكبير مطروح على حزب الله الذي عليه أن يزين الأمور بدقة: كيف سيقرأ هذا المعطى، وهل سيتصرف وفق قاعدة أنه كان في سوريا قبل الروس وسيبقى بعدهم؟». التجاهل قد يعني اننا ذاهبون الى حرب مع الاسرائيلي «الذي لن يقبل بهذا الحجم للحزب في لبنان وسوريا»، أما «العودة الى صيغة لبنانية هادئة وعاقلة عبر تأمين النصاب لانتخاب رئيس فسيعطي انطباعاً بأنهم شركاء ممارسون في النظام لا شركاء معطلين. المطلوب من الحزب اليوم خطوة إنقاذية». لكن ذلك لا يعني أن هذا هو المطلوب من وراء الضغط السعودي والخليجي «لأن لبنان وانتخاباته ليسا أولوية سعودية على الاطلاق. الحرب الخليجية على حزب الله لن تتوقف وسنشهد مزيداً من القرارات ومزيداً من عمليات الابعاد للبنانيين من الخليج. هذا قرار خليجي واحد لا رجعة عنه. الأخطر انه للمرة الأولى منذ 1943 ينأى الخليجيون بأنفسهم عن بند التضامن مع لبنان في اجتماع عربي. في القمة العربية المقبلة قد نرى أكثر من ذلك. خروج لبنان عن الاجماع العربي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة كان خطأ كبيراً. في العلاقات العربية ــــ الايرانية يمكننا أن ننأى بأنفسنا داخل لبنان ولكن ليس في الجامعة العربية».

تطبيق المنطق السعودي في لبنان يعني خروج تيار المستقبل من الحكومة ووقف الحوار مع حزب الله، لكن اللهجة «الهادئة» للرئيس سعد الحريري لا تتسق مع التصعيد السعودي «لأنه غير جاهز في اي لحظة لأي عمل انتحاري. حتى الآن لا يزال الرئيس الحريري مهدّي. وسنبقى نجرّب بالتي هي أحسن». ولكن الى متى؟ «لنرَ أي وجهة سيتخذها الحزب. المطلوب في لبنان انقاذ النظام لا تغييره، والحكومة لا يمكن أن تستمر طويلاً على ما هي عليه. وفي الأساس هناك رأي في المستقبل بضرورة اتباع سياسة الصدمة عبر وقف الحوار الحالي لوضع قواعد جديدة للاشتباك أو للتفاهم، لأن القواعد الحالية قائمة على تلبية طلباته الداخلية والخارجية، وهذا ما أثار مشكلة داخل التيار وخسّره شعبياً». تلويح بوقف الحوار؟ «ليس بعد. لكننا ندفع من جمهورنا يومياً»، تجيب الشخصية المستقبلية.