أعادت الانتخابات البلدية والاختيارية خلط الأوراق خصوصا بعد الجولة الثانية في أقضية جبل لبنان، وباتت علامات الاستفهام تطرح على ثقل بعض القوى السياسية في العديد من المناطق، والخسارات السياسية التي خلفتها هذه الانتخابات.
ورغم تأكيد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون أن التيار أثبت قوّته مسيحياً وتشديده على متانة التحالف مع "القوات اللبنانية" بعد ما حصل في العديد من المناطق، تبقى هذه النقاط محطّ جدل ونقاش لتفادي الخسائر البلدية وانعكاسها على الاستحقاق النيابي.
يؤكد الكاتب والمحلّل السياسي جوني منير أن "الانتخابات في جبل لبنان حملت معها مؤشرات كثيرة على كافة الصعد وخصوصاً بعد دخول الأحزاب المسيحية إلى منطقة الشوف وبعض المناطق الدرزية"، معتبرا أن "التيار الوطني الحر" هو أكبر الفائزين في هذه الانتخابات وحزب "الكتائب اللبنانية" أقل الخاسرين.
ويوافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل، إذ يرى أنه "بشكل عام التيار الوطني الحر حقّق النتائج الأفضل في جبل لبنان"، لافتاً إلى أن "الكتائب أقل الخاسرين لأن قيادة الكتائب لم ترفع سقف رهاناتها وحربها الاعلامية".
اعادة حسابات
يعتبر منيّر أن "العاطفة بالعلاقة بين "الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" لم تعد موجودة"، مرجحاً أن "تبقى ضمن اطار الحسابات السياسية"، ومشيراً إلى أن "التحالف العوني-القواتي في المناطق التي تم التحالف فيها لم يعطِ الحجم الذي كان منتظراً له، فمثلاً في ساحل المتن الشمالي كان هناك خسارة للتحالف أمام النائب ميشال المر وحزب "الطاشناق".
ويؤكد منيّر أن "التحالف لم يغيّر في موازين القوى كما كان متوقعاً فلا يمكننا تحليله في البلدات الصغيرة نظراً لطابع العائلات فيها بل في المناطق الكبرى أثبت عدم نجاحه"، معرباً عن استغرابه من أنه "في المناطق الذي اختلف فيها التيار مع القوات فاز التيار وعندما تحالف القوات والتيار في مناطق أخرى خسر التحالف"، مشددا على أن "التيار الوطني الحر منفرداً هو أقوى من التحالف مع القوات"، وأضاف قائلا "القوات دخلت بشكل خاطئ على منطقة جبل لبنان وارادت ترويض رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون وفشلت".
فشل الأحزاب
من جهته يرى أبو فاضل أن "الأحزاب لم تنجح في الاستحقاق البلدي لأنها تشرذمت وأثبتت فشلها"، ويلفت الى قولها بأنها حالة تغييرية "لكنها أجرت تسويات في بعض البلديات وانخرطت في التركيبة التي كانت قد اتهمتها بالفساد وبالتالي قامت بالتطبيع مع الفساد".
ويعزو أبو فاضل هذا الفشل إلى "فشل القيادة المحلية في الأقضية داخل الأحزاب"، معتبراً أنه "لا يمكن لرئيس "القوات" سمير جعجع ولعون ان يتدخلا شخصياً في مناطق صغيرة لحثّ الناخبين لو أن المسؤولين في الأقضية عملوا بجد للانتخابات".
وإذ يلفت أبو فاضل إلى أن "الانتخابات البلدية ستؤثر على التحالفات في الانتخابات النيابية"، يتحدّث عن حالة جديدة تمّ خلقها في هذا الاستحقاق اسمها رؤساء البلديات، حيث يرى أنّ هؤلاء سيقفون بالتأكيد في وجه الأحزاب التي حاربتهم خلال الحملة الانتخابية.
في المحصلة، ورغم خسارة "التيار الوطني الحر" في العديد من البلدات، ورغم تزعزع التحالف العوني-القواتي، أثبت عون ثقله على الساحة المسيحية خصوصاً بعد معركة جونية التي واجه بها الثقل المسيحي الآخر بما فيه "القوات". فهل تترجم هذه النتائج في الانتخابات النيابية المقبلة، أم أن الرهانات والحسابات ستختلف حينها؟