أوقف الأمن العام مُفخِّخ السيارة التي استُخدمت في الهجوم الانتحاري ضد السفارة الإيرانية في بيروت، والذي اعترف بالمشاركة في تفخيخ عدة سيارات أخرى، بعضها لم يُفجّر بعد. رحلة الموقوف من كلية الطب، فتفخيخ السيارات ثم انتهاؤه عاملاً في محطة وقود في القبيات قبل توقيفه
منذ أسبوعين تقريباً، تمكن الأمن العام من توقيف السوري أحمد فاضل المشهور بـ«أبو الطيب». لم يكن الشاب موقوفاً عادياً، إذ تبين لاحقاً أنّه أحد مفخخي السيارات التي هزّ سائقوها الانتحاريون لبنان أكثر من مرة.
كما أنّه أحد الضالعين في تفخيخ السيارات والعبوات الناسفة لمصلحة «جبهة النصرة» التي ينتمي إليها. الخيط الذي قاد إلى توقيفه، مرتبط بأحد أقربائه الذي يتولى منصباً قيادياً في «الجبهة»، علماً بأنّ فاضل كان يعمل في إحدى محطات الوقود في قرية القبيات طوال الفترة الماضية من دون أن يجذب الانتباه إليه.
كان أحمد فاضل، قبل أن يُعرف بـ«أبو الطيب»، يتابع تحصيله العلمي في كلية الطب في جامعة البعث، قبل أن يلتحق بـ«كتائب الفاروق» في القصير لقتال القوات السورية بعد اندلاع الأحداث السورية. شارك في عدد من المعارك ضد الجيش السوري وأسَرَ عدداً من العسكريين السوريين ليسلّمهم لاحقاً إلى قائد الكتيبة موفّق أبو السوس (بايع لاحقاً تنظيم «الدولة الإسلامية» وأصبح «الأمير العسكري» لهذا التنظيم في جرود القلمون). وكان يقود مجموعته السوري أسامة حصوة (أوقفه الأمن العام في آب الماضي بجرم تصنيع متفجرات لاسلكية والقتال ضد الجيش اللبناني في عرسال).
إحدى السيارات المفخخة دخلت لبنان، لكن لم تُضبط ولم تُفجّر بعد
بعد سقوط القصير، انسحب فاضل مع المجموعات المسلّحة إلى منطقة يبرود. وهناك التحق بـ«النصرة» بعد مبايعة أميرها «أبو مالك التلّي» الذي كان يتّخذ من رنكوس مقرّاً له. ثم لقّب نفسه بـ«أبو الطيب». ومنذ ذلك الحين، بدأت رحلته في عالم تفخيخ السيارات. فقد شكّل فاضل مع أبو أحمد الشامي وأبو عبيدة التلّي مجموعة تفخيخ يقودها شخص يلقّب بـ«أبو دجانة اللبناني» (خبير متفجرات)، خضعت لدورة تجهيز العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات داخل أحد المقارّ في مزارع ريما في القلمون. ودُرّب فاضل على كيفية تحضير وتجهيز المواد المستخدمة في التفجير وكيفية حشوها داخل العبوات والأسطوانات المعدنية ثم وضعها في السيارات. وأفاد الموقوف بأنّه طيلة فترة انتمائه لـ«جبهة النصرة» عمل مع المدعوين أبو دجانة وأبو عبدالله العراقي في مجال تفخيخ السيارات ليشارك في تفخيخ خمس سيارات، علماً بأنّ هذه المجموعة لم تكن تعمل حصراً لمصلحة «النصرة» فحسب. فقد بيّنت اعترافات فاضل أنّهم فخخوا سيارات لمصلحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في القلمون أيضاً، بإمرة أبو عبدالله العراقي.
وعن وجهة السيارات التي جرى تفخيخها، كشف الموقوف أنّ إحداها فجّرها الطيران السوري بعد استهدافها أثناء محاولة إخفائها بين الأشجار في منطقة السحل. أما الباقية، فقد كشف أنّه جرى تفجير ثلاث منها، اثنتان استهدفتا الجيش السوري، والثالثة والرابعة أُدخلتا إلى لبنان. والسيارة الثالثة من نوع جيب شفروليه سوداء اللون تحمل لوحة لبنانية. وذكر الموقوف أنّ أمير «الدولة» شخصياً أشرف على تجهيزها وتولى أبو الحسن الفلسطيني (عُيِّن أميراً لـ«الدولة» في القلمون ثم قُتل بقذيفة للجيش اللبناني أثناء اقتحام عرسال) وأبو الهيجاء اللبناني نقلها إلى عرسال، ومن هناك أُدخلت إلى الداخل اللبناني. وأفاد بأنّه علِم بعد شهر أنه تم تنفيذ عملية انتحارية بواسطتها ضد إحدى السفارات في بيروت. وقد تبين بنتيجة المتابعة من قبل عناصر الأمن العام أن مواصفات السيارة المذكورة تنطبق على السيارة التي استهدفت السفارة الإيرانية.
أما السيارة الرابعة، وهي من نوع بيك أب تويوتا تاكوما لون رمادي تحمل لوحة لبنانية، فقد جرى تجهيزها وتفخيخها ونُقلت إلى الداخل اللبناني، لكن لم تعرف أي تفاصيل بشأنها، أي أنّها لم تُضبط ولم تُفجّر بعد.
كذلك ذكر الموقوف وجود فيلا لنائب في البرلمان السوري كانت تُستخدم مقرّاً لإيواء الانتحاريين، كاشفاً أنه التقى ستة انتحاريين فيها وهم: أبو محمد التونسي (نفّذ عملية انتحارية في لبنان) وقد شاهد عبر الهاتف الجزء العلوي لجسده بعد تنفيذ العملية. وأبو مصعب التونسي وأبو العز السوري وأبو عمار اللبناني، (من طرابلس عمره عاماً) وأبو مصعب اللبناني، (من وادي خالد عمره عاماً) وأبو رعد.
قبل سقوط مزارع ريما، ذكر الموقوف أنّ بعض العناصر المقاتلة بدأت بسرقة المنازل هناك. فوقع خلاف بينه وبين «أبو دجانة اللبناني» على خلفية رفضه السرقة، كاشفاً أنّ محتويات المنازل التي تُسرق كانت تُباع في عرسال. وبنتيجة الخلاف، ترك المزارع لينتقل إلى عرسال عبر فليطا. وأقام لدى شقيقته لفترة وجيزة في عرسال (تبينّ أنّها متزوجة قيادياً أمنياً في جبهة النصرة)، ثم انتقل إلى القبيات حيث عمل في محطة محروقات حتى توقيفه.